قد نصادف في حياتنا العديد من البشر ممن يتصفون بالشراهة في جمع المال... وهؤلاء خارج أية قاعدة أخلاقية لجمعه، والحياة كتلة من الخير والشر وعلينا أن نفهمها بهذا النحو، وأن نتوقع الاثنين!
فمن يتوقع الخير دائما قد يصاب بصدمات وآلام نفسية وفي الكثير من الأحيان العجز والإحباط عن مواصلة الحياة، وأولئك الذين ينظرون إلى الحياة نظرة الشر والفساد في ممارسة أعمالهم أيضا يصابون في دواخلهم بالمرارة وصعوبة الحياة... لأن تلك ليس هي من طبائع البشر! وهؤلاء عرفوا الجانب السيئ من الحياة!
ومازال الصراع قائما في النفس البشرية ما بين الخير والشر وتأتينا الأيام الجميلة وأخرى تعيسة وخالية من أي لون أو طعم!
فنحن في حياة من خليط ما بين الملائكة والشياطين على أية حال!
وإذ أتساءل دائما: لماذا تقل المثاليات في حياتنا يوما بعد يوم... ولماذا لا نجد ممن يعملون بالأموال الكثيرة من يفتح قلبه لمساعدة الآخرين؟! بحيث يحصلون على الربح القليل وبأن يستقطب كل ما هو مفيد واقتصادي للمستهلك، عوضا عن جلب كل غال وقليل الفائدة... أما آن الأوان لظهور التاجر المثقف والواعي لإدراك الفائدة لمجتمعه ومن القلب الصادق؟!
فنرى الأغنياء وممن بات المال عبئا عليهم مازالوا نمطيين في طريقة جمعهم للأموال، وقلما يساهمون في بناء الخير وتحفيزه في المجتمع ولو بخفض الأسعار بعد جني كل تلك الثمار.
وهم مقتنعون بأن هو ذلك التصرف الطبيعي المنتشر ولا يريد أحد أن يشد ويصبح غريبا عن تلك القاعدة! فالتجارة شطارة والربح الكثير هو المكسب!
وهو الموقف الذي ذكره القرآن الكريم أن أصحابه تأخذهم العزة بالإثم وكأنهم يدافعون عن إنجازات رائعة بمغالاتهم وأرباجهم، باعتبارهم كنزل المال هو النبوغ في الحياة والتقدم! وأن النجاح يعتمد على قوة رأس المال فقط وبغض النظر عن النزاهة! وعن حاجة الآخرين للرأفة بهم ومعونتهم!
وباتت شطارة المكسب الكثير والأرباح تعمّ كل المهن حتى الإنسانية، منها الطب والهندسة وبيع الدواء (الصيدلة) والعلاجات الطبيعية... إلخ، غافلين عن مدى التعاسة التي يحولها لهم ذلك الهمّ اللعين! همّ تجميع المال الكثير! وأن المال هو تعب في النهار وهمّ بالليل.
ونرى السعادة تغيب تماما عن بيوت الأغنياء وتتحول إلى صراعات اقتنائية بين أفراده، وتغير دائم لكل وسائل الراحة، ظنا منهم أنها هي الأشياء التي تسعدهم مثل البيت أو السيارة أو حتى السفر الدائم... إلخ.
وتقل بالتالي المحبة بين أفرادها الذين يتحولون إلى أنانيين بدرجة عالية وحبّ الذات الذي يسيطر على كل الرغبات الأخرى.
وتعاني هذه العائلات من غربة الأبناء وبعدهم للبحث عن السعادة المنشودة واستخدامهم لكل الموبقات والإدمان... (طبعا لوجود المال بكثرة)، وبالتالي ضياعهم في الحياة عدا الحوادث من الانتحار وحوادث السير!
كل ذلك يعود بالنهاية إلى عدم تنظيم المجتمع وعدم التوزيع العادل، واكتناز المال بيد فئة محدودة جدا... وترك الفتات للآخرين! والديكتاتورية في صنع القرار، فيزداد غنى الأغنياء ويقل عند الفقراء ولكنّ الله لهم بالمرصاد... فالأمراض النفسية والسرطانات باتت أكثر انتشارا لدى الأغنياء لبعدهم الروحي عن الحياة وهمهم بالمال... وانتشرت الكآبة مرض العصر، وابتعد الإنسان!
بينما ترى السعادة والضحك منتشرا ما بين الطبقات الفقيرة والمتوسطة والتي يشكل المال ووجوده إحدى الرفاهيات ولكنها واحدة من كثير من متع الحياة التي يرونها ويشعرون بها مما لا يراها الأغنياء المهمومين، وعلى رغم قلة المال وشحه إلا أنها قانعة! فهي تضحك بالروح الراضية وبما أعطاها إياها الله وتضحك من القلب للشمس والدفء وللهواء وبوجودها بهذا الكون العجيب مع الآخرين من الأعداد الكثر منهم... فما رأيكم؟
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 2358 - الأربعاء 18 فبراير 2009م الموافق 22 صفر 1430هـ