فتح النواب ملفات تتضمن اتهامات جديدة أيضا وصفوها بـ «المبينة» ضد الوزير عبدالله حسن سيف وذلك في ثاني وآخر جلسات استجواب وزير المالية بشأن التجاوزات في هيئتي التقاعد والتأمينات، وكانت ردود الوزير على التهم خالية من «مفاجآت».
وبحسب مصادر برلمانية حضرت الاستجواب كان النائب يوسف زينل هو المتصدر للكشف عن المستندات الجديدة التي تتحدث عن التجاوزات إذ نثر تلك المستندات على طاولة الاستجواب إلا أن الوزير اعاد تقديم ما قدمه في جلسات نقاش تقرير لجنة التحقيق البرلمانية وأدى عدم اقتناع النواب بها إلى استجوابه. وفي سؤال لـ «الوسط» عن تقييمه لمستوى استجواب النواب قال النائب فريد غازي: «اتسمت ردود الوزير أمام قوة حجة النواب بالمماطلة والتشتيت وهذا حقه في الدفاع».
الوسط - عقيل ميرزا
استمع وزير المالية والاقتصاد الوطني عبدالله حسن سيف في جلسة استجوابه الثانية إلى اتهامات جديدة بالجملة من بعض النواب المستجوبين لم يرد على غالبيتها، إذ كانت جلسة أمس أكثر حماسا من سابقتها وتمت محاصرة الوزير بأرقام جديدة لم يجب عليها، وكان النائب الأكثر كشفا لتلك الأرقام بحسب مصادر برلمانية حضرت الاستجواب هو يوسف زينل، إذ أمطر الوزير سيف بوابل المستندات الجديدة التي يكشف عنها لأول مرة منذ بدء التحقيق في أوضاع هيئتي التقاعد والتأمينات.
ترقية 83% من موظفي الصندوق في سنة واحدة
وكان ضمن ما أدلى به النائب زينل بحسب المصدر «إن نسبة الترقيات خلال العام 2003 وصلت إلى 83 في المئة من موظفي صندوق التقاعد على رغم أن قانون ديوان الخدمة المدنية لا يسمح بترقية أكثر من 3 في المئة من موظفي الصندوق خلال سنة واحدة، وإن تلك الترقيات أيضا حصلت بطريقة غير قانونية إذ تمت ترقية العشرات بطريقة تخالف قانون الترقيات من خلال نقلهم من درجاتهم إلى درجات أخرى تصل إلى ثلاث وأربع درجات أو أكثر دفعة واحدة على رغم أن القانون لا يسمح بأكثر من درجتين في الترقية الواحدة».
وأشار المصدر إلى «أن النائب زينل كشف عن جدول كان في يده أثناء الاستجواب يوضح الأسماء التي تمت ترقيتها مرفقة بالأرقام الشخصية لأولئك الموظفين».
كل الموظفين «امتياز» في صرف «البونس»
وأوضح زينل بحسب المصدر «إن إدارة الصندوق كانت تستخدم جدولة معينة لصرف (البونس) وهي تقسيم الموظفين إلى درجة امتياز وجيد جدا وجيد ومقبول، وذلك من أجل صرف (البونس) السنوي على الموظفين كل حسب أدائه إلاّ أن الصندوق أعطى كل موظفيه في العام 2003 درجة امتياز ومن دون استثناء على رغم الظروف المعسرة التي كان يمر بها صندوق التقاعد والذي يفترض ألا يسمع أساسا بتوزيع ذلك (البونس) إلا بعد التأكد من وجود ربحية للصندوق والحال لم يكن كذلك».
مستشار أجنبي يتسلم تذاكر لزوجته التي لم تزر البحرين
كما قال المصدر «إن زينل واجه الوزير بتجاوز آخر يشير إلى أن هناك في الصندوق مستشارا قانونيا أجنبيا بعقد لا يسمح له بتسلم «بونس» إلا أنه كان يتسلم ذلك، وكذلك كان يتسلم تذاكر سفر له ولزوجته التي لم تأت البحرين قط».
وذكر المصدر «إن الوزير سيف استمع كذلك إلى نقد زينل بشأن المخصصات الدراسية التي كانت تدفع من دون أدنى تدقيق إذ أصبح الموظف في الصندوق لا يحتاج إلى أكثر من رصيد للحصول على بدل منحة دراسية حتى وإن كانت الدراسة سبقت الطلب بسنوات، وحتى لو كان الموظف لم يجتز الكورس الدراسي الذي بدفع رسومه».
الإجازات في «التقاعد» سنوية!
وذكر زينل بحسب المصدر «لم يكن نظام الإجازات في صندوق التقاعد وفق النظام المتبع في وزارات الدولة خصوصا بشأن تراكم الإجازات والنظام المتبع هو أن الموظف لا يمكن له أن يراكم أكثر من 75 يوما من إجازته السنوية وفي حال زاد عدد أيام إجازته المتراكمة على هذا الحد فإنه يخسر تلك الأيام إلا أن النظام المتبع في الصندوق يختلف عن هذا النظام فلا يهم أن يراكم الموظف 100 يوم أو 200 يوم أو حتى سنة وبالتالي يمكن له أن يأخذها دفعة واحدة ما أدى إلى نقص في الموظفين اضطر الإدارة إلى توظيف آخرين بسبب غياب عدد من الموظفين لمدد طويلة».
قروض من غير فوائد!
وكشف زينل بحسب المصدر عن أسماء الموظفين الذين يقترضون من الصندوق من غير فوائد على رغم أن القانون يلزم المقترضين بدفع 3 في المئة من قيمة القرض أرباحا وهذا معمول به مع كل موظفي القطاع العام إلا أولئك الموظفين الذين حازوا على رضا إدارة الصندوق والذين منهم أقرباء للوزير إذ بلغ مجموع قروضهم نصف مليون دينار.
وقال المصدر «إن الوزير سيف برر ذلك بأن تلك القروض كانت تمنح لأسباب إنسانية وللمعوزين من موظفي الصندوق على رغم أنه كان ضمن أولئك المقترضين عدد من كبار الموظفين في الصندوق» عندها تدخل النائب فريد غازي بقوله «إن المساواة في الظلم عدل فإذا لم يؤخذ فوائد من موظفي الصندوق كان يجب ألا تؤخذ فوائد من كل موظفي الدولة».
دوام ساعة واحدة فقط في الأسبوع!
كما كشف النائب زينل بحسب المصدر عن «إن المدير العام المساعد للشئون الإدارية والمالية كان يداوم بالإضافة إلى الصندوق في بنك الإسكان كذلك، وانه لم يكن يحضر صندوق التقاعد إلا فترة ساعة واحدة في الأسبوع، وعلى رغم ذلك كان يتمتع بميزات عالية إذ صرفت له سيارة «كابرس» من الصندوق وكان يحصل على «بونس» سنوي بصل إلى 275 في المئة وتصرف له كذلك كوبونات وقود وبدل استخدام هاتف نقال».
وأضاف المصدر «هذه الميزات لم تقف عند حد هذا الموظف بل امتدت إلى سكرتيره الذي كان موجودا في الصندوق من دون وظيفة أو عمل على رغم ذلك كان يصرف له «بونس» 200 في المئة من راتبه ويحصل على بدل استخدام هاتف نقال أيضا».
سَفرة دراسة بـ 15 ألف دينار!
وكشف زينل بحسب المصدر أيضا «إن مدير إدارة المعاشات والمكافآت والذي نقل من وزارة المالية والاقتصاد الوطني - وكثيرون هم الذين نقلوا من هناك- سافر في إحدى دوراته التي لم نكن ضمن اختصاص عمله إلى الولايات المتحدة الأميركية وبلغت كلفة سفره 15 ألف دينار، وإن إجمالي كلفة سفراته التي كانت تحسب على الدورات 2311 دينار في سنة واحدة».
التحفظ على أسلوب لجنة الخدمات لا يزال قائما
وكانت الجلسة الثانية لاستجواب وزير المالية والاقتصاد الوطني عبدالله حسن سيف بدأت بالتحفظ الذي أثارته اللجنة التشريعية أمس الأول بشأن الأعراف البرلمانية التي صاغتها لجنة الخدمات والتي اعتبرها أعضاء اللجنة التشريعية أنها جاءت بعيدة عن استشارتهم وهم المعنيون في صوغ القوانين والمبادئ القانونية معتبرين أن لجنة الخدمات أقرت مبدأ خطيرا مناقضا للأعراف البرلمانية وهو جواز توجيه أسئلة من أعضاء لجنة الخدمات للمستجوبين وهذا مبدأ خطير يمكن الحكومة من تشتيت وجهة نظر النواب عن الموضوع الأساسي عن طريق استمالة من النواب في اللجنة المختصة.
وتطرق المستجوبون بحسب المصدر إلى مناقشة قرض بنك البحرين والشرق الأوسط، وكيفية تخصيصه بإلغاء الدين عنه إذ وكيف خالف ذلك القرار لأبسط أسس التدقيق والمحاسبة، إذ علمت «الوسط» أن النائب جاسم عبدالعال تقدم بمستندات تثبت تجاوزات الوزير، وأيده في ذلك النائب جاسم أبو الفتح والنائب عبدالنبي سلمان.
كما تطرق المستجوبون إلى إلى إسقاط قروض الاستبدال لكبار موظفي الهيئة إذ أدلى المستجوبون بدلوهم في هذا الشأن وكان الوزير أيضا لا يمتلك الرد الكافي ومن ثم تم الانتقال إلى النقطة الأخيرة في الاستجواب وهي وديعة بنك البحرين السعودي بمقدار 35 مليون دينار والتي هي حق المشتركين في التقاعد متجاوزا بذلك الوزير كل الأعراف المصرفية وقد قدم عبدالعال المستندات الدالة على تجاوز الوزير في هذا الشأن.
غازي: الوزير متشتت في إجاباته
وفي سؤال وجهته «الوسط» للنائب فريد غازي بشأن تقييمه لمستوى استجوابات النواب وردود الوزير قال: «اتسمت ردود الوزير أمام قوة حجة النواب بالمماطلة والتشتيت وهذا حقه في الدفاع، مع بالغ احترامنا وتقديرنا له إلا أننا نطالب أعضاء لجنة الخدمات بإصدار تقرير يعتمد على الحجج التي قدمناها يدين وزير المالية والاقتصاد الوطني سياسيا ويحمله المسئولية الكاملة بشأن هذه التجاوزات تمهيدا لطرح الثقة فيه وذلك إحقاقا للحق ولصون حقوق وأموال الشعب من القرارات التي تؤدي إلى صوغه ونهيب بالنواب التكاتف لإنجاح الرقابة البرلمانية على مثل هذه التصرفات التي أبسط ما توصف بأنها تجاوزات مالية وإدارية ولإعطاء صدقية للمشروع الإصلاحي الذي قاده جلالة الملك، وإن أي توان في المحاسبة سيكون له انعكاس شعب في أوساط الناس ما يفقد النواب صدقيتهم».
أبدى عضو مجلس النواب النائب عبدالنبي سلمان وأحد مقدمي الاستجواب استغرابه للتغطية الإعلامية «غير المتوازنة بكل المقاييس» التي أظهرتها بعض الصحف المحلية حيال الجلسة الأولى للاستجواب «نظرا إلى ما شاب تلك التغطية من ابتسار وتجيير متعمد لمحاولة إظهار الوزير المستجوب عبدالله حسن سيف في موقف قوي على عكس ما أظهره خلال الجلسة الأولى للاستجواب، إذ أظهر الوزير المستجوب تكرارا مملا للسيناريوهات والتفاصيل ذاتها التي أدلى بها من قبل».
وقال: «بينما كانت مداخلات المستجوبين تفصيلية وموثقة بالأرقام والأدلة التي لم نجد على غالبيتها الإجابات المقنعة والشافية والتي لم توصلنا في نهاية المطاف إلا إلى نتيجة واحدة وهي ان كل ما ذهبنا إليه بالنسبة إلى استجواب وزير المالية تأكد بالدليل، إذ ان الوزير تفنن في الابتعاد بعيدا في إجاباته محاولا فقط إيهام لجنة الخدمات بمعلومات لا تمت للقضايا المعروضة بصلة، علاوة على عدم قدرته على تفنيد الحجج الواردة في الاستجواب على رغم تكرارنا له بالإجابة التفصيلية على أسئلتنا إلا أنه اكتفى بالاستناد على عرضه الذي سبق وأن قدمه إلينا في جلسات اللجان وجلسات المجلس النيابي، ما أكد لنا عدم قدرته على الاقناع، وربما ذلك مرجعه إلى أن الحقائق باتت أمرا واقعا وواضحة للعيان وهو ليس في موقع الآن لدحضها كما ادعى أو حاول إيهامنا»
العدد 594 - الأربعاء 21 أبريل 2004م الموافق 01 ربيع الاول 1425هـ