يجب ألا نختلف أو نختصم على مصلحة الوطن، فعلى الجميع أن يكون هدفه رفعة شأنه وكيفية المشاركة في إنهاء أزماته. قد نختلف في آليات الوصول إلى هذا الهدف لكن الواجب علينا أن نكون معا في سبيل توسيع قاعدة الديمقراطية والعمل على ما يساعد على إنهاء الفساد بجميع أشكاله وإنهاء البطالة وتحسين أوضاع المواطن ودعم القيادة الإصلاحية مادامت تسير حقيقة في طريق تحقيق طموحاتنا.
وهذه النظرة حين تأتي لدى القيادات السياسية وبهذا السقف من الارتفاع أظن أن الجميع يكون متحدا أو مثقفا من دون جدال، لكن حين يشط الخيال ببعض القياديين ويزرعون الشك بممارستهم في أن الهدف ربما غير تلك المطالب المنطقية المشروعة ساعتها يبدأ الخلاف، وساعتها يبدأ الشك يدخل قلب القيادي، أما القيادة السياسية خلال ممارساتها الإصلاحية فيجب أن تحرك عينيها في كل اتجاه، وبقدر ما عليها أن تكون عينها على الداخل ومتطلبات التطوير وتحقيق الالتزام بالسياسة الإصلاحية فعينها الأخرى على الدول الإقليمية المجاورة والعالم، وكيف يمكنها القيام بتوازنات دقيقة لا تخلّ بالتزاماتها لكل طرف.
وحين يعرف رجل الدين في دول الخليج وخصوصا في بلادنا مثل هذه الحقيقة ويقتنع بها ساعتها يمكن الاطمئنان إلى أنه رجل سياسة كذلك، وقليل منهم من يعي دوره كمرشد ديني وسياسي معا استيعاب هذه التوازنات المهمة والحساسة والدقيقة.
وفي كل الجمعيات السياسية عندنا أعضاء وعوا هذه اللعبة فصاروا مرنين، وآخرون لم يعوا ذلك فصاروا متشددين، وأكثرهم تشددا هو ذلك الذي انقلب على أيدلوجيته فكان يساريا في مرحلة ما ثم أصبح من أصحاب اليمين، أو كان يمينيا ومتدينا وصار من أصحاب اليسار، فيكون متطرفا في أطروحاته ليثبت للناس ذلك وليتخلص من عقدة الذنب.
وللأمانة والتاريخ، من بين العناصر التي وعت دور التوازن بين التبشير الديني والسياسي بدقة هو رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان. وحين يجد الإنسان أن تجاوزات تحدث في أطروحات الجمعية يتضح لي أن ذلك خارج عن إرادته، ولثقتي واعتزازي بهذا القيادي المتوازن الواعي بالحدود المنطقية المشروعة في العمل الديني والسياسي معا من أجل بناء هذا الوطن الصغير وإنهاء أزماته. وإعجابي بوعيه وقدراته الثقافية والفكرية
العدد 580 - الأربعاء 07 أبريل 2004م الموافق 16 صفر 1425هـ