مازال العنف السياسي يمثل قلقا لدى الكثير من المراقبين وممن يطمحون في التغيير السياسي عبر الوسائل السلمية. هناك الكثير من الدراسات التي قامت بمقاربات معرفية لدراسة ظاهرة العنف سواء من قبل الأنظمة أو من قبل الحركات الثورية على شتى أنواعها من قبيل:
1- العنف والمقدس والجنس في الميثولوجيا الإسلامية.
2- التهديد الإسلامي خرافة أم حقيقة لجون اسبوزيتو.
3- قرآن وسيف لرفعت سيد أحمد.
ولقد دأبت الكثير من الدراسات على دراسة العنف بالنسبة إلى الحركات، لكن الكثير منها أغفل جانب العنف من قبل الأنظمة، إلا قليلا من هذه الدراسات من قبيل دراسة حسنين توفيق في كتابه القيّم «ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية». والعنف مهما كانت مبرراته يقود إلى الضياع ويؤدي إلى خسران الجميع، وقد ذكرنا سابقا أن الاستبداد السياسي واستخدام السوط والكرباج لدى النظام العربي خسَّر الجميع الكثير من الفرص الذهبية نحو الانتعاش السياسي والتنمية الاقتصادية.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحركات السياسية فإن التجاءها للعنف لاشك أنه يؤدي إلى خسرانها والحل يكمن في اعتماد السلّم خيارا لأداء العمل السياسي.
طبعا ذلك لا يكون إلا بتركيز ثقافة التنوع والقبول بالآخر. فالمجتمع الطيفي والاستقرار السياسي لا يتحقق إلا بخلق مناخات ثقافية قائمة على احترام الآخر.
الإسلام يدعو إلى احترام آدمية وانسانية هذا الإنسان فعلي (ع) يقول: «فهم صنفان إما أخٌ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق»، ويذكر التاريخ أن عليا بكى وتألّم لامرأة من أهل الذمّة عندما تعرّضت للسبي من قبل الأعداء فقال: «ولقد بلغني أن الرجل يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقلبها فلو أن امرءا مات بعد ذلك أسفا ما كان عندي ملوما بل كان عندي جديرا». لهذا ينبغي عدم التعرّض للمدنيين والآمنين الأبرياء كما حدث في مدريد وغيرها.
الإسلام يدعو إلى الوسطية والاتزان في الموقف وما نحتاجه نحن المسلمين هو ترسيخ ثقافة التسامح وقبول الآخر عبر تعايش سلمي في هذه الحياة، فالتنطع والتطرف إذا مورس عبر خطاب أو مشروع لدى السلطة عمل على إفسادها وسقوط صدقيتها، وكذلك بالنسبة إلى الحركات فالرسول (ص) يقول: «هلك المتنطعون».
وقال في وصية أخرى: «لا تشددوا على أنفسكم، فيشدد عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد عليهم». وفي حديث آخر قال: «إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين». أكبر خطر على الإسلام هو التطرف وخصوصا إذا كان تطرفا ثقافيا وفكريا.
والأدمغة المفخخة تنتج مجتمعا مفخخا، والإتزان في كل ذلك هو الأسلوب الأمثل للمجتمع والسلطة، ولغة الحوار هي الأسلوب الأمثل.
إشارات
- في سنة 1986 تم فصل سبعة موظفين من شركة «بابكو» وهؤلاء عانوا الكثير. وكل ما يحلمون به هو تعويضهم بـ 20 دينارا كزيادة سنوية مضروبة في عدد سنوات الإبعاد عن العمل، والناتج يضاف إلى الراتب الأساسي لرفع مستوى رواتبهم. قصة هؤلاء السبعة قصة مؤلمة؛ لقد أرجعوا إلى أعمالهم، وهذا موقف تشكر عليه الشركة، ولكنهم يحتاجون إلى رعاية وتعويض عن السنين التي ذهبت من أعمارهم. الحكاية سنذكرها بالتفصيل في مقال لاحق.
- سترة مازالت تحلم بسيارة إسعاف! وسأطرح مقالا تفصيليا عن وزارة الصحة وبالأرقام، لنعلم المفارقة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 584 - الأحد 11 أبريل 2004م الموافق 20 صفر 1425هـ