يبدو أن عقارب الساعة بالنسبة إلى الاستثمار في العراق بدأت تعود إلى الوراء بعد الهجمات والمواجهات التي تشهدها عدة مناطق في هذا البلد العربي وخصوصا أن عملية الإعمار الرئيسية لم تبدأ بعد، وقد يحكم عليها بالفشل الذريع إذا لم تتوقف ويبدأ الحوار السلمي بين الفئات المتقاتلة وخصوصا أن القوات الغازية تواجه مقاومة شرسة من الأهالي على اختلاف مذاهبهم. وقد يكون من سوء حظ القوات الأميركية أنها وقعت في مستنقع لا يمكن أن تخرج منه بسهولة.
يرى بعض المحللين أن فشل القوات المحتلة في أن تملك عقول وقلوب العراقيين يعود لأنها قامت بتسريح آلاف الموظفين في الحكومة السابقة وخصوصا الذين خدموا في قوات الشرطة العراقية ويقدر عددهم بالآلاف، وفشلت في توفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن وبدلا عن ذلك اتجهت إلى بناء قواعد لحماية قواتها ولكي تبقى لزمن غير قصير، وكان من المفترض أن تصرف تلك الأموال في توفير الحاجات الأساسية للشعب العراقي.
يتساءل بعض العراقيين بقولهم: أين هي أموال النفط، وأين هي أموال المساعدات التي تحدثوا عنها؟ وإلى متى ينتظر العراق مد يد العون لإنقاذه؟ وأين هي عملية بناء العراق؟ بل يبدو أن البناء تحول إلى دمار حتى ان بعض المساجد التي لم تصب بأي دمار في السابق جاء وقتها الآن!
يقول بعض العراقيين الذين عايشوا المأساة ان المسرّحين العراقيين تحولوا إلى قتلة وعصابات نهب وسرقة، ولو أنه ليس من حقهم أن يكونوا كذلك ولكنهم اضطروا حتى يمكنهم العيش في بلد ضاقت بهم فيه سبل الرزق في وقت تنهب فيه خيراته وثرواته من قبل المحتلين!
فهل المستثمرون الذين تلكأوا عن الاستثمار في العراق بل ان بعضهم سحب أموالا كانت مستثمرة فيه هم على حق في أنه بلد غير مستقر ولا يمكن بدء عملية الاستثمار ما لم توفر القوات الغازية الظروف الملائمة للاستثمار وأهمها الأمن باعتباره بوابة الدخول في الاستثمارات؟ وما فائدة عقد مؤتمرات وندوات عن إعادة بناء العراق الذي دمرته الحروب وخصوصا الحرب الأخيرة التي أحرقت وهدمت البيوت والمحلات على أصحابها؟ وهل نجرؤ أن نطلب من المستثمرين أن يجازفوا ليس بأموالهم فقط وإنما حتى بأرواحهم للاستثمار في العراق؟
نعم العراق يحتاج إلى المساعدة العربية، ولكن يبدو أن عقارب الساعة تعود إلى الوراء وليس هناك حل يلوح في الأفق لوضع حد للمأساة التي يعاني منها العراق والعراقيون إلا بخروج المحتل من الأرض وتركها لأهله
العدد 583 - السبت 10 أبريل 2004م الموافق 19 صفر 1425هـ