الإسقاط على الواقع السياسي مباشرة يغضب الكثيرين، ويخلق مساحة من التشنجات الخارجة عن دائرة الموضوعية في تعاطيها مع الحدث السياسي، وإذا كان ولابد من موعظة للجميع، فإن الرجوع إلى التاريخ أسلم، لأنه لا يضر بالشخوص، انما يفيد في ترشيد موقفها. حينما خرج الرسول الأعظم (ص) وأصحابه من معركة أحد منهزمين بسبب مخالفة الرماة لأوامر الرسول، وكان أصحاب الرسول قبل ذلك خالفوا رأيه في التحصن داخل المدينة لقتال المشركين، جاء الخطاب القرآني للنبي محمد (ص): «وشاورهم في الأمر» (آل عمران: 159) بعد كل المخالفات لأوامره وهو النبي والرسول. عدة دروس مستفادة من هذه المعركة، تؤسس لآليات عمل سياسي دقيقة في التعاطي مع الأمة إذا ارتكبت الأخطاء، وأهمها أن القيادة لا تعلن عدم الحوار مع الامة وقت اشتداد المحنة، بل تعمد إلى تهدئة الخواطر والنفوس، وتؤسس لمبدأ الشورى كجزء من طمأنة الناس بعدم اتخاذ إجراءات تعسفية ضدهم، وإنما السير قدما في التشاور والحوار للخروج من المحنة.
هذا المبدأ يغفل عنه بعض الحكام والمعارضات و الماسكون بأسباب القوة السياسية والإعلامية، فالمواقف العصيبة على الأمة معناها تعطيل المشورة والحوار، واستخدام التهديد والوعيد، سواء أخطأ الناس أم أصابوا، وفوق كل ذلك استخدام الإكراه السياسي لمنع الناس من مباشرة حقوقهم الطبيعية، وهذا يقينا لا يخدم في بناء الاستقرار، وترشيد الآراء السياسية مهما اختلفنا معها.
إذا كانت آليات الدولة الحديثة تطورت، وكان على الناس أن تخضع لإجراءات التقنين للعمل السياسي، ومفاهيم التعددية في الآراء القائمة على التعقيد والتركيب، فيجب أن يبقى حق الناس في مخاطبة السلطات موجودا، ولا يمكن أن يكون تعقيد الموقف السياسي يوازي إعمال القوة والإكراه على موقف معين، بل يجب أن يكون مبدأ الحوار والتشاور هو الاساس
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 581 - الخميس 08 أبريل 2004م الموافق 17 صفر 1425هـ