أكد وزير الاعلام نبيل الحمر وجود توجه جدي لدى الوزارة لتعويض ملاك الأراضي التي تستملكها الدولة لوجود آثار فيها أو لقربها من مناطق أثرية. وستكون التعويضات التي أعطى الوزير تفاصيلها بما يزيد في مجموعها على 11 مليون دينار.
جاء ذلك في رد الوزير على سؤال النائب سعدي محمد الذي نصه «منذ فترة ليست بالقصيرة مُنع ملاك الأراضي في منطقة الجنبية على وجه الخصوص وغيرها من المناطق من التصرف في أملاكهم من قبل إدارة السياحة والآثار بحجة وجود آثار في تلك الأراضي. وعلى رغم مرور عدة سنوات على ذلك فإنه لم تتخذ أية اجراءات تنفيذية على أرض الواقع لتعويض الملاك، علما بأن بعضهم قد خصصت له أراض للتعويض وتمت الموافقة عليها من قبل الطرفين ولكن هناك تأخيرا من الحكومة في تعويضهم ما تسبب بالحاق الضرر الكبير بهم بتجميد المبالغ في تلك الاراضي واستمرار احتساب الفوائد المصرفية عليهم».
وقال الوزير في اجابته «تتمتع مملكة البحرين بموقع استراتيجي مهم بين دول العالم القديم والحديث وكذلك على طريق التجارة بين الشرق والغرب. هذا الموقع المتميز أوجد للبحرين مكانا بين دول العالم على خريطة المواقع الأثرية والتاريخية، اذ اكتشفت البعثات التنقيبية التي بدأت تنقيباتها بمملكة البحرين في منتصف القرن الماضي الكثير من المواقع الأثرية والتاريخية المهمة والفريدة والنادرة. فقد قامت على أرض هذه المملكة العريقة حضاريا وتاريخيا الكثير من الحضارات المزدهرة في العصور المختلفة وذلك لتوافر المقومات البشرية والطبيعية وعامل الموقع الاستراتيجي الذي ساعد كثيرا في قيام تلك الحضارات وازدهارها. وقد تركت لنا الحضارات بصمات دامغة وجلية متمثلة في المباني والقلاع والتلال، المدافن الأثرية، المعابد القديمة والمقتنيات الفريدة. ويأتي موقع الجنبية الأثري ضمن المواقع المتميزة والفريدة بمملكة البحرين، اذ يضم هذا الموقع مجموعة من التلال الكبيرة والتي يطلق عليها التلال الملكية أو العائلية. ويعود تاريخ هذه التلال لحوالي 2000 سنة قبل الميلاد. وتتميز هذه التلال عن بقية التلال الأخرى الموجودة في المنطقة بالضخامة من حيث المساحة والارتفاع والعناصر المعمارية الفنية التي تدل على التطور المعماري الدلموني. ويتكون كل تل من مدفن كبير جدا مكون من دور أو دورين وتحيط به ثلاثة جدران دائرية على شكل مصاطب وتحيط به مجموعة من المدافن وهي مبنية بالحجارة الكبيرة المقطوعة على شكل قوالب. وتدل هذه التلال على ان اصحابها لهم مكانة مرموقة في المجتمع الذي كانوا يعيشون فيه. وتشير الدراسات الأولية الى امكان ان تكون هذه المدافن هي لملوك دلمون. كما تأتي المواقع الأثرية الأخرى كقلعة البحرين، مستوطنة سار، موقع باربار والدراز وقلعة عراد لتكمل المنظومة الأثرية في مملكة البحرين».
وأضاف الحمر: «تعتبر المواقع الأثرية احدى أهم مقومات الصناعة السياحية الناجحة في العالم لما لها من دور في دعم الدخل القومي للدول. ومملكة البحرين بفضل من الله تنعم بالكثير من المواقع الأثرية النادرة والفريدة التي لفتت أنظار الخبراء الباحثين والمهتمين بشئون التاريخ والشغوفين بمعرفة اسرار الحضارات القديمة. ولقد اهتم المسئولون في المملكة بتطوير الكثير من هذه المواقع الأثرية رغبة منهم في المحافظة على هذه الثروة الوطنية وتشجيعا للسياحة في البلاد لدعم الاقتصاد الوطني، الا ان هذا التطوير والاهتمام اعترضته بعض العقبات منها: تداخل بعض الاملاك الخاصة في المواقع الأثرية كموقع الجنبية، قلعة البحرين، مستوطنة سار، موقع باربار والدراز وقلعة عراد، محدودية موازنة الوزارة والكلفة الباهضة التي تحتاجها عملية ترميم المواقع الأثرية والتنقيب فيها».
وأشار الحمر الى انه «مضت على هذه المشكلات سنوات طويلة لم يتم التوصل خلالها الى حلول وبالتالي اصبحت عائقا امام التطوير وتنفيذ البرامج السياحية والثقافية وكذلك امام امكان تسجيل هذه المواقع على قائمة التراث العالمي من خلال اليونيسكو. كما ان فكرة التنقيب في المواقع الأثرية ثم اعادة الاراضي الخاصة التي تقع في نطاق هذه المواقع لاصحابها امر صعب لعدة اسباب منها: ان عملية التنقيب تحتاج لوقت وطويل وصبر وجهد وامكانات فنية متخصصة ومدربة على عملية التنقيب وعلى اجراءات توثيق وتحليل المكتشفات ودراسة الطبقات الارضية للمناطق الأثرية، وعملية التنقيب لا تنتهي مع الاكتشافات الأولية، فبعض المواقع تحتوي على أكثر من مرحلة عصرية كما هي الحال مثلا في قلعة البحرين، لذلك يحتاج الخبراء والمختصون لسنوات لدراسة كل طبقة قبل الانتقال الى الطبقات التي تليها فضلا عن ان غالبية المواقع الأثرية تحتاج لانشاءات ومرافق خدمية كدورات للمياه، غرفة حراسة، كفتيريا، قاعة عرض للسياح والزائرين، تسوير الموقع وغيرها من المرافق المهمة التي تطور الموقع سياحيا وتشجع الزائرين والسياح على زيارته ما يستدعي استملاك الأراضي المحيطة بالموقع والتي توجد اصلا تحتها آثار مدفونة».
وأكد الحمر ان الوزارة «سعت إلى تذليل هذه العقبات والمعوقات من خلال الاجراءات والاستراتيجيات التي منها السعي لاستملاك بعض الأراضي الخاصة والمتداخلة مع المواقع الأثرية كموقع الجنبية، سار، قلعة البحرين، باربار، والدراز وقلعة عراد، وبرمجة ترميم المواقع الأثرية بحسب الاهمية وحجم الاعتمادات المالية المتوافرة لهذا الغرض، وجدولة بعض مشروعات الوزارة وتوفير الفائض منها لعملية ترميم بعض المواقع، ومحاولة استقطاب وتشجيع القطاع الخاص للمساهمة في تمويل وترميم بعض المواقع الأثرية، وقد تم اعداد دراسة موثقة بالخرائط والصور والاحصاءات عن المواقع المطلوب استملاكها لصالح الآثار بناء على توجيهات صاحب السمو رئيس الوزراء، كما طلب سموه الكريم تثمين هذه الأراضي وتعويض ملاكها، وبتوجيه من سموه تم تشكيل لجنة تهتم بدراسة الموضوع المذكور برئاسة وكيل وزارة الاعلام وأعضاء من وزارة المالية والاقتصاد الوطني ووزارة شئون البلديات والزراعة اذ قدمت إلى وزير ديوان سموه الكريم بعض الخيارات والمقترحات».
وفي تبيان المقترحات قال الحمر «ان الخيار الأول كان تعويض ملاك الأراضي بأراض يابسة أو ردم أراض بحرية متى ما كان ذلك ممكنا، وان الخيار الثاني هو وضع خطة خمسية لاستملاك هذه الاراضي، اذ يتم تخصيص موازنة سنوية لتنفيذ هذا المخطط».
وبين الوزير أنه «تمت مخاطبة الكثير من الجهات الرسمية والخاصة في هذا الخصوص محاولة من الوزارة للتغلب على هذه المعوقات باستملاك الاراضي المتداخلة بالمواقع الأثرية، وتؤكد وزارة الاعلام اصرارها التام على المضي قدما للوصول إلى الحلول الناجعة لموضوع تداخل الأراضي الخاصة بالمواقع الأثرية. مع تأكيد قضية المحافظة على حقوق ملاك الاراضي من المواطنين. وقد اعدت الوزارة مذكرة لمجلس الوزراء الموقر في هذا الخصوص بعد الموافقة المبدئية من صاحب السمو رئيس الوزراء الموقر على خطة الوزارة لتعويض الملاك واستملاك الاراضي الخاصة المتداخلة مع المواقع الأثرية»
العدد 579 - الثلثاء 06 أبريل 2004م الموافق 15 صفر 1425هـ