العدد 583 - السبت 10 أبريل 2004م الموافق 19 صفر 1425هـ

الشفافية وحكم القانون أساسان للنمو

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

التحقيق الذي أجرته «الوسط» عن «بنك الإسكان» يوضح كيف أن الأمور بامكانها أن تتجه إلى الاتجاه الصحيح وإلى النمو الاقتصادي بمجرد التلويح بمبدأ الشفافية وحكم القانون. فمهما كانت النتيجة التي ستقررها المحكمة (وهي المعنية أساسا بتحديد المتهم والبريء) فان مجرد الحديث عن وجود محاسبة ومحاسبين وتدقيق حسابات وتطوير لأنظمة الحاسوب للمساعدة في المحاسبة والحساب، وإن حكم القانون هو الفيصل بين المواطنين أو بين الأجهزة الرسمية والمواطنين فان الأمور تبدأ في الاستقامة تلقائيا.

الشفافية تعني امكان رؤية ما يجري داخل مؤسسة ما عندما يتطلب الأمر ذلك، وتقتضي مبادئ الشفافية وجود طرف ثالث ينظر في الممارسات والاجراءات وتصرفات الأشخاص والقائمين على هذا المشروع أو ذاك.

الشفافية عكس ما يطلق عليه بـ «الثقوب السوداء»، فالثقوب السوداء تعبير يستخدم للتشبيه بما يجري في الفضاء الكوني. فقد اكتشف العلماء وجود مناطق سوداء في الكون تبتلع كل شيء يمر أمامها، وأي شيء تبتلعه يختفي إلى ما لا نهاية. وهذه الثقوب السوداء تبتلع كواكب وشموسا بأكملها، فلو قدّر أن مرّت الأرض والكواكب الأخرى التي تدور حول شمسنا بالقرب من ثقب أسود لتدمرت واختفت إلى ما لا نهاية (ما لا نهاية بالنسبة للإنسان وليس للخالق الجبار).

البحرين بخير، وما علينا إلا اغلاق الثقوب السوداء التي تبتلع خيرات البحرين. وبغض النظر عمّا يجري في «بنك الإسكان»، فلسنا هنا لنتهم أو نبرئ أحدا، ولكن كمفهوم عام فان هناك «ثقوبا سوداء» كبيرة في عدد من الأجهزة، وإن هذه الثقوب التي تبتلع الخيرات قد تكون بسبب الاهمال ان لم تكن بسبب فساد هذا أو ذاك.

مهما كان الأمر، فان الشفافية هي الحل، وتطبيق حكم القانون هو المرجع النهائي الذي من خلاله تتحدد المسئوليات وتفرض العقوبات أو تبرأ الذمم. الشفافية تتطلب الالتزام بالضوابط الحرفية في كل مجال، وتتطلب أن يتسلم الأمر من هم قادرون على القيام بالمهمات.

فلو استثنينا «بنك الإسكان» فان المصارف الأخرى تعمل وفق أفضل النظم والضوابط الدولية. والسبب في ذلك هو أن المصارف الأخرى لا تعيش في دائرة حكومية مغلقة، وإنما ترتبط بالنظام المصرفي الدولي مباشرة. وواحدة من حسنات «مصارف الأفشور» هي أنها تفرض متطلبات المصارف الدولية، ولذلك فان القطاع المصرفي هو أفضل قطاع يعمل في «الاقتصاد المعرفي» البحريني وأكثر القطاعات يعطي مردودات لمن يعمل فيه. ولا يمكن لـ «الواسطة» أن تتسع في القطاع المصرفي بالشكل الذي توجد في قطاعات أخرى، فحتى لو توسّط أحد الأفراد لشخص ما، فان هذا الشخص عليه أن يتدرب تدريبا حرفيا ويخضع لضوابط دولية في العمل لكي يترقى في عمله.

وهكذا نرى أن الوزير فهمي الجودر طبق الشفافية وحكم القانون (بغض النظر عن صحة أو عدم صحة ما يقال عن الماضي) وإذا بـ «بنك الإسكان» ينتقل من الخسارة إلى الربح في عام واحد، وإذا بالالتزامات المالية تنخفض إلى أقل من الثلث، وإذا بالسيولة النقدية ترتفع.

أحد رجال الأعمال الذين التقيناهم وكان يؤيد - بحماس شديد - الدخول في اتفاق التجارة الحرة مع أميركا قال: «حتى لو لم نستفد من هذا الاتفاق شيئا سوى الشفافية، فان ذلك سيفيدنا وينفع تجارتنا كما نفع مصارفنا». واذا كنا نتحدث عن ان الاصلاح يبدأ من الداخل، فان السبيل الى ذلك واضح وجلي، ولا يعوزنا سوى الارادة والاصرار على المضي قدما

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 583 - السبت 10 أبريل 2004م الموافق 19 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً