إن المدخل «للدمقرطة» يبدأ من حرية التعبير التي بها يتم توجيه أركان السستام السياسي في البلاد (حاكم وحكومة، برلمان وتجمعات مهنية أو نقابية والشعب عموما) من أجل تمثيل الإرادة الشعبية وتطبيق مبدأ الشعب مصدر السلطات؛ وتعتبر الصحافة هي الشارح لهذه الإرادة، بل قد تكون الناظم لها. والصحافة سلطة رابعة في النظام السياسي في الدولة، ولا خلاف في اعتبارها سلطة معنوية ركنها الركين نفوذ الكلمة وسلطانها، وسنعرض لعمل وأوضاع الصحافة وحقوق وواجبات الصحافيين من عدة نواح.
نصت دساتير الدول المتقدمة والنقابات الصحافية والجمعيات الخاصة بمهنة الصحافة أنه لا يجوز تعريض الصحافي للمساءلة التأديبية بسبب ممارسة مهنته ما لم يخالف القانون أو تقاليد المهنة. وتختص نقابة الصحافيين وحدها من دون غيرها بمساءلة الصحافي مهنيا، وليس كما يحدث حاليا من (جرجرة وبهدلة) للصحافيين في المحاكم ووقف الكتاب بتوجيهات وقرارات إدارية من سلطة الرقابة!!
و«لا يجوز أيضا تعريض الصحافي لأي ضغط أو إكراه من أية جهة بهدف التأثير عليه، أو لإفشاء مصادر معلوماته أو القبض عليه أو حبسه احتياطيا أو اعتقاله أو سلب حريته بأي صورة». أو نقل الصحافي من مهنته إلى مهنة أخرى، سواء داخل الصحيفة أو خارجها أو نقله إلى مرتبة أدبية أقل مما كان عليه.
و«لا تكون الأوراق أو المعلومات والبيانات أو الوثائق التي بحوزة الصحافي والمتصلة بعمله من بين أدلة الاتهام ضده في أي تحقيق جنائي، وتلتزم الجهات القضائية بإعادتها كاملة إليه».
ولتأكيدها دعم الصحافة والصحافيين أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: «إن عقوبة السجن بسبب العيب في الحكومة أو التشهير بها هي عقوبة لا تتناسب مع الأهداف القانونية المرجوة»، ذلك ما يوفر ويضمن حق الجمهور في المعرفة، ومن جانب آخر يعطي الأمان الشخصي للصحافي؛ وكذلك أصدرت المحكمة الدستورية في ألمانيا: «إن الأعمال المساعدة للصحافة تتمتع بالحماية القانونية إذا كانت هذه الأعمال ضرورية في عمل الصحافة الحرة» وتقرر أيضا المحكمة الدستورية في النمسا: «إن إتلاف الشرطة لفيلم صحافي عن مظاهرة ينتهك حقوق الصحافي الدستورية»، وأصدرت محكمة حقوق الإنسان الأميركية حكما يقرر «أنه عندما يتم انتهاك حق حرية التعبير فإنه لا يتم فقط انتهاك حق الفرد الصحافي وإنما حق الذين يتلقون المعلومات والأفكار» وهم الجمهور.
وأدت، الدول الديمقراطية، التزامها تجاه حق حرية التعبير والرأي إذ «لم يتم حبس أي صحافي جراء عمله، ولم ترفع حتى مجرد دعوى قضائية ضد أي صحافي أو صحيفة بإدعاء ازدراء مؤسسات الدولة أو الموظفين العموميين، كما أن حالات منع النشر لم تتعد أصابع اليدين» راجع (الصحافة من منظور حقوق الإنسان، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان 1995).
وبالنسبة إلى العقوبة فإنها تكون «شخصية» وليست جماعية كما يحدث هنا، فإنه (يجرجر) مع الكاتب أو الصحافي رئيس ومدير ونائب مدير التحرير، وكأن الموضوع فزعة أو (هوشة فرجان ودواعيس) وبالتالي لا يبقى في الصحيفة إلا الفراش. وحتى هذا المسكين يجره رئيس التحرير، وذلك ليس لشيء إلا ليأخذ نصيبه من (الويعه والبهدله) في المحاكم!
والسؤال هنا: لقد نص دستور البحرين في المادة (20) الفقرة (ب) على شخصية العقوبة... ولكن ما يحدث الآن في ظل قانون (47)، المخالف للدستور، هو استغفال وإهانة لكل الحقوقيين والصحافيين والسياسيين، وخصوصا من هم تحت قبة البرلمان. فكيف بقانون غير دستوري يطبق على الصحافيين، في مملكة دستورية؟ ويهدد الصحافيين في كل مرة بالقانون، الذي اصبح كالسيف المسلط على رقاب الصحافيين
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 592 - الإثنين 19 أبريل 2004م الموافق 28 صفر 1425هـ