العدد 576 - السبت 03 أبريل 2004م الموافق 12 صفر 1425هـ

أحمد ياسين وميثاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس)

الظاهرة المعجزة وأسطورة التحدي

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

كان الشيخ أحمد إسماعيل ياسين شخصية (كرزماتية) إسلامية عالمية، وأصبح رمزا للشهداء والأحرار. ولد الشهيد في قرية الجورة قضاء المجدل جنوبي غزة العام 1938م، وكان في طفولته يكنىّ بأحمد سعدة نسبة إلى أمه الفاضلة سعدة عبدالله الهبيل، للتفريق بينه وبين الكثير من الأحامد في عائلته.

وقد توفي والده وهو ابن ثلاثة أعوام، وحينما حلت النكبة 1948م لجأت الأسرة إلى قطاع غزة (وكانت حينها ميدانا لعمل الإخوان المسلمين، كما أن الشهيد حسن البنا زارها في إحدى المرات للوقوف على أحوال طلائع الإخوان المقاتلة على الجبهة، بالإضافة إلى ما حققه نشاط الإخوان الدعوي والتربوي من نجاح كبير).

بأي يد سأفجر القنبلة؟

وأصيب الشيخ ياسين بشلل في نصف جسده، واشتغل بالتدريس منذ العام 1958م مدرسا للتربية الإسلامية. واعتقله النظام المصري مع مجموعة من الشبان العام 1966م بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم في القاهرة! وكان رده على القاضي (المسرحجي): بأي يد سأرمي قنبلة أو أشعل فتيلا؟

واعتقل الشيخ الشهيد أمين المجمع الإسلامي العام 1982م بتهمة حيازة أسلحة، وحكم عليه القاضي اليهودي بثلاثة عشر عاما، وقد جمع السجن، الشهيد بمعتقلي الجبهة الشعبية، وبعد أن تعرفوا عليه وعلى فكره ومواقفه راحوا يقدمونه ويقومون على خدمته، بل قدموه على لائحة المطلوب الإفراج عنهم. وفعلا أطلق سراح الشيخ في صفقة بين الجبهة والكيان الصهيوني ضمن صفقة أطلق فيها سراح 1200 أسير فلسطيني. وفي مايو/ أيار 1989م اعتقل الشيخ ياسين ورافقه إلى السجن ابنه محمد ذو الخمسة عشر عاما، ليدفع كرسيه المتحرك، وأطلق سراحه مع آخرين إثر (صفقة) بين الملك حسين، ملك الأردن، والكيان الصهيوني، مقابل إطلاق عميلي الموساد اللذين حاولا اغتيال خالد مشعل. وكان الشيخ الشهيد في سجنه أسير المحبسين، أسير الجسد المشلول وقضبان الحديد التي تطوقه.

ونقلت عنه «التايم» الأميركية في 1 فبراير/ شباط 1988م قوله: «إن الإيمان بالله وبرسالة الإسلام يعني أن تطلب الشهادة ولا تخشى الموت». وقد فشلت محاولة الكيان الصهيوني في اغتياله في العام 2003م، وصرح الشيخ معلقا على ذلك: بـ «أن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا» وقد تحققت أمنيته فرزقه الله الشهادة في 22 مارس/ آذار 2004م، ليصبح هذا التاريخ وصمة عار على جبين النظام العربي من المحيط إلى الخليج.

حركة المقاومة الإسلامية (حماس)

يعتبر مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ أحمد ياسين، الحركة نتاج فكر ووعي مدروسين، اختطت لنفسها مسارا يميزها عن باقي الفصائل العاملة في الساحة الفلسطينية، وقد ظهرت بجلاء أثناء الانتفاضة الأولى 1987م، إذ كانت مظاهر الانتفاضة تدل على وجود تكتل إسلامي، وإن كان لم يعلن عنها بشكل رسمي ومنظم إلا بعد عام إذ صدر دستور حماس المكون من 5 أبواب تحتوي على 36 مادة، وسنعرض لأهم المفاصل في دستور حماس وميثاقها، والمؤرخ في الأول من المحرم 1409هـ الثامن عشر من أغسطس/ آب 1988م.

