العدد 580 - الأربعاء 07 أبريل 2004م الموافق 16 صفر 1425هـ

الوسط - جعفر الجمري

لُعَبٌ وملابسُ وأراجيح

يستدرجها لحضور فيلم سينمائي... الفيلم مكتظ بالعنف والدم والحوار البذيء... إضافة الى مشاهد غاية في «السخونة»... ينتهي الفيلم... يقرران تناول وجبة خفيفة... يفترسها بنظرات غريبة لم تألفها... فجأة يقرر انها ستدفعه الى نص مماثل من العنف والدم والحوار البذيء... يعقد العزم على البحث عن أخرى أقل كلفة في الإغراء!.

(2)

يَعِدُ أطفاله بلُعَبٍ وملابس وأراجيح... يقرر السطو على محل للصرافة... يرتب عدّته... يتهيّأ... المحل من أمامه... وأطفاله في صور بؤسهم من ورائه... يتقدم خطوات... يشعر أن حلْقَهُ بريّةٌ من الملح... يتفصَّد عرقا كجريح ينزُّ دما... يبادره الصراف: نعم؟... يلملم حالا من الارتباك انتابته... يجمع قواه وبكل ثقة يبادر الصرّاف وبلغة انجليزية ركيكة: بكم الوقت الآن؟... يستوعب الصرّاف سؤاله: 8 مساء... وباللغة ذاتها يبادره صاحب المحاولة: هل تعتقد أن الماء سينزل من السماء؟... يرد الصرّاف: أتمنى ذلك... لم يهتد صاحب المحاولة الى سؤال يقطع حال الإرباك التي يعانيها سوى أن يعرب له عن إعجابه برائحة العطر التي تصدر عنه!.

يغادر محل الصرافة منكسرا من دون لُعَبٍ أو ملابس أو أراجيح... المحاولة فشلت.

بعد يومين يفاجأ صاحب المحاولة الفاشلة بصورة الصرّاف تتصدّر الصفحات الأولى للصحف... بنبأ فراره بغنيمة محل الصرافة بعد أن وعد أطفاله بأكثر من اللُعَبِ والملابس والأراجيح!

(3)

تلحُّ عليه: أريد ذات الإسوارة التي نُشِرَ إعلانها بالأمس. يجيبها: سأنهي بعض الإرتباطات... وأعدك أن أعرّج على المحل.

يدلف الى المحل... امرأة برفاهة الحلم... يتسمّر أمامها كتمثال يوناني... يدخل يده في جيبه ليخرج الإعلان الذي حرص على انتزاعه من الصحيفة... يقدّمه الى المرأة المنتصبة كالقَدَر الجميل وراء قطع نفيسة مسوّرة بالبللور... تسحب السوار ذاته... لم يتأمل السوار... ظل هائما في الملكوت الذي أمامه... يخرج بطاقة الائتمان... لم يتطرق الى ثمن الإسوارة... وقبل أن يهم بالخروج... يتركها على لوح البللور هناك... تذكّره بالإسوارة... اكتفى برجفة انتابته وهو يهم بالخروج... يتمتم: أنت أصل الحكاية ايتها الكنز المتواري في منجم من الكنوز!.

(4)

قرر أن يتفاءل... أدمن كافكا... قرر أن يحب... تقمّص عمى طائرة مقاتلة... قرر أن يكون صادقا... استثمر في الدعاية والإعلان... قرر أن يكون شاعرا امتهن الحلاقة النسائية... قرر أن يكون مصلحا... عمل مخبرا بدوام جزئي... قرر أن يكون فنانا سورياليا... ارتكب مذبحة... قرر أن يكون مناضلا... أرسل ورقة الطلاق الى زوجته... وغرس أولاده أمام الإشارات الضوئية كي يسألوا الناس إلحافا!.

إلى أين يتجه القرار في هذا الزمن اللقيط... الى جهة تبيح الزواج المثلي... أم الى جهة بيدها تحويل هذا العالم الى بحيرة تعج بالطحالب والتماسيح، إذ الأولى أكثر هشاشة من فقاعة؟





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً