العدد 576 - السبت 03 أبريل 2004م الموافق 12 صفر 1425هـ

التشهير ممارسة غير حضارية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

التشهير بمختلف أنواعه، سواء مارسه أشخاص على مواقع الانترنت أو مارسته جهات رسمية، يعتبر ممارسة غير حضارية ولا يمكن لبلد يحب أن يوصف بالديمقراطية أن يقبل بالتشهير مهما كانت الأسباب.

فوجئنا بالخبر الخاص الذي أرسلته الجهات الرسمية إلى الصحف بشأن اعتقال أحد المواطنين بتهمة ضبطه مع خادمة في بيت مخدومها، وكان قرارنا في «الوسط»، وسيبقى كذلك إن شاء الله، أن ننأى بأنفسنا عن ممارسات التشهير التزاما بأخلاقياتنا الإسلامية وبمبادئ حقوق الإنسان.

التشهير ينتشر في البلدان المتخلفة لأن هذه البلدان تفقد المحتوى الإنساني ولا تبقى إلا المظاهر وسيلة للتناطح بينها. وقد كنا في «الوسط»، وسنبقى إن شاء الله كذلك، نشن حملة على الأشخاص غير المسئولين الذين لم يحصلوا على تربية كافية تمنعهم من التشهير بالآخرين على مواقع الانترنت أو بأية وسائل أخرى. وعليه لن نكون أقل حماسا عندما تنقلب الآية وتقوم احدى الجهات الرسمية بالتشهير بأحد المواطنين، فالخطأ هو الخطأ، والخطأ لا يبرر القيام بخطأ آخر، والخطأ لا يعالج بالخطأ... «ولا يطاع الله من حيث يعصى».

ربما أن الأمر كان اعتياديا عندما كان الوضع محكوما من قبل قانون أمن الدولة، ولكن الآن - والحمد الله - الأمور اتجهت للعمل السياسي الديمقراطي ولاحترام حقوق الإنسان (كل الإنسان بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى)، ولذلك فإن أية ممارسة للتشهير تعتبر مناقضة تماما لما نصبو إليه من حياة كريمة. فالحياة الكريمة تتطلب أن يتمكن الإنسان من الاحتفاظ بسمعته، وإذا ارتكب خطأ فإن القضاء هو الذي يفصل في الأمور، ولا يحق للأجهزة التنفيذية التشهير به.

المشكلة التي نواجهها في البحرين ومنذ بدء الانفتاح السياسي في مطلع العام 2001 هو اتساع ثقافة التشهير بسبب انتشار استخدام الوسائل الالكترونية التي يتمكن من خلالها أي شخص أن يخترق هذا الموقع الحواري أو ذاك (وفي كثير من الأحيان يقوم أصحاب الموقع ذاته باستخدام اسماء وهمية للكتابة في موقعهم، وكل واحد منهم بعدة اسماء مزورة) بغرض بث الاشاعات والتسقيط والشتم والتشهير بهذا الشخص أو ذاك. وفي غالبية الأحيان تكون الأسباب شخصية بحتة، مثل الحقد والرغبة في الانتقام، وفي بعض أحيان يكتشف المرء أن الذي يقوم بالتشهير هو الذي يمارس ما يتهم به الآخرين، وهذه حال موجودة ومستمرة وعايشناها ومازلنا نعايشها. ولكن وسيلة علاجها ليس عبر الرد بالمثل، لأن تكثير الخطأ لا يحل الأمر بل يعقده وينشر البلاء في المجتمع.

وإذا كان جزء من المشكلة «أهليا»، فإن الدولة عليها مسئولية أخلاقية يجب أن تمنعها بأي شكل من الأشكال من ممارسة التشهير. فبالتأكيد ان كل دولة لديها مخابرات ووسائل مراقبة وملاحقة وتستطيع أية دولة أن تكتشف أسرارا كثيرة عن أكثر الناس. ولكن الدولة الديمقراطية لا تفعل ذلك، لأنها وقبل أن تكون مسئولية أخلاقية فإنها ممارسة تعود بالضرر عليها على المستوى البعيد وتخلق الرعب لدى مواطنيها ومن يرغب العيش في أكنافها. فكثير من الدول (مثل سويسرا) تحافظ على أسرار الناس وبسبب ذلك تجني الاستثمارات وحب الناس واحترام الآخرين.

أملنا ألا تتكرر هذه الممارسات من أية جهة كانت، وأملنا أن نمارس دورنا جميعا لوضع حد لحملات التشهير الأهلية والرسمية... من أجل البحرين التي نحبها جميعا

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 576 - السبت 03 أبريل 2004م الموافق 12 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً