العدد 578 - الإثنين 05 أبريل 2004م الموافق 14 صفر 1425هـ

قانون الأحزاب ضرورة عصرية لابد من تفهمها

ردا على مقال عباس بوصفوان:

عبدالنبي سلمان comments [at] alwasatnews.com

تعليقا على مقال الكاتب الصحافي عباس بوصفوان والمعنون تحت «تخلف القوانين» وذلك بتاريخ 4 ابريل/ نيسان 2004 في العدد 576 من صحيفة «الوسط» أجدني مشدودا للحديث عن هذا الموضوع المهم والحيوي، والذي ربما تمكن مناقشته وتوقيتها في ما يدور على الساحة السياسية البحرينية من لغط وأخذ ورد بشأن إمكان غلق أو وقف عمل الجمعيات السياسية وذلك عبر ما رشح من تصريحات رسمية أخيرا. في اعتقادي أن المتتبع لمسار العمل السياسي اليومي بكل إرهاصاته وتجلياته لابد له من أن يلمس بكل وضوح حجم وتخلف أدوات العمل السياسي المعمول بها حاليا وتحديدا في شقها القانوني، إذ لا يوجد فعلا ما يسمح للجمعيات السياسية والمشتغلة بالهم والشأن السياسي بالعمل وإنما هي فقط تعمل بمباركة ودعم قائد مشروعنا الإصلاحي جلالة الملك، ونحن في الوقت الذي نثمن فيه وقوف جلالته إلى جانب عمل ودور الجمعيات ورسالتها الحضارية ورفدها لتطور العمل السياسي، فإننا نؤكد مجددا أنه لا يمكن بأي حال التعويل بشكل جاد على عمل سياسي يدير شئونه على أهميتها البالغة بأدوات جد متخلفة تحت رحمة قانون الجمعيات بكل عمومياته التي لا تلتقي مع هموم ومشاغل الساسة والسياسيين في بلادنا، وأثبتت التجارب العربية وغيرها من أن تقنين العمل السياسي هو بحق ضرورة لا مجال للمراوغة بشأنها من قبل الجميع، ولا يمكننا تصور عمل سياسي ناجز وحقيقي في ظل أدوات متخلفة أصلا ربما هي ملائمة لعمل جمعيات النفع العام وحماية التراث والطوابع وتربية القطط وتنسيق الزهور وغيرها من الجمعيات التي على رغم ضرورة وجودها في مجتمعات تسعى للارتقاء بقيمها الإنسانية والحضارية، فإنها واقع الحال يجزم من دون أية مناكفات هنا أو هناك وخصوصا مع من يأخذون ويتعاطون السياسة بجدية وصدق لا تعتمد الفعل الطارئ إنما الفعل الحقيقي المستديم لتطوير مجتمعاتهم والارتقاء بها لمصاف المجتمعات ذات التوجهات العصرية التي تعتمد احترام حقوق مواطنيها وتنزع لتطور أدائها السياسي وإعطاء أدوار أهم وأرقى وأكثر تجليا للعمل السياسي من منظور عصري منفتح بعيدا عن تقييده بقوانين عفى عليها الزمن وأكل عليها دعاة الردة الحضارية.

من هنا فإن ما استثارني حقا في المقال أعلاه هو التركيز المفرط خلال مفاصل المقال ذاته على تطوير ونقد قانون الجمعيات الحالي عوضا عن مجرد الحديث ولو بصورة عابرة عن أهمية ما تم طرحه أخيرا في المجلس النيابي بشأن قانون الأحزاب الذي يدرس حاليا في اللجان المختصة داخل المجلس وتم الحديث بشأنه في ندوات والكتابة فيه من قبل الكثير من كتاب الرأي باعتباره أداة عصرية وضرورة لابد من فهم أبعادها وضروراتها للسعي لتطوير العمل السياسي بشكل أكثر تقنينا، بعيدا عن الارتجال الدائر حاليا في التعاطي مع شأن سياسي محلي، هو في حقيقته على كف عفريت نظرا إلى عدم وجود أولويات صريحة وواضحة من قبل الكثير من الجهات العاملة في الحقل السياسي والتي من بينها جهات طارئة على العمل السياسي ربما تجد في عدم وجود قوانين منظمة فرصة لها للاستمرار بنهج يكفل لها الايغال بعيدا في فرض أجنداتها التي كثيرا ما تتعارض مع الهم الوطني العام وأولويات الوطن وأهله. ومع تفهمنا لطبيعة المجتمعات التي تمر بمراحل انتقالية كالتي نعيش فصولها حاليا، إلا أن ذلك يتطلب تركيزا ووضوحا أكبر وبعد نظر أوسع لما نريده فعلا من تطوير للعمل السياسي وكيفية بلوغه، وقبل ذلك كله أدواته الممكنة التي هي محل اجماع ويجب ألا يختلف عليها أحد نظرا إلى أنها أدوات مجربة وعصرية وتحفظ للجميع حقوقهم وتكفل للدولة استقرارا أكبر يستند على قوانين ونظم يتم التوافق بشأنها، وأرى أن المسألة ليست في تصريحات وزير أو في ردة فعل حكومة ولكنها تكمن فعلا في إيجاد وضع صلب غير رجراج يكفل للحكومة ضمانات محددة، ويكفل للمعارضة والمشتغلين بالهم السياسي حقوقا لا تقبل النقض والارتداد، وتكفل للمجتمع سلما أهليا ينزع للموضوعية واحترام دور المؤسسات وهيبة القانون بعيدا عن تشنجات طارئة لم نعد في حاجة إلى تداعياتها المستمرة التي هي بمثابة اشغال لوقت المجتمع وقواه السياسية الفاعلة، كما انها تهميش لتكامل الأدوار بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، ولابد من تأكيد أن قانون الأحزاب الذي تقدمت به «مجموعة النواب الديمقراطيين» بمجلس النواب يسعى إلى خلق نموذج عصري لعمل حزبي متقدم لا يقبل الانقسام والفرقة، ولا يستنسخ تجارب الفشل العربية ويتفهم روح وأهداف وتقاليد شعبنا وقواه السياسية المختلفة في حياة أكثر أمانا وتنمية مستدامة تستند لروح القانون واحترامه وتعطي للجميع حق المشاركة في نهضة الوطن والارتقاء بشعبه، ولابد أن يدعم من العارفين ببواطن العمل السياسي وضروراته فعلا وليس بإشاحة الوجوه

العدد 578 - الإثنين 05 أبريل 2004م الموافق 14 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً