العدد 587 - الأربعاء 14 أبريل 2004م الموافق 23 صفر 1425هـ

مدى مشروعية التدوير الوزاري

يوسف زين العابدين زينل comments [at] alwasatnews.com

-

تتناقل الأنباء عن وجود نية للحكومة بإجراء تعديلات في بعض الحقائب الوزارية خلال الأيام القليلة المقبلة. البعض يربط ذلك بنتائج التحقيق في مزاعم افلاس الهيئتين وتحميل بعض الوزراء المسئولية السياسية عن هدر المال العام، وحدوث الكثير من التجاوزات والمخالفات المالية والادارية. وعموما فإن التغيير الوزاري إذا ما حدث وأطاح بوزراء حمّلهم تقرير لجنة التحقيق البرلمانية المسئولية السياسية كاملة فإن ذلك يعتبر بمثابة انجاز كبير للمجلس.

ولكن اذا حدث ان قامت الحكومة بتدوير المناصب الوزارية كاجراء للالتفاف على الاستجواب الذي ينتظره الوزراء الثلاثة (وزير المالية ووزير العمل السابق والحالي) فإن ذلك سيكون مؤشرا سلبيا لعدم تفهم الحكومة لمطالب المجلس النيابي وعدم تجاوبها مع مطالب ممثلي الشعب، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل التدوير الوزاري مشروع في النظام الديمقراطي؟

بداية لا بد لنا أن نوضح ما هو التدوير الوزاري؟

- التدوير في المفهوم العام هو نقل وزير معين من وزارة الى أخرى ضمن تشكيل وزاري جديد. وهو شكل من أشكال الالتفاف على الاستجواب لوزير أو وزراء معينين يوجه لهم اتهام من السلطة التشريعية (الرقابية) المجلس النيابي في هذه الحال (بالتسبب في هدر المال العام). فالاستجواب هو اتهام سياسي يهدف من ورائه المستجوبون إلى تحريك المسئولية السياسية للوزير بهدف الاطاحة به من خلال طرح الثقة فيه عبر البرلمان. بعد تقديمه الى جلسة الاستجواب التي هي أشبه بجلسة محاكمة بوجود لائحة اتهام ووجود هيئة تحكيم (هم المستجوبون)، وفي هذه الحال فإن السلطة التنفيذية في تضامنها مع الوزير أو الوزراء المستجوبين بإمكانها تحريك أدواتها السياسية لمنع هذا الاستجواب من أن يحقق آثاره (طرح الثقة) من خلال إما التصدي لهذا الاستجواب ومنع وصول الأمر الى طرح الثقة أو ضمان عدم حصول المجلس النيابي على عددٍ كافٍ من الأصوات لطرح الثقة في الوزير، وفي الحال التي نحن بصددها فإن طرح الثقة يحتاج الى 27 صوتا من أصوات النواب كافة (40 صوتا) أي الثلثين لتمريره، ولكن هناك طريقة أخرى قد تكون أسهل أو أسلم أحيانا وهي التدوير الوزاري، وهذا ما نسعى الى توضيحه وتوضيح عدم شرعية هذا الحل وهذا الأسلوب. واذ كان صحيحا بأنه ليس هناك في الدستور ولا في القوانين الأخرى ما يمنع السلطة التنفيذية من اللجوء الى التدوير فإن عملية التدوير الوزاري في حد ذاته تحد الى السلطة التشريعية ممثلة الشعب وتحدٍ لإرادة الناخبين وتحدٍ لضمير الأمة اليقظ، فكيف يمكن للحومة أن تعيد تسمية الوزير المتسبب في هدر المال العام وفي تدهور الأوضاع المالية والادارية في هذا المرفق العام أو ذاك في التشكيل الوزاري الجديد بأن يقلد فلان من الناس وزارة كذا بدلا من وزارة كذا، أو حتى يدخل كوزير من دون وزارة (حقيبة وزارية)؟ أليس في ذلك مكافأة للوزير وهو الذي حُمل المسئولية السياسية والمدنية عن حالات فساد مالي وإداري؟!

بذلك فإن فكرة التدوير الوزاري اجراء غير شرعي أخلاقيا حتى لو لم ينص عليه الدستور والقوانين، وعلى العكس فإن قبول السلطة التنفيذية نتائج التحقيق البرلمانية وقبولها المسئولية الفردية أو التضامنية للوزارة من خلال تقديم الحكومة استقالتها واعادة تشكيلها بوجوه جديدة أمر محمود وان لم يكن الأمثل وهو يدل على رقي وعلى ممارسة حقيقية للديمقراطية. الا أن ذلك حلم ومثالية قد لا تحدث إلا نادرا، فكل سلطة تتمسك بمواقفها وتستخدم أدواتها المتاحة، الشرعية وأحيانا غير الشرعية. لذلك نأمل في حصول تغيير وزاري بأن تستبعد الحكومة الوجوه التي تتحمل المسئولية عن وصول الأوضاع في الهيئتين الى هذه الحال المزرية، خصوصا الوزراء غير المتعاونين مع السلطة التشريعية، وهذا يعطي صدقية كبيرة للمشروع الاصلاحي لجلالة الملك وللقواعد الجديدة للعمل السياسي المبدع

إقرأ أيضا لـ "يوسف زين العابدين زينل"

العدد 587 - الأربعاء 14 أبريل 2004م الموافق 23 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً