تُغالِب القوائم العراقية الانتخابية المتنافسة بعضها البعض. جزءٌ منها حوّل المشهد من بداية ونهاية، إلى بدايات ونهايات. ومن محطتين إحداهما للخاسر والأخرى للرابح إلى أربع محطّات، يُظافِر بهم واقعا قد لا يشتهيه أو يرتضيه عندما يحين الحسم.
في كلّ إعلان رقمي من المفوّضية العليا العراقية للانتخابات يأنسُ فريقٌ على آخر بالنتائج المُعلَنة لصالحه. ثمّ يستفيق على وقع أنها مجرّد بداية لا تنتهي إلى نهاية واحدة ووحيدة. بل إنها مجرّد محطّة تليها ثانية وثالثة وهكذا دواليك.
معادلة الواقع العراقي مُعقّدة جدا. فآحاد الدوائر (بناء على النظام والنتائج المُعلَنة) ترنو إلى حساب القيمة الخاصة بالمقعد الانتخابي، طبقا لكثافة التصويت (صعودا ونزولا) في تلك الدوائر التي قد تضمّ إحداها خمسين ألف صوت، في حين تبلغ طاقة الأخرى ثلاثين ألفا فقط.
وبما أن النظام المذكور يُحتِّم على القوائم الانتخابية وصولها (بالضرورة) لـ «العتبة الانتخابية» لكي تنال «أفضل الفائزين» فإن العُقدة تُصبح لاحقا في توزيع الأصوات التي حصل عليها الخاسرون لكي تُمنَح (قانونيا) لأفضل الفائزين!
وعليه، فإن خَسِرَ نوري المالكي محافظة غربية أو شمالية (سُنِّيّة) ولم يَصِل إلى العتبة الانتخابية، فإن أصوات قائمته ستذهب آليا لمن خطف لقب أفضل الفائزين في تلك المحافظة. وهو حال إياد علاوي أيضا في محافظات الجنوب الشيعية، التي حصل فيها ائتلافا المالكي والحكيم أصواتا غالِبة.
وطبقا، للنظام الانتخابي العراقي أيضا، ولنتائج المفوضيّة العليا للانتخابات، فإن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي (لغاية اللحظة) كانت نتائجها في أربع محافظات من أصل خمس عشرة محافظة ضعيفة للغاية، ولا تُلامس «العتبة الانتخابية». بالإضافة إلى أنه حلّ ثانيا في ثلاث محافظات، وفي أربعٍ منها استطاع الائتلاف الوطني العراقي بزعامة الحكيم منافسته صدرا بصدر.
على عكس القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي فإنها قد تخطّت العتبة الانتخابية في ست محافظات عراقية، ومتفوّقة في أربعٍ أخرى (خصوصا في الغرب والشمال) بأصوات انتخابية كبيرة. كما أن حظوظها الأقل كانت بالتعادل الهش في كركوك، وبنتائج ضعيفة في محافظتين فقط.
وإذا ما تحقّق ذلك في خواتيم الأمور فإن قائمة المالكي ستأكل أصوات الخاسرين في سبع محافظات (وهي المتبقيّة من مجموع المحافظات) وعلاوي في خمس أخرى، بالإضافة إلى أثقال التعادل كما جرى كركوك (إذا ما تبدّلت النتيجة بعد احتجاج الأكراد).
من جهة أخرى، فإن نتائج التصويت الخاص والتي تبلغ زهاء المليون صوت وتضمّ أصوات الجيش والأمن والسجناء وأصوات المهْجَر. وضمن هذه المعادلة، قد ينال المالكي أصوات أفراد الجيش والداخلية، وعلاوي أصوات المعتقلين والمهجّرين، وهي حَسْبَة أخرى في النتائج.
فآلية الانتماء العسكري والأمني تفرض على المنتسبين لتلك المؤسسات الاستعداد بالذهاب ضمن مسار مُحدّد، تقرّه تلك الثقافة، بالإضافة إلى حالة العراق الخاصة، التي سمحت بسيطرة الميليشيات والأحزاب المعارضة (وخصوصا الإسلامية منها) على الجيش والأمن، وهو ما يعني أن قائمة المالكي ستنال حظوة في ذلك، أو رديفها وهو الائتلاف الوطني.
بالنسبة لأصوات الخارج، فإن أجزاء كبيرة من العراقيين المقيمين في إيران وأوربا والولايات المتحدة وأستراليا ستذهب لقائمة المالكي والائتلاف طبقا للتوجّهات التي تحكم ذلك الجَيب الانتخابي. أما عراقيو سوريا والأردن ومصر واليمن ومصر ومنطقة الخليج وليبراليو المهجر الأوروبي سيمنحون أصواتهم لإياد علاوي.
فهؤلاء تحكمهم توجّهات غير دينية في النشأة والتكوين، ومتحالفون بشكل طبيعي (نَسَبيّا) مع أصوات المحافظات الغربية والشمالية السُّنيّة التي منحت علاوي أصواتها. وهم في الأعم الأغلب من يُهيمن على صوت المهجر عدديا. بل إن البعض يُرجّح أعدادهم بنسبة الثمانين في المائة من مجمل الصوت المهجري.
في كلّ الأحوال، وبعيدا عن ذلك التعقيد وتلك القراءات، فإن الضّامن في ذلك ليس الحصول على الأكثريات والأقليات عبر صناديق الاقتراع، بقدر ما هو الحصول على التفويض الأعمّ والأشمل من الأكثرية والأقليّة بالسّواء.
فالمعروف أن الكتلة البشرية الأغلب هي في جنوب العراق وجزء في وسطه، والكتلة الأقل هي في الغرب والشمال وما تبقى من وسطه، وبالتالي فإن المعادلة شبه محسومة، إلاّ في حالة تبدّل المزاج الوطني من ديني طائفي إلى اشتراكي ليبرالي.
أضِف إلى ذلك، فإن النظام الانتخابي العراقي غير حكيم في ملحوظة إضافة أقلّ الخاسرين إلى أقوى الرابحين. فالأصوات الخاسرة حين يتمّ جمعها قد تتجاوز أصول الأرقام في محافظات أخرى تعدّت العتبة الانتخابية، فهي ليست بالضرورة حقيقة شفّافة للفائز الذي قد يستخدم هذه الرابحة لتحقيق فوز ناجز.
وبالتالي فإن المعادلة وفق الأكثرية والأقليّة القائمة على الانتماء الديني والطائفي شبه محسومة. وعليه فإن التطلّع إلى تغطية التراب العراقي بالتوافق هو الأصلح، خصوصا لظروف معقدة كالتي يمرّ بها العراق حاليا. كما أن وجود أحزاب راديكالية غير مدنية في السلطة يُدعّم من ذلك الخيار، خشية من تحوّل السلطة لدى أولئك إلى مُلكٍ عضوض.
النُصح الذي قد يُقدّم للعراقيين في هذه المرحلة، هو إدراك ذلك بشكل جدّي. فتشييد حكومة ضامنة للجميع، تُحقّق طموح الأكثرية، وتُسكّن هواجس الأقليّة هي بالتأكيد غاية الأمر ومطلبه.
فما يُريده العراقيون (كلّ العراقيين) هو أن يُدركوا ويقتنعوا أن هذه الحكومة هي حكومتهم، والدولة هي دولتهم (كما كان يقول المؤرخ العراقي كنعان مكية)، ليطمئنوا أنهم منها وهي منهم. لا تستأسد عليهم ولا تتغوّل.
ليس بالضرورة أن نُكرّر التجربة النيجيرية التي يُعطي دستورها الحق لست وثلاثين ولاية بترشيح ممثل لها في الحكومة لكي تنال الرضى العام، إلاّ أن ذلك أو أقلّ منه يعتبر شكلا من أشكال التوافق على أصول اللعبة التي تمنح النجاح والفشل مساحة أكبر من الأرضية الوطنية خارج الفئويات القاتلة.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 2754 - الأحد 21 مارس 2010م الموافق 05 ربيع الثاني 1431هـ
لصاحب المداخلة 3
للتذكير فان السيد المالكي كان يقول قبل أيام بانه لا ينفي وجود تلاعب طفيف في الفرز ولكنه لا يؤدي إلى تغيير جوهري في النتائج إلا انه اليوم يقول بأن هناك تلاعب كبير قد جرى. فهل المقصود أن فوزه يعني أن الانتخابات نزيهة وخسارته أن الانتخابات مزورة؟
عبد علي عباس البصري
اسباب الشكوك في النتائح
1= الفارق الكبير في نتائح الانتخابات اصبح فيها الثلث في الاسبوع الاول رابح في يوم ويصف
2=التكوين الاجتماعي للعراق يعطي الاولويه لسلطه القانون المركز الاول لان الشيعه يحتلون 80% من مكونات الشعب العراقي ،فكيف يفوزون البعثيين ؟؟؟؟ الذين لهم آثار دمويه على الاكراد الشيعه.
3=التأخر المشبوه في النتائج التي لم يسق له امثيل لا في تاريخ العراق الحر ولا في تاريخ العالم الديموقراطي .
كل هذا من الصفراء والحمراء والله ولي المؤمنين
تساؤل
السؤال المطروح الان هل ان واشنطن والرياض متورطتان في الانتخابات العراقية وفي فوز علاوي ؟ هذا هو الموضوع
البعث والقاعدة
والله يابو عبدالله تحليلك يدخل العقل لكن الخوف ثم الخوف من هالتكفيريين والبعثيين يعفسون القضية