العدد 593 - الثلثاء 20 أبريل 2004م الموافق 29 صفر 1425هـ

ثاتيرو يصحح أخطاء أثنار

نادرا ما يتصرف السياسيون على عجل ويسعون لتحقيق الوعود التي قطعوها خلال الحملات الانتخابية، ولكن رئيس الوزراء الاسباني الجديد خوسيه لويس ثاتيرو رجل سياسي من نوع آخر إذ سارع فور تسلمه منصبه إلى الإعلان عن عزمه سحب الجنود الاسبان من العراق بأسرع وقت ممكن. وهكذا تفوق هذا السياسي الاشتراكي على نفسه. وقرر ثاتيرو التصرف على عجل لأنه يعرف أنه ليست هناك فرصة واقعية لأن يصدر قرار دولي في ظل الظروف الحالية وطلب استدعاء جنود اسبانيا من العراق. إنها خطوة شجاعة. ولا يبدو أن الولايات المتحدة تفكر بالتخلي عن تسليم القيادة للهيئة الدولية على رغم احتدام أعمال العنف في العراق. وقبل أن يتعرض الجنود الأسبان لهجمات معادية قرر ثاتيرو تنفيذ وعده على عجل لأنه يريد أن يثبت صدقيته أمام ناخبيه، ولكنه في الوقت نفسه يدير تحولا في السياسة الخارجية الاسبانية. ثاتيرو ينفذ رغبة غالبية الشعب الاسباني. وقد تجاهل رئيس الوزراء الاسباني السابق خوسيه ماريا أثنار رغبة غالبية الاسبان واستعان بالغالبية البرلمانية التي كان يحوز عليها وسعى إلى التدخل في الأزمة العراقية على رغم تحذيرات المعلقين الاسبان من أن مغامرة العراق قد تسفر عنها كارثة، ولكن أثنار مضى في ما أضمره وفضل حب الظهور إلى جانب الرئيس الأميركي جورج بوش الذي وعده بضم اسبانيا إلى مجموعة دول الثماني.

يزعم أثنار أن الكرة الأرضية أصبحت أكثر أمنا من السابق بزوال نظام صدام. وبعد اعتداءات مدريد التي كانت أسوأ اعتداءات تشهدها اسبانيا اتهم أثنار الاشتراكي ثاتيرو بالخنوع للإرهاب، ولكن ثباتيرو رفض هذا الاتهام وقال انه ليس جبانا وإنما يعمل بسياسة نزيهة وبراغماتية.

تحارب اسبانيا الإرهاب منذ سنوات طويلة وقد ركزت أجهزة الاستخبارات في عهد أثنار عملها على مكافحة منظمة «إيتا» وتجاهلت مكافحة تنظيم «القاعدة». وعاقب الناخبون رئيس الوزراء السابق نتيجة فشله في إدراك المجريات داخل بلده وبسبب تعجرفه وسعيه للتلاعب بالمعلومات وهكذا سعى الاسبان بأنفسهم إلى التغيير السياسي في بلدهم. يعمل ثاتيرو على إعادة اسبانيا إلى بروكسل مقر المفوضية الأوروبية بعد أن ع على قد أثنار تحالفا مع واشنطن وسعى إلى ظهور مصطلح جديد: أوروبا جديدة وأوروبا قديمة. رئيس الوزراء الاسباني الجديد لا يعتزم مواصلة سياسة سلفه بوضع العراقيل أمام الدستور الأوروبي ويريد مد الجسور من جديد مع شمال إفريقيا، كما أن تعيين ميغيل أنجيل موراتينوس في منصب وزير الخارجية علامة إيجابية لأن موراتينوس كسب سمعة حسنة في المنطقة. في نهاية المطاف، تذكر الاسبان فجأة بعد نهاية عهد أثنار أن مدريد كانت يوما مكانا عقد فيه المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط، وكسبت نتيجة استضافة المؤتمر سمعة عالمية طيبة

العدد 593 - الثلثاء 20 أبريل 2004م الموافق 29 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً