العدد 573 - الأربعاء 31 مارس 2004م الموافق 09 صفر 1425هـ

قلها يا وزير للحكومة: الأزمة أزمة موازنة!

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

غريب هو الاعلام البحريني بصوره المختلفة... فإن اراد النفخ في قضية فليس عليه الا ان يقول كن فيكون، وان رفض شيئا يصر عليه على طريقة «عنزة وان طارت»! الانتقائية والضرب تحت الحزام يُضعفان الصدقية ونعود الى ما كنا عليه سابقا، اذ كان الجمهور البحريني لا يصدق من الصحافة الا صفحة الوفيات. هذه مقدمة أطرحها للدخول في موضوع وزارة الصحة.

منذ الخلاف الذي تفجر بين القوم والوزير الى يومنا هذا لم تهدأ الأمور، فالوزير يوزع الوعود والأمنيات في كل لقاء صحافي وفي كل اجتماع وغالبية القوم من المستشارين ذرفوا من الدموع ماذرفوا على قضاياهم وما جرى عليهم. بالنسبة الى العيادات الخاصة فقط - وهنا يقع اللوم والعتاب - والصحافة - سامحها الله - انقسمت على نفسها. والذي ينبغي الانتباه اليه والتركيز عليه والذي تُعمد إهماله ان قصة المستشارين والصراع الدائر بين الوزير هي فصل من كتاب كبير يسمى «الصحة»، له عدة فصول. فلماذا تختزل كل آلام وزارة الصحة في فصل واحد؟ ان اردنا حلا منصفا فيجب تحكيم المصلحة العليا، فالوزير يجب ان ينصت قليلا للآخرين وليستمع لبقية فصول الكتاب، وألا يختزل كل المشكلات في قضية المستشارين، والمستشارون يجب ان يتنازلوا عن بعض ما أخذ منهم أيام وفرة الاستحقاقات المضخمة ونبدأ بعلاج المشكلة. لا أحد منا لا يؤمن بتلك الحكمة الجميلة «كلما قلت الرحمة ازدادت أجور الاطباء والمستشفيات»، ولكن وللانصاف يوجد أطباء استشاريون ايضا انسانيون في مواقفهم. ما يعجبني في الوزير هو الآمال والطموحات التي يحملها، ولكن - وهنا مربط الفرس - ان الوزير يخشى ان يقول للحكومة: «يا حكومة ترى الجودة وحل المشكلات لا تأتي بموازنة لا تملأ كف اليد». يا سعادة الوزير قلها للحكومة بالفم الملآن: «اعتبروا وزارة الصحة مؤسسة الشباب والرياضة واعطوها مزيدا من الاموال». فلربما يسمع لندائك بدلا من ان تتحمل كل أعباء المشكلات وتحمل وزر 30 عاما من مشكلات الوزارة. فأطباء الأسنان غير المثبتين لا يسمعون الا صولة بطونهم الجائعة ولا عتب، فالبطون الجائعة ليست لها آذان كما يقول المثل الانجليزي.

وبين يديك في مستشفى السلمانية ثلاثمئة طبيب بعقود مؤقتة. صحيح انهم يعطون رواتب ولكنها لا تليق بحالهم كأطباء، وجزى الله أوغسطينيوس إذ يقول: «جميل ان يعطى الجائع خبزا وأجمل منه ألا يكون في الدنيا جياع».

وهنا يجب ألا يلقى البيض كله على سياسة الوزير، فالموازنة الشحيحة لا تتناسب مع تلك التطلعات المستقبلية الجميلة ولا تتناسب مع حجم الخدمات التي تقدمها الصحة ولا حجم الطاقم الذي يعمل في الوزارة... ازداد السكان وازداد المجنسون وموازنة الصحة مازالت تزاول الريجيم الحاد تماما كمن يريد ان يغذي مليون جائع بدينار. الضحية في كل ذلك هم موظفو الصحة على شتى اقسامهم، فلا أحد يسأل عن كادرهم الوظيفي ولا عن رواتبهم أو درجاتهم التي اصيبت بالشيخوخة منذ سنين، حتى العمال في وزارة الصحة فهم ليسوا كالعمال في الوزارات الأخرى إذ إنهم يحلمون بالعسل ليلا ويكتشفون صباحا بأنه خل! ونصيحتي لكل المواطنين ان ينتصروا لمشكلاتهم وآلامهم من دون ان يكونوا مع طرف ضد آخر، وان يلزموا النواب بطرح قضاياهم، فالوزارة بأكملها تنتظر الوعود التي منها تحريك الكادر وتثبيت الاطباء. وعلى ذكر الموازنة فالحكومة بوزيرها اعطوا وعودا ببناء مراكز صحية في كل من باربار ونويدرات و... ولا أعلم كيف تتحقق الوعود والموازنة مازالت «محلك سر»؟ أما سترة فمازالت تحلم باسعاف على رغم اعدادها الهائلة!

سترة طلبت اسعافا فقط لتنقذ شبابها بعد ازدياد موت الأحبة، فالاسعاف لا يصلها - بسبب الاختناق المروري - الا بعد وفاة المصاب فيكمل الجميل بحضور مراسم الدفن! إذن ملف الاستشاريين والوزير أخذ أكبر من حجمه اعلاميا وصحافيا وميدانيا، وجاء الوقت للتفرغ لبقية الفصول والتي منها: الاطباء الفقارى، موظفو المختبر، الصيدلة، الأشعة، الصيانة، التنظيفات، المراكز... الخ. فمن يسمع عن رواتبهم يبكي ويضحك، رواتب متدنية، علاوات معطلة، أطباء أسنان «مكروفين» وهم غير مثبتين وهذا الامر ينسحب حتى على بعض الاستشاريين وخصوصا الصامتين منهم، فما يقدمونه من خدمات لا يتناسب مع رواتبهم. أما عن البعثات فتلك لها فصل آخر وعلى الجميع ان يتذكر جيدا «نظرية الفيلة والعشب» حتى لا تضيع حقوق المسحوقين. وهناك نقطة جديرة بالاهتمام إن أردنا إنصاف الوزير والمستشارين، عليهم أن يتعاونوا ويحلوا الإشكاليات العالقة فيما بينهم، فالوزير يجب أن يجأر بالحقيقة أمام السلطة لأن الأزمة أزمة موازنة، وعلى المستشارين أن يتعاونوا معه، فغالبيتهم كفاءات كبيرة لا يمكن إنكار خبرتهم الطويلة في الطب. فالوطن أولى بالجميع من الهجرة إلى الخارج

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 573 - الأربعاء 31 مارس 2004م الموافق 09 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً