لعل الكثير من الناس - وفي ظل انشغالاتهم اليومية - لا يعلمون مستوى التوتر الذي وصلت إليه العلاقة بين المعارضة والسلطة، وذلك لسبب بسيط هو ان الناس منشغلة بترتيب بيتها الداخلي وبتعديل معيشتها وخصوصا بعد قناعة المجتمع بأن العمل ضمن المناخ الهادئ المتوازن سيقوده إلى مزيد من المكتسبات أما التشنج فإنه «لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى»!
من يقترب من الصحافة ربما يلتقط بعض الشرار المتطاير هنا أو هناك من كرة اللهب المشتعلة تحت الطاولة ما بين السلطة والمعارضة. ولكن ذلك لا يعكس الصورة على ما هي عليه، فالعلاقة توترت وتشنجت بشكل ملحوظ، وهذا مالا يتمناه أي عاقل أو مخلص متوازن لهذا البلد، وخصوصا بعد كل الخطوات التي خطوناها في مسيرة التغيير.
يجب ألا نجمّل الوضع القائم، وليعلم الناس ان العلاقة أصبحت على كف عفريت والوضع يتجه نحو منزلق خطير، لهذا ندعو كل عاقل وكل عالم وكل إنسان مخلص لهذا الوطن إلى التدخل (كوسطاء) لتقريب وجهات النظر، ولا يعدم العقلاء من الطرفين للتدخل لو لم يكن إلا من أجل الحفاظ على ما وصلنا إليه. ويجب الا نخشى من أي ضغط يمارس، فالأمن والاستقرار اللذان وصلنا إليهما يجب ان نحافظ عليهما وان نطلب المزيد وفق خطاب متزن غير متشنج. وخير خطوة نقوم بها هي دعوة الطرفين للحوار، فهناك الكثير من المتوازنين في المجتمع البحريني سواء من الجمعيات أو مؤسسات المجتمع المدني أو الدولة بإمكانهم ان يلعبوا دورا في رأب الصدع والدعوة الى فتح باب الحوار لتجنيب البلاد أي انفلات لا سمح الله.
ان حال الاستقرار السياسي هي التي ستمكننا من معالجة الملفات العالقة لأبنائنا، وذلك لا يكون إلا بالوفاق الوطني والوئام الذي يجب ان نسعى إليه. نتمنى من المؤسسات المدنية ومن الصحافة والرموز الوطنية والإسلامية المستقلة ان تلعب دورا في ترسيخ لغة الحوار بين الطرفين لتكون هناك مذكرة تفاهم أو ميثاق شرف في بعض القضايا أو علاج بعض المشكلات. ان الوضع الاقليمي والعالمي والمصلحة العامة تفرض على الجميع إبداء نوع من المرونة في بعض الأمور، وليس لصالح أحد لا السلطة ولا المعارضة عودة الماضي بما يحمل من مساوئ وتشنجات، وخصوصا بعد السمعة التي قدمناها، فقد كسبنا الرأي العالمي لصالح الجميع فيجب ان نحافظ على ذلك وان نقرب وجهات النظر.
الوضع في حال تأزم، وأملنا الكبير في الرموز العلمائية بالتدخل لتهدئة الوضع وان تعمل لتقريب وجهات النظر بين المعارضة والحكومة تجنيبا للبلاد من أي توتر قادم. ونحن هنا نهيب بأية مبادرة وطنية خيرة تدفع باتجاه خلق حوار جاد وفعال بين الطرفين.
أقول ذلك لإيماني بأن المجتمع البحريني وصل الى مرحلة لا يتحمل فيها أي توتر في العلاقة بين الطرفين إذ قد يؤدي ذلك إلى كارثة! لهذا يجب ان يدفع الجميع باتجاه ترطيب العلاقة والوصول إلى قواسم مشتركة، ما دام الهدف المصلحة العامة فيجب ان تكون مصلحة الناس والمصلحة الوطنية فوق كل شيء وتأجيج الوضع ليس لصالح أحد.
مازلت مؤمنا بأننا لم نصل بعد إلى مرحلة اللاعودة ومازلت مؤمنا بأنه لاتزال العشرات من القواسم المشتركة بالإمكان الرهان عليها. لهذا يجب ان نخلق المناخ أولا ومن ثم يتم البدء في الحوار ويبقى الرهان في ذلك على المخلصين المتوازنين من كل الأطراف وعلى الجميع ان يتخذ موقفا وطنيا لتقريب وجهات النظر
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 580 - الأربعاء 07 أبريل 2004م الموافق 16 صفر 1425هـ