أحيانا، تكون الذاكرة ملعونة. ملعونة لأنها وعاء استدعاء كثيرا ما يكون جارحا ومؤلما وبغيضا. وعاء يحوي ما ظننتَ أنك نسيته وأصبح ضربا من غياب؛ فيما هو حاضر وماثل له أكثر من سبَّابة اتهام يلوِّح بها في الجهات المفتوحة على قلقك ويأسك.
يصدر الكلام هكذا تحت أكثر من عنوان: «زلة لسان» «انفعال بدافع من الموقف» «فزعة جاهلية» في «العصر الرقمي!» زلة لسان، انفعال، فزعة لا تدفع ضريبتها وحدك. ثمة طوابير طويلة سيُزج بها زجا لدفع تلك الضريبة من دون أن يكون لها أي خيار في الرفض.
يطلع عليك بسمْته وقد خُلع عليه من ألقاب المهنة الشئ الكثير، وفي لحظة «فزعة» لا يتردَّد في جلد وتسفيه وتسخيف وإسقاط أصحاب «الكار» ممثلا بجمعيتهم. جمعيتهم التي لم تصمت يوم أن زُج بأصحاب القلم والنبأ إلى المحاكم مخفورين بأصفاد من رصد النوايا؛ فيما هو ينعم برفاهيته البالغة. رفاهية السيراميك وريع المناقصات، والكتابة برفاهية تُطل على مشهد السحل المحلي والخارجي، من دون أن يطرف لحبره جفن، عدا جفنه هو!
لغة لا تليق بتاريخ الممارسة الذي لم نشهده؛ لكننا لا ننكره، ولا نملك ذلك. لغة هي أقرب إلى لغة «العوالم» من لغة «العمداء». العمداء في التجربة والممارسة!
حق الدفاع. دفاع أي كائن عن نفسه أو من يرتأيه، أمر لا جدال حوله ولا مراء؛ لكن ذلك الدفاع يتطلب أن يكون هو موضوع الجدل والحوار والاختلاف، من دون أن يستدعي ذلك جرَّ أطراف رأت من حقها هي الأخرى الدفاع عن نفسها بتجاوزات وتطاولات شعرت بها من دون أن تشخصن موضوع ومحور الخلاف. وما حدث من أحدهم أنه نسي موضوع دفاعه وراح يكيل الشتائم يمنة ويسرة وبأقذع الألفاظ في ممارسة فارقة كشفت عن حجم الصدقية والمهنية وحقيقة «العمادة».
نعلم ونؤمن بقوله تعالى «ومن نعمِّره ننكسه في الخلق»؛ لكن التنكيس على درجات، بعضها يمكن تفاديه وإصلاحه وتقويمه وتجاوزه، والبعض الآخر يكشف عن حقيقة المفهوم القرآني. حقيقة ألا رجعة ولا أمل لنهوض وقيام ووعي وإدراك. اللهم لا شماتة
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 2358 - الأربعاء 18 فبراير 2009م الموافق 22 صفر 1430هـ