ينعقد مؤتمر تطوير التعليم الثانوي في إطار توحيد المسارات الأكاديمية في البحرين بهدف الخروج برؤية شاملة تلائم احتياجات المجتمع ومتطلباته وتلبي متطلبات العصر من خلال رفع القدرات والمهارات لدى الطلبة الذين سينخرطون في سوق عمل تتطور بسرعة مع سرعة تطور أهم التقنيات الحديثة، تقنية المعلومات.
ينطلق التفكير عندما يتحدث المرء عن استخدامات الحاسوب في التعليم إلى البرمجة وإلى دراسات تتعلق بمكونات الحاسوب، وهو ليس المقصود «بأهمية دراسة الحاسوب في التعليم». فالمقصود من دراسة الحاسوب هو «استخدام الحاسوب في التعليم» وهو بمعنى آخر تمكين أبنائنا وبناتنا من أهم تقنية نحتاجها في عصرنا لقيادة التغيير والتطوير.
إن استخدام الحاسوب للكتابة وإجراء العمليات الحسابية (SpreadSheets) وإعداد الرسومات البيانية (Graphs) أصبح من الأهمية للطلاب بحيث يتم تشبيه الاستخدام اليومي للحاسوب بالوجبات الغذائية اليومية التي يجب على الطلاب استهلاكها بصورة صحية سليمة لتمكنهم من إكمال دراساتهم. فمن دون الحاسوب يتخرج الطالب معوقا لأن عالم اليوم يتحرك في كل جزئية من جزئياته تقريبا من خلال الحاسوب.
غير أن الحديث عن استخدام الحاسوب يتطلب وعيا متكاملا وكوادر تعليمية وتسهيلات وتقنيات، وبمعنى آخر هو بحاجة إلى استراتيجية شاملة.
تعتبر فترة رئاسة بيل كلينتون من الفترات المهمة التي أدت إلى نمو الاقتصاد الأميركي ونقله إلى مرحلة متطورة من الاقتصاد المعرفي في التقنيات، فقد وضع كلينتون أربعة أهداف لاستخدام الحاسوب في التعليم، وهي:
1- توفير الحاسوب للمدرسين والتلاميذ في كل المدارس.
2- تدريب المدرسين يعتبر العامل الأهم لربط تقنية المعلومات بالتعليم ولزيادة جودة التعليم وقدرته على خدمة متطلبات المجتمع.
3- ربط جميع المدارس بشبكة الإنترنت مع العام 2000 ومضاعفة (استخدام الحاسوب كوسيلة أساسية في التعليم. ومع العام 2003 أصبح 98 في المئة من المدارس لديها خدمة الإنترنت).
4- تسهيل إمكانات فعالة في البرمجيات المتوافرة على الإنترنت ويمكن تنزيلها للاستخدام في المدارس لتوسيع قدرات الطلاب ومهاراتهم.
وكذلك الحال بالنسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير الذي خصص في العام 1997 مليار جنيه استرليني لربط المدارس بشبكة الكترونية وطنية متكاملة لخدمة متطلبات استخدام الحاسوب في المدارس.
لقد قدرت مجلة «PC Magazine» الإنفاق على الحاسوب في التعليم خلال خمس سنوات حتى 2003 في الولايات المتحدة بخمسة مليارات دولار، وان 17 في المئة من الإنفاق كان على تدريب المدرسين الذين من دونهم لن تكون هناك فائدة للحاسوب في أوساط التلاميذ.
وفي هذا الصدد قال مؤسس ورئيس شركة «مايكروسوفت» بيل غيت العام الماضي في حديث له عن بريطانيا: «إن توفير حاسوب لكل طفل هو المفتاح لنجاح بريطانيا في الاقتصاد الرقمي».
وفي فبراير/ شباط 2003 قال الوزير البريطاني المعني بشئون التربية وتقنية المعلومات مايكل ويليس إن مشروع إدخال الحاسوب إلى المدارس يعتبر «نموذجا رائعا لاستخدام التقنية في توسيع مدارك الأطفال التعليمية».
إن التلاميذ في عصرنا يتعرضون لمتغيرات عدة تفرضها الظروف الاجتماعية، وهو ما أدى إلى هبوط في القدرة على التعبير الشفوي والكتابي، ويعتبر الحاسوب وسيلة ناجحة لتطوير القدرة التعبيرية لأنه يحرك الصورة أو يوضحها الكترونيا ويعطي الفرصة للتلميذ للتعامل مع البرمجيات التي يستخدمها بطريقة تتناسب مع مستواه ثم يصعد بذلك المستوى بحسب قدراته الذاتية.
المدرسون الذين يشرفون على استخدام الحاسوب في التعليم يجب أن يكونوا من المؤهلين، لأنه من دون ذلك سيصبح التلميذ ضحية لعالم الافتراض الالكتروني الذي قد يدفع بالتلميذ إلى الخروج من عالمه الواقعي المرتبط بمن حوله إلى عالم لا يراه على الأرض. وتعتبر الرخصة الدولية بقيادة الحاسوب (ICDL) معيارا قياسيا لمهارات استخدام الحاسوب وتطبيقاتها وهي معتمدة من قبل «اليونيسكو».
الحاصل على هذه الشهادة من المفترض أنه اجتاز اختبارات الدورات التدريبية في المفاهيم الأساسية لتقنية المعلومات، استخدام الحاسوب في إدارة الملفات، معالجة النصوص والجداول الحسابية، قواعد البيانات، تصميم العروض والمعلومات والاتصالات.
كثير من المدارس المتطورة حاليا توفر حاسوبا واحدا على الأقل في كل صف لتلاميذ الحضانة والابتدائية، ومختبر مجهز بالحاسوب والاتصال بالإنترنت. ويتم التحكم في المواقع التي يمكن الدخول إليها لحماية الطفل والتلميذ من المواد غير المناسبة التي تنشر على شبكات الإنترنت. الحاسوب ذاته يحتوي على برامج معددة خصيصا لمساعدة التلميذ في الكتابة والقراءة وزيادة المعلومات وحل المسائل والواجبات. وبالإضافة إلى ذلك فإن البرامج تختزن تطور النشاط ومستوى الأداء.
أحد البرامج يربط قائمة الكتب الواجب قراءتها، ثم يذهب إلى برنامج على الحاسوب ويجيب عن أسئلة خاصة بالكتاب الذي قرأه. ويقوم الحاسوب بتسجيل النتيجة بصورة تلقائية وإدراجها في ملف التلميذ.
المدرس من ناحيته لديه موقع يكتب فيه مستوى التلاميذ ويمكن للآباء والأمهات متابعة ذلك عبر توفير سبل الدخول إلى الموقع وهم في منازلهم. ويمكن للوالدين مراسلة المدارس للسؤال عن ابنهم أو ابنتهم ومتابعة ما هو مطلوب منهما لمساندتهما في الدراسة.
إن الحاسوب، مثله مثل السبورة والآلة الحاسبة وجهاز الفيديو والتلفزيون، أداة تعليمية يمكن للمدرسين استخدامها بفاعلية كبيرة. والتلميذ يتحول من شخص يتلقى التعليم إلى شخص يمارس عملية ذهنية متطورة باستمرار وترغّبه في تحصيل المزيد من المهارات والقدرات بصورة ذاتية. فالحاسوب يوفر للتلميذ الطرق لمعرفة مستوى الأداء بصورة فورية من دون الحاجة إلى الانتظار حتى يتسلم أوراقه المصححة من المدرس، كما أن الحاسوب في كثير من الأحيان أكثر صبرا من المدرس الذي قد يتعب من تكرار الأمر ذاته لكثير من التلاميذ. وعلى العكس مما قد يتصوره البعض، فإن التحكم في التلاميذ أسهل مما هو حال كثير من الوسائل التقليدية، فمهما يقوم به التلميذ من نشاط على الحاسوب يتم تسجيله ويمكن متابعته، كما أنه يسهل التواصل بين التلميذ ومدرسه في أوقات مختلفة عبر التراسل الإلكتروني.
ورقة قُدمت إلى مؤتمر «تطوير التعليم الثانوي في إطار توحيد المسارات الأكاديمية» الذي عُقد في البحرين الأسبوع الماضي
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 590 - السبت 17 أبريل 2004م الموافق 26 صفر 1425هـ