لا يمكن التقليل مما يحدث للمقدسات الاسلامية في فلسطين، الا ان مسئولين فلسطينيين قللوا في تصريحات صحافية من اهمية وصدقية ما نشرته الصحف العبرية الاسرائيلية عن وضع الجدار الشرقي والمصلى المرواني في المسجد الاقصى المبارك التي قالت ان الجدار قد ينهار في اية لحظة وحذرت من دخول المسجد المرواني بسبب احتمال انهياره في اي وقت.
من جهته مدير المسجد الاقصى الشيخ محمد حسين قال: نحن لدينا مهندسون وجهاز فني يفحص المسجد الاقصى ومرفقاته واسوار وجدران المسجد بشكل دائم، وهي جميعا سليمة ووضعها مطمئن لكن البناء قديم ويحتاج الى عناية وترميم باستمرار والوضع ليس بالصورة التي وصفتها الصحف الاسرائيلية.
واضاف: انها ليست المرة الاولى التي تنشر الصحف العبرية مثل هذه التقارير المغرضة والتي تهدف الى تنفيذ نوايا مبيتة ضد المسجد الاقصى وخصوصا اننا نشعر بالاخطار الكبيرة المحدقة بالمسجد الاقصى. وهذه التقارير تأتي ضمن الحملة المحمومة ضد الاقصى المبارك ونحن نتوقع منهم كل شيء فقد امتدت ايديهم لقتل المصلين وتخريب وتدمير وحفر داخل وحول وتحت المسجد المبارك.
اما مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس خليل تفكجي قال: ان التقرير يهدف الى تخويف الناس واعلان المسجد المرواني من الابنية الخطرة واغلاقه. والهدف من هذه الحملة هو التخويف واغلاق المسجد المرواني ومنع المصلين من دخوله. وتساءل: منذ متى يخافون على ارواح المسلمين؟
نائب رئيس لجنة اعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة وزير الاوقاف الاردني السابق رائف نجم قال: ان الجدار الشرقي اصله روماني وآخر ترميم له جرى في القرن التاسع عشر، والبروز فيه متكون منذ مدة طويلة إذ يبلغ طول المساحة المتأثرة 1600 متر وتصل كلفة ترميمها حوالي مليون دينار. وحدوث البروز والتآكل في الجدار يعود الى الامطار واختلاف درجات الحرارة وعوامل الطبيعة الاخرى، مشيرا الى ان بعض الاحجار مهترئة والفواصل بينها متآكلة ما يسهل بروز بعض الاجزاء الى الخارج بسبب ضغط مياه الامطار في الفجوات الداخلية.
واضاف: سنستخدم الاشعة تحت الحمراء لتحديد اماكن الفجوات دون اللجوء للحفر واختصارا الوقت، وسيجري اصلاح الاجزاء البارزة بالطريقة نفسها التي استعملت في الجدار الجنوبي وهذا العمل سيحتاج الى وقت.
واوضح نجم «ان ارتفاع الجدار يتراوح ما بين 20 و40 مترا وسماكته من الاعلى متران وفي الاسفل خمسة امتار وطول الجدار الافقي 500 متر والجزء الاجنوبي لمتضرر بطول 80 مترا».
وحذر تقرير سري للحكومة الإسرائيلية، أعده السكرتير العسكري لرئيس الحكومة الإسرائيلية اللواء يؤاب غلانت، من خطر الانهيار الفوري الذي يتهدد الحائط الشرقي للحرم القدسي الشريف. مدعيا أن سبب ذلك يعود للهزة الأرضية التي ضربت «الشرق الأوسط» في فبراير/شباط الماضي.
وجاء في التقرير أنه «تم الكشف أخيرا عن وجود علامات مقلقة في الحرم القدسي تدل على حدوث تزعزع معين في ثبات منطقة الحرم. وتم في السنة الأخيرة معالجة النتوءات التي ظهرت في الحائط الجنوبي، وأدت الهزة الأرضية في فبراير الأخير إلى تضرر بوابة المغاربة فضلا عن زيادة الانحناء الحاصل في الحائط الشرقي».
وحسب تقديرات سلطة الآثار الإسرائيلية، فإن خطر الانهيار يتهدد الحائط الشرقي بشكل فوري وقد ينتهي بانهيار المسجد المرواني. وذكرت الصحيفة العبرية ان نسخة من التقرير ارسلت قبل بضعة أيام، إلى عدد من المسئولين بالحكومة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية، تمهيدا لاجتماع خاص سيعقد لمناقشة الموضوع.
وأشارت إلى أن غلانت توجه إلى كل من وزير الأمن الداخلي ، وإلى نائب رئيس الحكومة إيهود أولمرت، ووزراء الخارجية والجيش والمعارف والوزير المسئول عن شئون القدس، ورئيس جهاز الأمن (الشاباك) والموساد والمفتش العام للشرطة والمستشار القضائي للحكومة، كي يقوم كل منهم على حدة، ببلورة توصياته وتقديمها إلى رئيس الحكومة في أسرع وقت.
وأرفق «التقرير السري» بعدد من التقارير أعدتها سلطة الآثار الإسرائيلية، إذ قام خبراؤها بزيارة الحرم القدسي بعد الهزة الأرضية وفحص الجدار الشرقي، مستعينين بشركة هندسية خاصة. وتبين من الفحوصات أنه حدث تحرك في الحائط الشرقي بـمقياس 2,5 سنتيمتر. كذلك كشف عن وجود تصدعات جديدة واتساع حاد في تصدعات كانت موجودة من قبل. وتبين من مسح محوسب أن الحائط الجنوبي للحرم القدسي تحرك باتجاه الجنوب.
وكتب عالم الآثار المسئول عن منطقة القدس في سلطة الآثار الإسرائيلية يوحنان زليغمان إن: «الحائط الشرقي معرض لخطر الانهيار الفوري. إننا نوصي بمنع دخول المصلين إلى المسجد المرواني والمنطقة المحيطة به حتى تتم معالجة الموضوع... هناك تسرب مكثف للمياه وتصدعات واضحة في بعض الأعمدة الفنية. الحائط يواصل التحرك وعلى رغم أن هذه ظاهرة عمرها سنوات كثيرة، فإنها تشكل الآن خطرا ملموسا يجب معالجته من دون أي تأجيل».
وتوجه مدير سلطة الآثار شوكا دورفمان، بعد التقرير المذكور، إلى قائد الشرطة في القدس المحتلة وطالبه بمنع دخول الزوار والمصلين إلى المسجد المرواني.
وكانت صحيفة «يديعوت احرونوت» كشفت عن التقرير والتوصية المذكورة في عددها الذي صدر الخميس الماضي ونشرت مقتطفات منه.
وفي رد على التقرير رفض المسئولون في الاوقاف الاسلامية ولجنة الاعمار والآثار في القدس ما جاء فيه ووصفوه بأنه «يتضمن رؤية سياسية ومبالغة مقصودة هدفها التدخل في شئون المسجد الاقصى المبارك التي هي من اختصاص الاوقاف الاسلامية وحدها».
تصدعات قديمة وحديثة
وكان خبراء من سلطة الآثار الاسرائيلية توجهوا في اعقاب الهزة الارضية لدراسة آثار الهزة على الجدار الشرقي، وحصل الخبراء على مساعدة شركة هندسية خاصة، قامت بمسح وتخطيط الجدار، واتضح خلال الفحص، ان تحركا واضحا لمسافة 2,5سم حدث في قطاع معين من الجدار كما عثر على تصدعات جديدة، واتسعت التصدعات القديمة بصورة كبيرة، وادعت بأنه اتضح من عملية المسح هذه تحرك الجدار الجنوبي باتجاه الجنوب.
وزعم يوحنان زليغمان مهندس لواء القدس في سلطة الآثار والمهندس عوفر كوهين في تقرير اعداه: «الجدار الشرقي يتعرض لخطر انهيار فوري ونوصي بمنع دخول اشخاص الى المصلى المرواني والمنطقة المحيطة به وذلك الى حين اصلاح الجدار».
وكتب الاثنان في التقرير: «يوجد تسرب مياه في جميع ساحات المصلى المرواني، وتوجد تصدعات كبيرة في عدد من اعمدة الحماية، ويستمر الجدار بالتزحزح وعلى رغم حقيقة كون هذه ظاهرة منذ سنوات طويلة فإنها اصبحت اليوم تشكل خطرا ملموسا تستوجب المعالجة من دون اي تأجيل».
وفي اعقاب هذا التقرير توجه مدير سلطة الآثار شوكه درونفمان الى قائد «منطقة ديفيد» في الشرطة الاسرائيلية وطلب منه العمل على الفور على منع دخول اشخاص الى المصلى المرواني.
موقف مفتي القدس
وقال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ عكرمة صبري لـ «الوسط»: «نحن لا نثق ولا نعتمد على التقارير الاسرائيلية سواء كانت فنية اوغير فنية» واكد «ان دائرة الاوقاف الاسلامية اعدت دراسة فنية لترميم وصيانة الجدار الشرقي» مشيرا الى «ان الاوقاف لن تسمح بتدخل السلطات الاسرائيلية في موضوع الترميم فهو شأن اسلامي».
واكد المفتي العام ان هناك لجنة فنية ستصل من الاردن في غضون عدة ايام مختصة بإعمار المسجد الاقصى المبارك للاشراف على بدء الترميم للجدار الشرقي. وقال «ان التهويل من الاعلام الإسرائيلي في موضوع الجدار الشرقي هدفه التبرير للتدخل في شئون الأوقاف الإسلامية وموقفنا من ذلك واضح وسبق ان اعلناه بأننا لا نسمح بمثل هذا التدخل».
واضاف «ان دخول المسلمين الى المصلى المرواني هو شأن إسلامي ونحن حريصون كل الحرص على أمن المصلين المسلمين وليس الاحتلال بأحرص منا وان الأطماع الإسرائيلية في المصلى المرواني لا تخفى على أحد».
وردا على سؤال بخصوص الشقوق وتحرك الجدار بنحو 2,5 سم قال صبري: «ان التهويل في قضية الشقوق التي تظهر في الجدار والقول بأنه سينهار تعاكس ما كشفه مهندسو الأوقاف الإسلامية على الجدار وهم مطمئنون على سلامته». مؤكدا «انه بحاجة الى الصيانة والترميم».
واشار الى «ان هناك اتصالات مع جهات عربية وإسلامية لوقف التدخل الإسرائيلي في شئون المسجد الأقصى».
رئيس ومدير الأوقاف
ومن جانب آخر نقلت «القدس» تحذير رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ عبدالعظيم سلهب، الحكومة الإسرائيلية من التدخل بشئون الأقصى المبارك.
وقال: «إن أطماع «إسرائيل» والجماعات اليهودية الاستيطانية لا تنتهي»، مؤكدا رفض أي شكل من أشكال التدخل بأعمال ومسئوليات الأوقاف الإسلامية.
وأوضح الشيخ سلهب في تعليقه على التقرير الاسرائيلي، أن المصلى المرواني هو جزء من المسجد الأقصى، وأن المسجد بساحاته وأروقته وسوره ومصلياته ومساحته الممتدة على 144 دونما هي للمسلمين فقط ولا شأن لغيرهم بشئونه.
وأشار الى العراقيل التي تضعها «إسرائيل» لمنع الترميم في المسجد المبارك، من خلال منع وصول مواد الترميم إليه. مؤكدا «أن الإسرائيليين يفتعلون أمورا تتنافى مع الواقع». وذكر «أن الحائط الشرقي للمسجد والملاصق للمصلى المرواني لم يتغير وضعه بهزة أرضية أو خلافه، وأن الأوقاف الإسلامية ولجنة الإعمار أعدت الخطط الكاملة لترميم الحائط الشرقي والمصلى المرواني».
من جانبه استهجن مدير عام الأوقاف عدنان الحسيني، التقرير المزعوم وقلل من شأنه. ونوه إلى أن المحاولات الإسرائيلية باءت بالفشل، إذ أصبح المصلى المرواني مسجدا ويؤمه عشرات الآلاف من المصلين، وأن اي جزء منه هو شأن خاص بالاوقاف ولا دخل لأية جهة اخرى فيه.
وقال مدير دائرة الآثار في المسجد الأقصى المبارك يوسف النتشة لـ «الوسط» ردا على التقرير الإسرائيلي: «انه من الناحية الفنية قمنا بالاجراءات الكفيلة بتأمين سلامة المصلين والزوار للمصلى المرواني ووضعنا حاجزا يمنع وصول المصلين الى المنطقة التي نعتقد انه من الممكن ان تكون بحاجة الى حرص وحذر ولكن منع وصول جميع المصلين الى هذه المنطقة هو قرار لا يستند الى أية تقارير فنية بشمول كل المنطقة».
وأكد «اننا في الأوقاف نعتقد ان وراء محاولات منع وصول المصلين الى المصلى المرواني مواقف واهدافا سياسية بهدف التدخل الإسرائيلي في شئون المسجد الأقصى المبارك».
وقال: «ان آخر تقرير عن الجدار اعد من قبل الأوقاف كان قبل 10 ايام وذلك بعد كشف فريق الخبراء على الموقع» مؤكدا «أن الفريق مؤهل ويأخذ على محمل الجد كل حركة أو ظاهرة».
وأكد «أن الأوقاف الإسلامية في القدس تقوم بدورها بكل كفاءة وتجري فحصا دوريا لجميع الأبنية الموجودة في الحرم القدسي». وقال: «ان كل ما في الامر انها مبالغة إسرائيلية في قضية جدار قيد المعالجة».
وعن الأسباب قال: هي كثيرة جدا مثل قدم البناء والحفريات الخارجية حول وتحت الجدار وعدم اعطاء الأوقاف الحرية الكاملة واطلاق يدها في اتخاذ الإجراءات الفنية والصيانة.
تحويل المسجد إلى معبد
وفي ام الفحم حذرت مؤسسة الاقصى من تداعيات التقرير الذي يوصي بإغلاق المصلى المرواني امام المصلين، واعتبرت الامر تدخلا غير مسبوق في شئون المسجد الاقصى المبارك ومسا خطيرا بحرية العبادة. وحذر نائب رئيس الحركة الاسلامية الشيخ كمال خطيب من استغلال المؤسسة الاسرائيلية الظروف لتحويل المصلى المرواني الى معبد يهودي.
وقال: «واضح جدا ان هذا التقرير السري الذي وضع بيد رئيس الوزراء انما يؤكد ما قلناه مرارا وتكرارا من ان الحكومة الاسرائيلية تسعى لاستغلال اي ظرف يمكنها من خلاله ان تثبت وتضع رجلها داخل المسجد الاقصى»
العدد 577 - الأحد 04 أبريل 2004م الموافق 13 صفر 1425هـ