العدد 2359 - الخميس 19 فبراير 2009م الموافق 23 صفر 1430هـ

عطلة بين عطلتين!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في تقريرين نشرتهما «الوسط» يومي الأحد والإثنين الماضيين، تم الحديث عن العطلة الاختيارية للعدد الأكبر من طلبة وطالبات المدارس الخاصة والعامة.

التقرير الأول تحدّث عن غياب شبه كامل للطلبة في أول يومٍ من الفصل الدراسي الثاني، فقط لأنه اليوم الدراسي الأول بعد عطلة الربيع لا غير. أما التقرير الثاني فتحدّث عن استمرار التغيّب لليوم التالي، بمناسبة ذكرى الأربعين. ولاحظ الجميع هدوء الشوارع وعدم تسجيل أية حوادث مرورية بالقرب من المدارس، وهو الجانب الإيجابي الوحيد ربما في موضوع الغياب الاختياري. أما الجوانب السلبية التي نتركها كمجتمع وكأولياء أمور، فإنها لن تنحصر فقط في تأخر استيعاب المنهج المقرّر والاضطرار إلى «زلطه» نهاية العام، بل في شيوع روح الإهمال والتسيب وعدم الجدية، وكلّها عوامل تصب في خانة التجهيل.

في الأعوام السابقة، كان ملحوظا تدنّي نسبة النجاح في المدارس الابتدائية والإعدادية، حتى وصلت أحيانا إلى النصف، (54 في المئة فقط)، وهي نسبةٌ كارثية، يقع جزء كبير من المسئولية عنها على الوالدين. وتبرير التسيّب والإهمال وعدم الاكتراث بالتحصيل العلمي، سينتج جيلا ضعيفا يميل لحياة الدعة والراحة. ولكم أن تنظروا عشر سنوات إلى الأمام، وتتخيّلوا ثمار هذه الحالة التي نسكت عنها جميعا، إذ ستقل الكوادر البحرينية الجادة التي تصعد السلم الاجتماعي، وتمثّل لب شريحة الطبقة الوسطى التي تتميّز بها البحرين، من أطباء ومهندسين ومديرين ومعلّمين... لتحلّ محلها وتملأ فراغها كوادر مؤهلة من الخارج.

الأخطر من ذلك، حين تكون هناك حالة من القبول الاجتماعي العام باستمرار هذا الوضع، فليس من المعقول أن نأخذ عطلة «طوعية» كلما وقع يومٌ «يتيمٌ» بين يومي عطلة، أو في أعقاب عطلة طويلة. حتى لو دخلنا من باب «التحاريم» والمناسبات الدينية، فالمشاركة في مواكب العزاء ليست أهم من طلب العلم. كما أن الكثير من المتغيبين عن المدرسة، يقضون أغلب أوقاتهم إما في النوم حتى الضحى، أو مشاهدة التلفزيون حتى منتصف الليل، أو التسمّر ساعاتٍ طويلة أمام الكمبيوتر.

إن هذه الصورة السلبية تكاد تمحي الانطباعات الإيجابية التي تشيعها مظاهر الاحتفاء بالعلم ومنتسبيه، سواء من الجانب الرسمي حيث يتم إحياء عيد العلم سنويا، أو ما يقوم به الجانب الأهلي من جمعيات وصناديق خيرية في تكريم المتفوقين في مختلف مناطق البحرين. فأنت أمام صورتين متناقضتين لمجتمع واحد، شديد الاهتمام بالجانب البروتوكولي والمظاهر وقبعات التخرّج، وبالمقابل لا يكترث إطلاقا باقتطاع عطلةٍ مجانيةٍ من أيام التعليم هكذا بحسب المزاج، وتعطيل الدراسة لـ129 ألفا من أبنائه وبناته.

التقرير أشار إلى أن معظم الهيئات الإدارية في المدارس الحكومية والخاصة شدّدت على احتساب يومَيْ الغياب في التقرير النهائي، ولكنها خطوةٌ تأتي في الوقت الضائع، لن تؤثّر على أحد أو تغيّر حسابات أحد. وقد سبق للوزارة أن هدّدت بإجراءات أخرى في مناسبات سابقة من دون جدوى. فالموضوع لن تحله التهديدات والإجراءات العقابية، ولكن يحله تغيير القناعات، لمجتمعٍ يجنح أكثر فأكثر نحو حياة الراحة والخمول.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2359 - الخميس 19 فبراير 2009م الموافق 23 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً