العدد 575 - الجمعة 02 أبريل 2004م الموافق 11 صفر 1425هـ

الناس لا تتحمل أية انعطافات خطيرة

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

في ظل أجواء التوتر لا يمكن أبدا ان تعالج القضايا وتحل الملفات العالقة، فكلما ازدادت الحرية واستتب الأمن اقتربنا من فتح ملفات الفساد وتصحيح الواقع، ولعل من أولويات العمل السلمي هو العمل المؤسسي والذي يشكل ليس للدعاية وإنما يتشكل عبر فريق عمل يعمل لأجل رصد التجاوزات والاخطاء. وكلما عالجنا ملفا من ملفات الفساد الإداري أو المالي انعكس ذلك ايجابيا على الملف وسيره نحو التغيير. ولنا خير مثال في التأمينات والتقاعد والأوقاف وغيرها. لا يعني ذلك ان الواقع تغير إلى الدرجة الكبرى، ولكن الغاء العجز في بحيرة الفساد الراكدة كفيل بتحريك بعض هذه الملفات نحو الأفضل.

أسعار الأوقاف الجعفرية بعد النقد المتواصل بدأت تتغير ولو نسبيا وبدأوا يحيطون أنفسهم ببعض الاحتياطات وان كانت هناك مواقف مازالت جامدة في قضية أراضي السيف. فأحد المستأجرين مكث فترة من الزمن لم يسدد مبلغ ايجار الأرض الا انه الآن سدده ولكن القضية ما المشروعات التي ستقام على مثل هذه الأراضي! والغريب ان الأوقاف تحاول ان تخلق استثمارات في هذا المكان الحساس، وهي لا تملك فريقا استشاريا اقتصاديا فأي خطأ في ذلك وفي أي عقد سيحمل مستقبلا للإدارة الحالية!. المهم في ظل اهتزاز الأمن يتنفس كل مفسدٍ وأنا على يقين ان الارباك الأمني عبر مسيرات غير مدروسة العواقب والخضات العاطفية هي بمثابة الرئة التي يتنفس بها كل مسئول مديرا كان أو وزيرا، لأن الحرية والاستقرار السياسي والأمني هو الذي ينجب المراقبة والمحاسبة والصحافة الحرة والنقد الموضوعي و... هذا ما حدث طيلة هذين العامين، فمناخ الحرية خلق لنا أجواء للمحاسبة واستطعنا ان نترافع عن الطبقة المسحوقة من الشعب وبتنا نكتب في الصحافة ما يحلم به كثير من دول الجوار وساهم ذلك في تغيير ولو نسبي وأصبح بعض المتضررين من محاسبة هنا أو مساءلة يلهثون وراء الصحافة وغيرها من مؤسسات الرقابة لكن كل هذه الجهود ستتلاشى في لحظة أي ارباك أمني، فيجب ان نقطع الطريق في ذلك لأن هناك من المتصيدين ممن يحلمون كل ليلة بعودة الماضي بقوانينه الصارمة وهذا ما يجب منعه فكل أخطاء الحرية في ظل المشروع الاصلاحي أفضل ألف مرة من كل مزايا الاستبداد أيام مرحلة قانون أمن الدولة. وهنا يجب على العقلاء ان يخطفوا المبادرة سواء من طرف المجتمع أو السلطة ويجب ألا يختزل المجتمع بخطاب واحد فمازالت هناك أصوات عاقلة لا تؤمن بسياسة قائمة على بركة النهاب في الوقت الذي هي فيه مازالت تترافع عن الناس وتجأر بالحق لأجل قضاياهم ولا أحد يستطيع ان يزايد على وطنيتها أو تاريخها ومن كل الاطراف سواء في وسط التيار الإسلامي أو الليبرالي. ان ملف التوظيف وملف التمييز وقضايا الفساد المالي والإداري ومحاربة المحسوبية وظاهرة غسيل الاموال لا تحل بالصراخ أو السب، من يريد ان يعمل فليشكل فرق عمل لنبش كل هذه الملفات بحرفية وعلمية وموضوعية وان يعمل على ملفات الفقر والجوع والبطالة، فالناس الجائعة ليس لها آذان وما عادت تتحمل اية انعطافات خطيرة فنحن نحتاج الى سنين لكي نقوم بتأهيل قواعدنا الجماهيرية وما اصابها من قانون أمن الدولة من خسران التعليم وفصل من الجامعة وقطع للارزاق وكل ملف يحتاج الى جهد وتعب وسهر ومتابعة فالحياة ليست كلها سياسة فحتى ننجح مع الناس يجب ان نركز على الواقع السياسي اضافة الى الواقع الاقتصادي والمعيشي لقواعدنا، فهنا مسرحون ومهمشون وعاطلون وكلما فتحت مؤسسة ملئت باداء قائم على التمييز ونحن تائهون في المسيرات. من منا تطرق إلى قضية التمييز في التوظيف في البرلمان والشورى، النيابة العامة، المحكمة الدستورية، و.... البقية تأتي، نحن لا نستطيع ان نضغط على ذلك عبر مسيرات وانما عبر لعب من الداخل مهما كان ضعيفا. العمل السلمي اخطر ألف مرة من العمل الجماهيري والجهد الذي يبذل فيه مضاعف. الملفات تتكدس والمؤسسات تشحن بثقافة التمييز والبعثات توزع ونحن مشغولون بالمسيرات. العمل السلمي يحتاج، الى معلومات ومتابعة وضغط سلمي فالمسيرة حق اذا كثرت ضعفت

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 575 - الجمعة 02 أبريل 2004م الموافق 11 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً