تعالت الصيحات النادبة لهذا المولود الذي طال انتظاره - الاتحاد النسائي - والذي أريد له أن يخرج إلى الدنيا سقطا كما وصفته إحدى الأخوات، هذا الاتحاد الذي علقت عليه الآمال.
وكما هو حال المجالس النيابية العربية التي خرجت إلى الدنيا لتشنق مع أنها في حال جنينية، فإن هذا الاتحاد كان الصورة المعبرة والمرآة العاكسة لحال الأنظمة العربية التي تعلن أنها أطلقت الحريات وتبنت الديمقراطية، لكن الإعلان يعاكس الواقع. ففي بلداننا أتيح للجميع داخل مظلة المجالس النيابية وخارجها التعبير، وفي المقابل صمت الآذان عن السماع لئلا يكتب لتلك المطالب أن ترى النور.
واتحادنا المحكوم عليه بالوأد قبل ولادته والذي تمنينا أن يكون بمستوى آمال المرأة التي وهبتها الشريعة الإسلامية ما لم تهبه أية شريعة في الحياة لا قبل الإسلام ولا بعده في الحضارات السابقة والحالية، فقد قامت مجموعة من الأخوات للعمل على إخراجه إلى الحياة ولا نستطيع أن ننكر ذلك، لكنهن لم يسعين إلى دعوة الناشطات من الأطياف الأخرى وغير المنتميات إلى خطهن.
وعندما طالبت المجموعات الأخرى، التي أشهرت حديثا، بالانضمام إلى الاتحاد كمؤسسات، قوبل طلبهن بالرفض في بداية الأمر، وبعد ذلك سمح لتلك الجمعيات ذات التوجه الإسلامي بالدخول في الاتحاد، ولكن اشترطت عليهن الأخوات اللائي قمن بتقديم طلب إشهار الاتحاد إلى وزارة العمل القبول بما وضعنه من نظام أساسي للاتحاد، وأن يكيِّفن نظام جمعياتهن وفقه، فكيف تعتبر هذه الجمعيات مؤسسات ولا دخل لهن سوى القبول بما وضع لهن الآخرون؟
وكما تدين تدان، فجميعنا بصفتنا نساء بحاجة إلى وجود مثل هذا الكيان الذي يجب أن يمثل الجميع، لكني أستغرب تسمية تعديل الوزارة لبعض بنود نظام الاتحاد من قبل بعض الأخوات بالمصيبة بينما يقمن بفرض النظام على الجمعيات الأخرى واشتراط قبوله ليتم قبولهن كمؤسسات! مع أن الوزارة ستلتقيهن وقد تناقش التعديلات وتأخذ بآرائهن، فإنهن لا يعطين الجمعيات الأخرى هذا الحق الذي أعطتهن الوزارة.
لِمَ يحق لك ما تحرم الآخرين منه؟ ومتى كانت الحرية قصرا على فئة من دون أخرى. ولم يعترض على تسمية الاتحاد باتحاد الجمعيات النسائية وهو المصداق الحقيقي لهكذا اتحاد، ذلك أنه بشكله الحالي لا يمثل جميع نساء هذا الوطن الحبيب.
ولكي يصدق عليه مسمى «اتحاد نسائي» لابد أن يكون اتحادا عاما يضم الجمعيات إلى جانب اللجان النسائية وكذا الأفراد، ذلك أن الكثير من النساء الناشطات لسن ضمن جمعيات لأنهن كن ومازلن ينخرطن في العمل الاجتماعي ضمن لجان ولا يستطعن الانضمام إلى جمعيات لسبب أو آخر. وما لم يتحقق ذلك فإن الاتحاد - من وجهة نظري - سقْط، وسيبقى سقطا مهما أدخل عليه من تعديلات ومهما أعطي من مسميات.
وفي هذا المقام فإننا نطالب باعتبارنا مواطنات نسعى إلى خدمة هذا الوطن العزيز، نطالب وزارة العمل والشئون الاجتماعية بما يأتي:
أولا: أن يكون الاتحاد المزمع بزوغه اتحادا عاما من حيث الشكل والمضمون وتطبق عليه قوانين الاتحادات العامة.
ثانيا: أن يترك وضع النظام للمؤتمر العام الذي من المفترض أن يعقد لاختيار الهيكل التنظيمي للاتحاد.
ثالثا: أن تجيز دخول اللجان والأفراد ليصدق على هذا الاتحاد تسميته بالاتحاد النسائي.
إنه من غير الجائز، بل ومن الظلم والإجحاف أن تقصى النساء اللائي وقفن جنبا إلى جنب مع الرجل للحصول على شيء من الحرية وهن من غرسن ورعين البذرة ثم يكون نصيبهن الحرمان من الثمر
العدد 580 - الأربعاء 07 أبريل 2004م الموافق 16 صفر 1425هـ