العدد 593 - الثلثاء 20 أبريل 2004م الموافق 29 صفر 1425هـ

كلمة الحق وحق الكلمة

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

إن المدخل «للدمقرطة» يبدأ من حرية التعبير من أجل تمثيل الإرادة الشعبية وتطبيق مبدأ الشعب مصدر السلطات، والصحافة هي الشارح لهذه الإرادة، فهي سلطة رابعة في النظام السياسي في الدولة، لها سلطة معنوية ركنها الركين نفوذ الكلمة وسلطانها.

وتضع الدول قيودا على الصحافيين يجب مراعاتها كاحترام الدستور ومقتضيات الشرف والأمانة والصدق وآداب مهنة الصحافة، وما يحفظ للمجتمع مثله وقيمه وبما لا ينتهك حقا من حقوق المواطنين. وكذلك عدم الانخراط والترويج للدعوات العنصرية أو المتعصبة أو المتطرفة أو المعادية لحقوق الإنسان، وعدم امتهان الأديان والدعوة إلى كراهيتها أو الطعن في إيمان الآخرين أو الدعوة إلى «التمييز» بين بعض الفئات والطوائف أو ازدرائها والحط منها. ولا يجوز للصحافي أن يتعرض لحياة المواطنين الخاصة. أما نقد الموظف العمومي أو النائب فهو مباح ما دام يستهدف المصلحة العامة.

ولكن تتسع تلك التقييدات وتتوالد تأويلاتها كلما اقتربنا من الدول النامية، وبالعودة إلى أصل تلك التقييدات نجد أن من وضعها، إما مستبد دكتاتور أو بتدخل وإيعاز من جانب المستعمر. ففي العام 1922م قامت بريطانيا بعمل تعديلات على القوانين في مصر تقيد من حرية الصحافة والتعبير، وكذلك قامت فرنسا أيضا بالعمل ذاته في المغرب العربي إبان الاستعمار، ولكن كثيرا من الدول العربية رسخت تلك القوانين والتقييدات بحجة أنها متوافقة مع خصوصية المنطقة العربية، وتتناسى الدول العربية أن تلك القوانين إنما هي نابعة من الغرب أصلا!

ويرفض المشرّع العربي إقرار قيم الحرية والديمقراطية بحجة إنها معادية لخصوصية أهل المنطقة، وهكذا دائما يكون الخيار بصفة انتقائية، من قبل أصحاب مصالح مرتبطة بتلك التشريعات البالية، كل ذلك من أجل التقييد والتضييق على كلمة الحق وحق الكلمة.

وهذه الخصوصية المفترى عليها من قبل الأنظمة التسلطية، قد تكون قبلية/عشائرية أو جغرافية/ مناطقية أو دينية، والأخيرة دائما هي المفترى عليها، وكأن الدين أغلال من حديد، وهو ليس كذلك، فلم نر من النبي (ص) أو خلفائه (ر) ما يناقض مبدأ حرية طرح الرأي والقول والسؤال..إلخ، والأمثلة على ذلك كثيرة.

والسؤال: هل - نحن العرب - كائنات تختلف عن الكائنات البشرية الأخرى التي تعيش على كوكب الأرض؟ فهل إنسان الرياض يختلف عن إنسان لندن؟ وهل إنسان المنامة يختلف عن إنسان باريس؟ إنهم يفكرون ونحن كذلك، وهم يأكلون ويشربون كما نأكل ونشرب كذلك، إنهم... ونحن كذلك، هم يعبرون عن أفكارهم أما نحن غير ذلك!! لماذا؟

وتطالب الدول المتخلفة شعوبها بالارتقاء في الثقافة والتنمية والمعرفة، فأية تنمية وأية ثقافة وأي تقدم في ظل هذا التكبيل والتقييد والتضييق على حرية التعبير بالقول أو الكتابة في الصحافة؟!

يضاف إلى التقييدات التي سقناها، قيود مجتمعية شتى، وتلك القيود إما من نوع المجاملات الشخصية، فلأن فلان يزعل (أو يبرطم) لا أحبذ أن انتقده، ولأن فلانا يجعل مني حكاية على كل لسان في المجالس فلذلك سأمتنع عن نقده، وفلان مركزه مرموق فإني سأسكت عن خطئه. وأيضا الضغوط القبلية العائلية والطائفية وغيرها، ففلان ابن الطائفة إذا خدشت أو جرحت منه موضعا فقد جرحت الطائفة وفضلت طائفة أخرى عليها، وأكثر ما يكون هو هذا الوضع الشاذ في واقعنا البحريني، وبدا ذلك واضحا في مناهضة حملة استجواب لوزير.

وعلى رغم كل تلك القيود، فإنه يجب علينا - وعلى خطين متوازيين - أن نتمسك بما حزناه من حرية تعبير، ونطالب بزيادة رقعتها في آن واحد، ولا يكون حالنا كمن يقول: إما كل شيء أو لا شيء! بل نقول شيء من أشياء قادمة

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 593 - الثلثاء 20 أبريل 2004م الموافق 29 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً