الآن، وبعد أن انفض سامر فعاليات الفورمولا 1 التي استضافتها حلبة البحرين الدولية في الصخير مطلع أبريل/ نيسان الجاري، يأتي وقت الوقفة اللازمة لجرد الحساب من أجل تقرير المكاسب والخسائر، وفي البدء يجدر التنويه بالنجاح اللافت للفورمولا 1 من الناحية التنظيمية التي لاقت رضا جمهور السباق الذي تقاطر على البحرين من أركان الدنيا الأربعة، فضلا عن سماحة القدر أثناء فعاليات السباق إذ كان المناخ في اليوم الختامي ربيعيا رائعا، إضافة إلى أن السباق لم يشهد أية حوادث سير خطرة كتلك التي عرفتها سباقات الفورمولا 1 عبر تاريخها الحافل بحوادث السير المميتة.

ومن بعد يأتي حديث المكاسب التي حققتها البحرين من استضافت هذه الفعاليات مما تضيق عن سردها مساحة كهذه، وفي طليعتها تلك الرؤية الاستراتيجية والخيال الخلاّق الذي خطط لاستثمارات من هذا العيار الثقيل، والتي تعد استثمارات استراتيجية تتواصل مكاسبها على مدى عقود من الزمان والأجيال اقتصاديا وإعلاميا ورياضيا.

وعلى رغم أن العائد المالي المتوقع من فعاليات الفورمولا 1 جاء أقل كثيرا مما كان مخططا له، فإن مجرد نجاح الفعاليات بهذه الصورة اللافتة يعد مكسبا كبيرا جدا بالنسبة إلى البحرين إذا ما وضعنا في الاعتبار عدة عوامل أبرزها أن المنطقة لم تعرف مثل هذه الفعاليات تاريخيا، والخوف المعهود من مغامرة التجربة الأولى، والتشويش الإعلامي عن المنطقة، والآثار المباشرة وغير المباشرة لحال الإرباك الناجمة عن عمليات الحرب على العراق وما إلى ذلك. غير أن طبيعة الشعب البحريني المرحاب والاهتمام الإعلامي العالمي بالفعاليات ونجاح التجربة الأولى والمناخ البديع الذي شهدته سباقات اليوم الأخير وغيرها الكثير ستغري الكثيرين بحضور فعاليات الدورة المقبلة للفورمولا 1.

وتبقى النجاحات خطوة إثر خطوة، ولم يعلمنا التاريخ نجاحات حققتها الشعوب دفعة واحدة، لذلك فإن نجاح الفورمولا 1 في البحرين يمثل خطوة واثقة نحو قمة النجاحات التاريخية التي تنقل البلاد من حال إلى حال آخر يثير الإعجاب والغبطة والتقليد