قبل أن نتحدّث اليوم عن التحرشات الجنسية الموجّهة ضد الأطفال، والمسجونة في العادات والتقاليد المتحكّمة في مجتمعاتنا الخليجية، فإننا يجب أن نتعرف على معنى التحرش الجنسي وماهيته.
فالتحرش الجنسي هو مُضايقة أو تحرش أو فعل غير مرحب به من النوع الجنسي، يتضمن مجموعة من الأفعال والانتهاكات البسيطة إلى المضايقات الجادة، التي من الممكن أن تتضمن التلفظ بتلميحات جنسية أو إباحية، وصولا إلى النشاطات الجنسية، ويعتبر التحرش الجنسي فعلا مشينا بكل المقاييس.
فقد يتم التحرش الجنسي بالطفل عن طريق الكبار أيا كانت صلتهم به، وللأسف يستغل بعض الكبار ثقة الطفل وضعفه، حتى يتم التحرش به وإهانته، ولكن مما يدعو إلى السخرية هو عندما نصطدم بالعادات والتقاليد، التي تفيد إلى ستر تعرّض بعض الأطفال إلى هذا النوع من الممارسات.
والسبب هو ضغط العادات والتقاليد غير الصحيحة في مفهوم الستر، فالمتحرش بالأطفال مهما كانت جنسيته ولونه ودينه لا بد وأن يُفضح أمره، لأن ممارسته لهذا الشذوذ لا يتوقف إلا بمماته، وعليه فإن علم فئات المجتمع بوجود هذا الشخص واطلاعهم على اسمه وهويته، قد يؤدي إلى حفظ أطفال آخرين أبرياء من هذا الوحش الموجود بينهم.
إن الوعي المجتمعي لم يصل إلى الحد الأقصى في تغيير عادة «الستر»، فالطفل ليس مجرم وإنما ضحية، ولكن العادات والتقاليد الخاطئة تجعله مجرما في نظر المجتمع، ولذلك نرى بأن كثير من الأسر تتنازل عن حقّها في إقامة دعاوى على المتحرّشين والمعتدين بالأطفال خوفا من الفضيحة.
وإننا نعرف الكثير من الأسر التي تم التحرّش بأطفالها، سواء من «العامل في البرادة» أو من «سواق الباص» أو حتى «والد الطفل أو خاله أو عمّه»، والذين أغلقوا ملفاتهم ضد التوجه بإدخال هؤلاء المجرمين إلى السجون، والسبب ضغط العادات والتقاليد، فهم في يوم ما قد ينوون الزواج والناس سترفضهم لما حدث لهم وهم صغار، أو لعدم اقتناعهم بسنوات السجن كما يقرؤوها في الصحف المحلية لقضايا مماثلة.
يجب علينا كمجتمع التصدي لهذه العادات والتقاليد الخاطئة، والبدء بمعالجة الأطفال الذين تعرضوا إلى الاغتصاب والتحرش من قبل الكبار، وعلينا إيصال صوت الأطفال إلى المحاكم، وإدخال كل من تسوّل له نفسه لمس طفل بريء إلى براثن السجون.
وليعلم أي شخص تعرّض للاعتداء الجنسي، بأنّ له الحق في مقاضاة هؤلاء، وليس الحق في السكوت والتكتّم باسم العادات والتقاليد، فالطفل لم يُحدث الفعل ولم يُغوي الكبار ليلمسونه، بل كان ضحية وحوش أباحت لنفسها تدمير براءته وتعذيبه.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2359 - الخميس 19 فبراير 2009م الموافق 23 صفر 1430هـ