العدد 593 - الثلثاء 20 أبريل 2004م الموافق 29 صفر 1425هـ

البلديات... واقع دعم المنتخبين إلى المنتخبين

بتول السيد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يرى متابعون أن هناك قصورا واضحا في دعم المجلس النيابي المنتخب للمجالس البلدية المنتخبة إذ إنه على رغم كثرة المشكلات التي تثار بين الفينة والأخرى وفي فترات تبلغ مداها لتصل إلى شكاوى يومية غالبيتها ناتجة عن «مسلسل نزف اختصاصاتها» من قبل وزارة شئون البلديات والزراعة على حد تعبير بعض البلديين، وإن هدأت بعض حلقاته أخيرا. ومن مسلسل آخر لتهميشها من قبل بعض الجهات الحكومية فإن التحركات النيابية لدعم المجالس البلدية لم تصل بعد إلى المستوى المنشود، والأعجب من ذلك أن الكثير من النواب غير مطلع أصلا على قانون البلديات وغير متفهم لمعضلاتها ولو ارتفع صوته مرارا بالاستعداد إلى دعم البلديين إلا أن كل ذلك لا يعدو كونه دعاية دعم صورية.

وعلى الصعيد ذاته لو قارنا مواقف الدعم النيابي للبلديين بمواقف التدخل النيابي في الاختصاصات البلدية سنجد الغلبة للمواقف الثانية عوضا عن الأولى. ويمكن القول إن أبرز التحركات تمثلت في أسئلة النائب حمد المهندي إلى وزير شئون البلديات التي طرحها العام الماضي وكانت عن السند القانوني لاتخاذ الإجراء الخاص بلجنة الزوايا وتبعية الجهاز التنفيذي للبلديات وطبيعة العلاقة بين الوزارة والبلديات، ومعاودة سؤاله بخصوص لجنة الزوايا هذا العام، إضافة إلى مقترح تعديل قانون البلديات - لم نسمع عن مصيره في الآونة الأخيرة - قدمه النائب فريد غازي وكأنه ظهر واختفى أو لعله لا يزال حبيسا في أروقة مجلس النواب، تماما كحال بعض الوعود التي أطلقتها بعض الكتل النيابية بشأن التحرك لدعم العمل البلدي. والتحرك هنا يجب أن يعنى به التحرك الجاد تجاه مختلف الهموم البلدية لا التركيز على موضوع لا يشكل سوى حلقة - ليست الأقوى - من مسلسل النزيف البلدي. إذ على رغم تحرك المهندي مرتين إلا أنه كان من الأجدر أن يستغل سؤاله الثاني إلى الوزير ليثير إشكالية أخرى وما أكثر الإشكالات البلدية، وخصوصا أن الرد جاء متشابها فلا جديد في طرح السؤال أصلا وإن تذرع بعدم القناعة بالرد السابق، ما دفع الوزير إلى أن يرد عليه عندما ذكر بألا جديد فيما طرح بأن السؤال أصلا لم يأت بجديد، ولا يمكن القول إلا بأنه كان محقا. أما بشأن تداخل الاختصاصات مع البلديين فيجد فيها بعض النواب «شطارة وإثبات وجود» فنرى بعضهم يقدمون اقتراحا برغبة لتطوير شوارع، وآخر يرفع قائمة بالبيوت الآيلة إلى السقوط إلى وزير الإسكان، وغيره يتدخل في موضوع مخطط لجزيرة النبيه صالح، وغيرها كثير. وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى قول لعضو بلدي المحرق الوفاقي حسين عيسى عن دعم النواب «هم ممثلون حاملون لهموم الشعب ويجب أن تتحرك نخوتهم تجاه الخدمات البلدية عوضا أن يتحول بعضهم إلى نواب خدمات». كما أن بعض النواب يستاءون أصلا من وضعهم الخدماتي ويرثون المجالس البلدية، وبحسب النائب فريد غازي فان 70 في المئة من عمل النواب خدماتي في مقابل 30 في المئة للعمل الرقابي والتشريعي ولا أدل من ذلك على ضعف في صلاحيات فئتين من المنتخبين، إحداهما قادرة على دعم الأخرى لو تحفزت لذلك بصدق أو لو أرادت.

ولكن على رغم كل ذلك لا يمكن توجيه اللوم للنيابيين فقط، إذ إن البلديين الذين يرضون في كل مرة باللعب في مرمى بلا حارس ويدورون في حلقة مفرغة مع «حبشي وإذنه»، ليسوا ببعيدين عن اللوم. إذ لا يمكن طبعا لنحو نصفهم (22 عضوا بلديا بينهم ثلاثة رؤساء مجالس ونائب رئيس) جميعهم مقاطعون أن يستنجدوا بالمؤسسة التشريعية التي جعلوها محرمة عليهم رسميا - بمحض إرادتهم - ومباحة وفق أطر تبدو وكأنها سرية تحت مظلة العلاقات الاجتماعية والتعامل غير الرسمي أو الاستنجاد غير المعلن، أو المكابرة إن جاز التعبير لعدم الاعتراف بإشكاليات المقاطعة، ومن ثم لا يمكنهم سوى القول «لا تعودوا بنا إلى المربع الأول» كما قال احدهم تعليقا على سؤال وجه إليه بخصوص آلية جمعية الوفاق الوطني الإسلامية برفع مقترحها لتعديل قانون البلديات إلى السلطة التنفيذية عوضا عن التشريعية وهو المقترح الذي نجح في ملامسة الجروح البلدية إلا أنه ووفق آلية تمريره قد يعزز التجاهل النيابي للهموم البلدية، ما يجعل المجالس حائرة في مفترق الطريق فلا هي جادة في رفع دعوى قضائية ضد الوزير ولا قابلة بالدعم النيابي لإشكالات المقاطعة أو لعلها كذلك ولو بأسلوب ملتو وخصوصا عند الأخذ في الاعتبار بعض التصريحات. ولا حاجة هنا إلى التذكير بشعار لم يكد يفارق غالبية الجدران «البرلمان هو الحل»، والتحدي الآن يمكن أن يرمى في حضن هذا البرلمان ليبرهن صدقه ولو من موقع بسيط من خلال دعمه إلى مثلائه المنتخبين في المجالس البلدية وإنقاذ مشروع كان من أوائل اللبنات الإصلاحية، أما بالنسبة إلى تحدي البلديين الوفاقيين فيكمن في قبولهم الحالي بهذا الحل وإن كان من خلال اتباع أسلوب «النتيجة الواحدة». أما في حال رفضهم له عند إحالة مقترحهم إلى السلطة التشريعية فما عليهم سوى التحرك لأخذ حقهم بأيديهم إن عجزت أياد أخرى عن مساندتهم في أخذه، والآلية الوحيدة التي يمكنهم اتباعها في هذه الحال كونها الأكثر فاعلية تتمثل في الاحتكام إلى القضاء وهو حل سبق للبلديين طرحه إلا انه ظل مجمدا ولعله كان مجرد حلقة من مسلسل التهديدات التي يسوقونها إلى وزير شئون البلديات ومن ثم لا تلبث أن تتبدل العلاقة إلى «صافي يا لبن» - على رغم المنغصات التي تعتريها - ويبدو بأن كل المناوشات كانت مجرد استخفاف وظهور إعلامي. تماما كما حدث عندما ارتفعت عقائر البلديين معترضة على المجلس الأسبوعي للوزير، إذ ما لبث أن أصبح مزارا يؤمه بعضهم إما كناصر لقضية قريب أو صديق أو ابن المنطقة على أقل تقدير، أو كمراقب يضمن عدم المساس بصلاحياته كعضو مجلس بلدي. رئيس بلدي العاصمة الوفاقي مرتضى بدر قال في تصريح سابق له «لغاية اليوم لم نسمع ولم نر أية خطوة عملية من قبل المجلس النيابي لدعم المجالس البلدية عدا أسئلة النائب حمد المهندي». وذلك تعليقا منه على رفض تشريعية النواب لمقترح برغبة قدم بصفة مستعجلة من بعض النواب للفصل في صلاحيات المجالس البلدية ووزارة شئون البلديات لعدم قانونية صوغه. وسبق وأن قال عضو بلدي المحرق الوفاقي حسين عيسى عن الدعم الذي يمكن أن يقدمه المجلس النيابي في ظل إشارة بعض أعضائه إلى عدم تواصل البلديين معهم والذين ينوه بعضهم في المقابل بقصور دعم النيابي لهم «لا ينتظر أي نائب في أي موقع أن يأتي له الناس بمشروعات، فعليه أن يكون سباقا وحصيفا ويقرأ ما بين السطور من خلال السلطة الرابعة (الصحافة)، وتساءل: «هل ينتظرون أن يقدم لهم البلديون عريضة تدلل على ما يعانونه أكثر مما يطرح في الصحافة؟» مشيرا إلى أن «اللبيب بالإشارة يفهم». وهنا إشارتان إحداهما واضحة والأخرى رسالة رمادية وصلت النواب بالتأكيد ولكن يبدو بأنهم يتغافلونها، ربما حتى يظل لبعضهم فتاتا من الاختصاصات البلدية والتي على رغم ضعفها ما فتئوا ينافسونهم عليها وكأن لسان الحال يقول «الحال من بعضه»، وعموما حتى لو كان الطرفان يشعر بعرج في سيره فعلى الأقل يجب أن يدرك أحدهم بأنه يملك عكازا لا يمتلكه الآخر وعندئذ عليه أن يتساءل ما المانع في إعانته على السير. ومن جهة ثانية لا يمكن تعليق المشكلة على الوفاقيين فقط إذ إن هناك أعضاء آخرين ليس من المستحسن أن يقذفوا الكرة في ملعب هؤلاء في كل مرة، إذ من واجبهم أيضا التحرك وخصوصا وأنهم في وضع غير مقيد، أما مجرد «الفرجة» على خطأ اللعبة فلن يفيد أيا منهم ولن يقدم أو يؤخر في خطوات العمل البلدي التي قد تقوده نحو الرقي. أما المشكلة الأخرى التي تجدر الإشارة إليها فهي واقع دعم البلديين إلى البلديين إذ إنهم بلا تواصل وبلا تنسيق فعلي يعنى بحل مشكلاتهم إذ حتى لو وجد سرعان ما تذرو نتائجه الرياح، وإن كان هناك تنسيق ففي شئون أخرى تعود بهم نحو المركزية «ببركة وزارة شئون البلديات»، وبمباركة المجالس نفسها أحيانا. وختاما يمكن أن نقول إلى أعضاء المجالس يكفيكم تباكيا وخلافا وليتوقف البعض عن لعب دور الدمى، وإلا فستتلقون المزيد من الصفعات التي لا تأخذون منها دروسا فمن إقرار تبعية الجهاز التنفيذي في البلدية إلى وزير شئون البلديات من قبل الديوان الملكي، إلى المنحة الحكومية «المنسية» جدار هزيل يسهل على صفعات أشد أن تتوالى لتثبت عجزكم في كل مرة، ليبدو وكأن هناك مخططا للصمت عن شكاواكم حتى تنفجروا فلا ترحمون ولا رحمة الله تنزل عليكم

العدد 593 - الثلثاء 20 أبريل 2004م الموافق 29 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً