يختتم «مؤتمر تطوير التعليم الثانوي في اطار توحيد المسارات» أعماله اليوم في فندق الخليج هادفا الخروج برؤية شاملة تلائم احتياجات المجتمع ومتطلباته وفي الوقت ذاته تلبي متطلبات العصر وترفع من القدرات المهارية للطلبة.
والمؤتمر ركز على محاور مهمة تتطرق الى تجارب بعض الدول في تطوير التعليم الثانوي، ومخرجات التعليم الثانوي وملاءمتها لسوق العمل والتعليم العالي، والرؤية المستقبلية للتعليم الثانوي في البحرين.
الفكرة التي تسعى اليها وزارة التربية والتعليم من خلال المراجعة الشاملة والتحديث المبرمج للمناهج الدراسية تستهدف تنويع المسارات الأكاديمية من جانب، وتوحيدها من جانب آخر. فهناك مسارات، مثل تخصص «الأدبي»، لا تتلاءم مع متطلبات سوق العمل، كما أن تخصص «الصناعي» ربما يحتاج الى مزيد من اعادة النظر للتأكد من نوعية التخصصات ومستوى التحصيل العلمي فيه و... الخ.
المراجعة الشاملة بدأت قبل عام، إذ تكونت لجان ضمت أكثر من 130 خبيرا ومتخصصا تحت إشراف «لجنة عليا» بهدف «تجويد» مخرجات التعليم الثانوي ووضع خيارات أمام طالب الثانوية ضمن مسار أكاديمي واحد والتخلص من التقسيم الحالي (علمي، أدبي، تجاري وصناعي) الذي لم يعد مناسبا لعصر تغير فيه كل شيء، فحاليا اذا لم يكن الطالب من القسم العلمي فإنه يجد صعوبة في مواصلة التعليم الجامعي، وإذا كان تخصصه علمي فإنه محدود ببعض المواد التي لاعلاقة لها بالتطورات الكبرى في عالم اليوم ولاسيما تقنية المعلومات التي أصبحت أهم وسيلة لإنتاج المعرفة. ولذلك فان توحيد المسارات في التعليم الثانوي سيقضي على التفريق الحالي وسيفتح الفرص أمام الطلاب بحيث يدرسون كلهم منهجا موحدا يحتوي على مواد إلزامية وأخرى اختيارية توجه الطالب الى مستقبل أفضل يتغير كثيرا. فبإمكان الطالب أن يحدد خياراته ضمن تشكيلة من المواد متجاوبا مع رغباته ومع متطلبات السوق بدلا من السير في مسار واحد ربما لا يوصله الى ما ينفعه وينفع المجتمع.
اننا بحاجة الى مدرسة توفر تعليما شاملا أفضل بكثير من التعليم المتوافر حاليا. وأهم ما نحتاج اليه هو زرع حب «التعلم» في كل طالب وتوجيهه الى فكرة التعلم المستمر مدى الحياة، وبالتالي فإن الطالب عليه أن يكون تلميذ نفسه في كثير من الأحيان.
إننا بحاجة الى تعليم متطور من ناحية المنهج (المحتوى والمضمون) ومن ناحية وسائل التعلم المستخدمة لتمكين الطالب من استيعاب المنهج. وفي هذا المجال تدخل تقنية المعلومات بصفتها أهم وسيلة يجب تدشينها بصورة واسعة في التعليم.
إننا بحاجة الى تعليم شامل بمعنى آخر، فالتعليم يجب أن يكون مرتبطا بالمجتمع وبالمصنع وبعالم الأعمال والشركات الكبرى والمعاهد التدريبية والمكتبات العامة والعالم الخارجي المتواصل مع مختلف أنواع المدارس في أنحاء العالم. اننا بحاجة الى الطالب الذي يمتلك مهارات الاتصالات، والتحدث بلباقة وكتابة الرسائل بالعربية والانجليزية، ولديه مستوى جيد في الرياضيات، وفي مهارات التفكير (تحديد المشكلات وطرح الحلول)، وفي تقنية المعلومات وفي العمل مع الاخرين ضمن فريق واحد، لان عالم اليوم هو عالم العمل الجماعي وليس الفردي.
عالمنا أصبح «قرية صغيرة» متداخلة والقرية تفترض وجود التعاون بين الجميع، وهذا يعني أن علينا أن نفكر في المدرسة باعتبارها جزءا متحركا ومتفاعلا مع محيطها ومتواصلا مع مستقبل طلابها. باختصار، إننا لن نستطيع الانتقال الى «الاقتصاد المعرفي» المتطور من دون مدرسة متطورة تربط المعرفة وإنتاج المعرفة والاستمتاع بالمعرفة بحياة الإنسان في كل جانب وتعتبر نفسها مركزا محركا للإبداع
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 586 - الثلثاء 13 أبريل 2004م الموافق 22 صفر 1425هـ