المنطلقات الفكرية

جاء في المادة الأولى من ميثاق حركة «حماس» إن الحركة تعتبر «الإسلام منهجها، منه تستمد أفكارها ومفاهيمها وتصوراتها عن الكون والحياة والإنسان، وإليه تحتكم في كل تصرفاتها، ومنه تستلهم ترشيد خطاها». وعن صلتها بالإخوان المسلمين، تعتبر (حماس) نفسها وكما جاء في المادة الثانية «حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين، وحركة الإخوان تنظيم عالمي، وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث» وعن بنيتها وتكوينها تقول المادة الثالثة: «تتكون البنية الأساسية لحركة المقاومة الإسلامية من مسلمين أعطوا ولاءهم لله، فعبدوه حق عبادته، وعرفوا واجبهم تجاه أنفسهم وأهليهم ووطنهم، فاتقوا الله في كل ذلك، ورفعوا راية الجهاد في وجه الطغاة لتخليص البلاد والعباد من دنسهم وأرجاسهم وشرورهم».

والحركة من هذه المنطلقات الفكرية والعقائدية ما كان لها أن تقفل أبوابها في وجه من يأتي إليها ويعتقد بمعتقدها، ويأخذ بفكرتها ويلتزم بمنهجها ويحفظ أسرارها، وهذا ما أكدته المادة الرابعة.

التميز والاستقلالية

جاء في المادة السادسة «حركة المقاومة الإسلامية حركة فلسطينية متميزة... تعمل على رفع راية الله على كل شبر من فلسطين، ففي ظل الإسلام يمكن أن يتعايش أتباع الديانات جميعا في أمن وأمان على أنفسهم وأموالهم وحقوقهم، وفي غياب الإسلام ينشأ الصراع ويستشري الظلم وينتشر الفساد وتقوم المنازعات والحروب». وعلى رغم ذلك فإن الحركة ترى نفسها - كما جاء في المادة السابعة - حركة عالمية وهي مؤهلة لذلك لوضوح فكرتها ونبل غايتها، وسمو أهدافها. وعلى هذا الأساس يجب أن ينظر إليها ويقدر قدرها، ويعترف بدورها.

«... وحركة المقاومة الإسلامية حلقة من حلقات الجهاد في مواجهة الغزو الصهيونية تتصل وترتبط بانطلاقة الشهيد عزالدين القسام وإخوانه المجاهدين من الإخوان المسلمين العام 1936م، وتمضي لتتصل وترتبط بحلقة أخرى تضم جهاد الفلسطينيين وجهود الإخوان المسلمين في حرب 1948م والعمليات الجهادية للإخوان المسلمين العام 1968 وما بعده»... وشعار «حماس» هو ذاته شعار الإخوان المسلمين في أي مكان (الله غايتها والرسول قدوتها والقرآن دستورها والجهاد سبيلها والموت في سبيل الله أسمى أمانيها).

الاستراتيجية

وقد اشتملت المادة الحادية عشرة على استراتيجية الحركة ومرتكزها الأساسي «أن فلسطين أرض وقف إسلامي على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة، لا يصح التفريط بها أو بجزء منها أو التنازل عنها أو عن جزء منها، ولا تملك ذلك دولة عربية أو كل الدول العربية ولا يملك ذلك ملك أو رئيس، أو كل الملوك والرؤساء، ولا تملك ذلك منظمة أو كل المنظمات سواء كانت فلسطينية أو عربية، لأن فلسطين أرض وقف إسلامي على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة».

وأما عن موقفها من الحركات الإسلامية والوطنية في الساحة الفلسطينية فإن حماس «تنظر إلى الحركات الإسلامية الأخرى نظرة احترام وتقدير، فهي إن اختلفت معها في جانب أو تصور، اتفقت معها في جوانب وتصورات... وحماس لا تجيز الطعن أو التشهير بالأفراد أو الجماعات فالمؤمن ليس بطعان ولا لعان».

وأما عن الحركات الوطنية، فإن (حماس) «تبادلها الاحترام، وتقدر ظروفها والعوامل المحيطة بها والمؤثرة فيها...» وجاء أيضا: «... وتطمئن كل الاتجاهات الوطنية العاملة على الساحة الفلسطينية من أجل تحرير فلسطين، بأنها لها سند وعون، ولن تكون إلا كذلك، قولا وعملا حاضرا ومستقبلا تجمع ولا تفرق تصون ولا تبدد وتوحد ولا تجزئ... ولا تصغى للشائعات والأقوال المغرضة مع إدراكها لحق الدفاع عن النفس».

وترى (حماس) إن منظمة التحرير تعتبر «... من أقرب المقربين إلى حركة المقاومة الإسلامية، ففيها الأب أو الأخ أو الصديق، وهل يجفو المسلم أباه أو أخاه أو قريبه أو صديقه فوطننا واحد ومصابنا واحد ومصيرنا واحد وعدونا مشترك... ويوم تتبنى منظمة التحرير الفلسطينية الإسلام كمنهج حياة، فنحن جنودها، ووقود نارها التي تحرق الأعداء، فإلى أن يتم ذلك - ونسأل الله أن يكون قريبا - فموقف حركة المقاومة الإسلامية من منظمة التحرير الفلسطيني هو موقف الابن من أبيه والأخ من أخيه والقريب من قريبه، يتألم لألمه إن أصابته شوكة ويشد أزره في مواجهة الأعداء ويتمنى له الهداية والرشاد».

والوطنية من وجهة نظر (حماس) «جزء من العقيدة الدينية، وليس أبلغ في الوطنية ولا أعمق من أنه إذا وطأ العدو أرض المسلمين فقد صار جهاده والتصدي له فرض عين على كل مسلم ومسلمة تخرج المرأة لقتاله بغير إذن زوجها، والعبد بغير إذن سيده».

الحلول السلمية والمبادرات

جاء في المادة الثالثة عشرة: «تتعارض المبادرات وما يسمى بالحلول السلمية والمؤتمرات الدولية لحل القضية الفلسطينية مع عقيدة حركة المقاومة الإسلامية، فالتفريط في أي جزء من فلسطين تفريط في جزء من الدين، فوطنية الحركة جزء من دينها، على ذلك تربى أفرادها ولرفع راية الله فوق وطنهم يجاهدون. وتثار من حين لآخر الدعوة لعقد مؤتمر دولي للنظر في حل القضية فيقبل من يقبل ويرفض من يرفض لسبب أو لآخر مطالبا بتحقيق شرط أو شروط ليوافق على عقد المؤتمر والمشاركة فيه».

وترى حماس ألا حل للقضية الفلسطينية إلا بالجهاد، «أما المبادرات والطروحات والمؤتمرات الدولية، فمضيعة للوقت وعبث... والشعب الفلسطيني أكرم من أن يعبث بمستقبله وحقه ومصيره».

كما جاء في المادة الخامسة عشر من الميثاق أنه: «... لابد من رفع راية الجهاد، وذلك يتطلب نشر الوعي الإسلامي في أوساط الجماهير محليا وعربيا وإسلاميا، ولابد من بث روح الجهاد في الأمة ومنازلة الأعداء والالتحاق بصفوف المجاهدين».

وعن تربية الأجيال ترى (حماس) أنه: «لابد من تربية الأجيال الإسلامية في منطقتنا تربية إسلامية تعتمد أداء الفرائض الدينية ودراسة كتاب الله دارسة واعية، ودراسة السنة النبوية والاطلاع على التاريخ والتراث الإسلامي من مصادره الموثقة، وبتوجيهات المتخصصين وأهل العلم، واعتماد المناهج التي تكوّن لدى المسلم تصورا سليما في الفكر والاعتقاد مع ضرورة الدراسة الواعية عن العدو وإمكاناته المادية والبشرية والتعرف على مواطن ضعفه وقوته، ومعرفة القوى التي تناصره وتقف إلى جانبه، مع ضرورة التعرف على الأحداث الجارية ومواكبة المستجدات ودراسة التحليلات والتعليقات عليها مع ضرورة التخطيط للحاضر والمستقبل، ودراسة كل ظاهرة من الظواهر، بحيث يعيش المسلم المجاهد عصره على علم بغايته وهدفه وطريقه وما يدور حوله».

دور المرأة المسلمة

وتأكيدا لدور المرأة المسلمة فقد أكدت المادة السابعة عشرة أن: «للمرأة المسلمة في معركة التحرير دور لا يقل عن دور الرجل فهي مصنع الرجال، ودورها في توجيه الأجيال وتربيتها دور كبير، وقد أدرك الأعداء دورها وينظرون إليها على أنه إن أمكنهم توجيهها وتنشئتها النشأة التي يريدون بعيدا عن الإسلام فقد ربحوا المعركة، ولذلك تجدهم يعطون محاولاتهم جهدا متواصلا من خلال الإعلام والأفلام، ومناهج التربية والتعليم... وعلى الإسلاميين أن يؤدوا دورهم في مواجهة مخططات أولئك الهدامين، ويوم يملك الإسلام توجيه الحياة يقضي على تلك المنظمات المعادية للإنسانية والإسلام».

الحكومات العربية والإسلامية

ترى حماس أنه على: «... الدول العربية المحيطة بـ «إسرائيل» مطالبة بفتح حدودها أمام المجاهدين من أبناء الشعوب العربية والإسلامية ليأخذوا دورهم ويضموا جهودهم إلى جهود إخوانهم من الإخوان المسلمين بفلسطين. أما الدول العربية والإسلامية الأخرى فمطالبة بتسهيل تحركات المجاهدين منها وإليها وهذا أقل القليل».

أما عن المؤسسات والمثقفين تأمل حماس من: «... الأدباء والمثقفون ورجال الإعلام والخطباء ورجال التربية والتعليم وباقي القطاعات على اختلافها في العالم العربي والإسلامي، كل أولئك مدعون إلى القيام بدورهم، وتأدية واجبهم نظرا لشراسة الغزوة الصهيونية وتغلغلها في كثير من البلاد وسيطرتها المادية والإعلامية وما يترتب على ذلك في معظم دول العالم... فالجهاد لا يقتصر على السلاح ومنازلة الأعداء، فالكلمة الطيبة والمقالة الجيدة والكتاب المفيد والتأييد والمناصرة كل ذلك - إن خلصت النوايا لتكون راية الله هي العليا - فهو جهاد في سبيل الله...».

الانفراد بالشعب الفلسطيني

ترى حماس أن «الصهيونية العالمية والقوى الاستعمارية (تحاول) أن تخرج الدول العربية واحدة تلو الأخرى من دائرة الصراع مع الصهيونية، لتنفرد في نهاية الأمر بالشعب الفلسطيني، وقد أخرجت مصر من دائرة الصراع إلى حد كبير جدا باتفاق (كامب ديفيد) الخيانية وهي تحاول أن تجر دولا أخرى إلى اتفاقات مماثلة لتخرج من دائرة الصراع. ولابد من تجميع كل القوى والطاقات لمواجهة هذه الغزوة النازية التترية الشرسة، وإلا كان ضياع الأوطان وتشريد السكان ونشر الفساد في الأرض وتدمير كل القيم الدينية، وليعلم كل إنسان أنه أمام الله مسئول».

وجاء في خاتمة ميثاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) «وحركة المقاومة الإسلامية - وهي تشق طريقها - لتؤكد المرة تلو المرة لكل أبناء شعبنا والشعوب العربية والإسلامية أنها لا تبغي شهرة ذاتية، أو مكسبا ماديا أو مكانة اجتماعية، وأنها ليست موجهة ضد أحد من أبناء شعبنا لتكون له منافسا أو تسعى لأخذ مكانته ولا شيء من ذلك على الإطلاق، وهي لن تكون ضد أحد من أبناء المسلمين أو المسالمين لها من غير المسلمين في هذا المكان وفي كل مكان، ولن تكون إلا عونا لكل التجمعات والتنظيمات العاملة ضد العدو الصهيوني والدائرين في فلكه».

وإني إذ أنقل هنا ميثاق الحركة، ليرى كل منا ماذا قدم لها ولفلسطين العزيزة من جهد، وما هو نصيبه من الجهود التي تبذل لأهلنا في فلسطين. قطعا كل منا مقصر مع هؤلاء، أصحاب الأيادي المتوضئة، الأيادي العفيفة الطاهرة، اللهم سدد رميهم ولا ترد لهم دعاء ولا تمكن عدوهم منهم، وكن لهم نصيرا يوم قل الناصر، اللهم آمين.

ومضـات

- الإعلام: لقد جرح العرب وتمرغت كرامتهم في التراب، ومازال الإعلام يدق الطبل جهرا بلا حياء! فكفانا إعلاما هابطا، لا يعلم أولادنا إلا الرقص حتى تموت القلوب، فأي مستقبل لأمة ميت قلبها! ندعو إعلامنا العربي، والبحريني تحديدا، (أخذ كورسات تدريبية) من (قناة المنار) والتي فعلا تشرف وترفع رأس العرب.

- حزب الله: لقد أثبت هذا الحزب، وقائده السيدحسن نصرالله، ومرة تلو مرة، أن طريق الجهاد والمقاومة هو طريق تحرير الأرض والمقدسات. واستقبال أبطال حماس في بيروت في تأبين الشهيد أحمد ياسين وكلمة السيدنصرالله، كل ذلك ترجمة صادقة لما تبثه النافذة الإعلامية لحزب الله «قناة المنار»، فقئت عين من لا يرى (أو يشكك) في دور هذا الحزب المقاوم

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 576 - السبت 03 أبريل 2004م الموافق 12 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً