إنني (أحط صوابعي في عينيه) كما يقول الإخوة المصريون كل من يقول ان العقلية العربية غير مبدعة، وأن الشعب العربي أقل ذكاء من شعوب أوروبا والجنس الأصغر من شعوب جنوب شرق آسيا لسبب واحد بسيط أن الأيام أثبتت أنه يزيد في إبداعه على الأوروبيين والأميركيين في بلدانهم، كم اسم لمع من الجاليات العربية في الطب والجراحة وعلوم الفضاء وغيرها؟ كم هم العرب الذين نالوا جائزة (نوبل)؟ لم لا نري أبناءنا النماذج الرائعة والفكر المستنير من أبناء هذه الأمة العظيمة التي أنجبت ابن سينا والفارابي وابن خلدون ومجدي يعقوب وفاروق الباز وغيرهم الكثيرين؟... في حين يركز العالم على الرديئين منهم، على أولئك الذين ورطوا الأمة بحماقاتهم وشوهوا الإسلام بممارساتهم الخاطئة، لأن فئة قليلة من المسلمين اتخذوا الإرهاب صنعة لهم وصاروا منفذين لما يريده الأميركان والصهاينة ليتخذوا من ذلك دليل إدانة ضدنا. وكلما هدأ الموقف واستراحت الجاليات العربية في مناطقها في البلدان التي يعتاشون فيها كلما جاءوا وفتحوا تلك الجروح من جديد.
لقد أعاد كل ذلك إلى ذهني المحاضرة القيمة التي ألقاها مدير عام شركة الخليج للصناعات الكيماوية مصطفى السيد الذي كشف خلالها كيف أن في بلادنا الصغيرة من العقليات المبدعة التي أمكنها أن تقلب الموازين وتحول الخسارة إلى ربح وتنتشل هذه الشركة التي كانت غارقة سنوات في الديون إلى شركة صناعية تقطف جوائز عالمية في السلامة وغيرها ويقطف مديرها شهادات التقدير وصارت الشركة تجني أرباحا سنوية تزيد على الـ 65 مليون دولار.
ولكن السؤال: هل المبدعون العرب محل تقدير وتشجيع الأنظمة العربية؟ لماذا رواتب بعض الموظفين الجالسين في محلات مكيفة ويلبسون ثيابا بيضا من (غير سندس أو إستبرق) يأخذون ضعف مرتب ذلك المهندس المعرض للخطر في كل لحظة في عمله لكي يعلي شأن الوطن ويحقق مكاسب له؟
والحكومة ترفض مجرد مساواتهم بالموظفين ولا أقول بإعطائهم الأفضلية، ألا يموت الإبداع ويدفن المبدعون في أنظمتنا العربية وهم أحياء لإهمالها لهم، وخوفي أن يكون ذلك بناء على تعليمات صادرة من الخارج؟
العدد 584 - الأحد 11 أبريل 2004م الموافق 20 صفر 1425هـ