قال مؤسس الشركة العربية للوكالات والنشر وعضو المجلس التأسيسي الذي أشرف على وضع الدستور بعد الاستقلال عبدالكريم عبدعلي العليوات في حديث إلى «الوسط» إنه كان أقام أول معرضٍ للكتاب في البحرين قبل الاستقلال وتحديدا في 30 مارس/ آذار 1971، ذاكرا انه أقامه حينها في نادي العروبة، وبرعاية من القائم بأعمال رئيس التربية والتعليم حينها المرحوم الشيخ عبدالعزيز آل خليفة.
وأشار إلى أن زياراته لمعارض الكتاب التي كانت تنظم في كلٍّ من القاهرة وبيروت وألمانيا أيضا في الستينيات ومطلع السبعينيات من القرن الماضي دفعته إلى تنظيم تلك المعارض التي لم تعهدها البحرين من قبل، لافتا إلى أن غالبية دور النشر البحرينية لم تشارك فيها في البداية، مرجحا ذلك إلى «خوفهم من الاشتراك في معرض يديره ابن عبدعلي العليوات (أحد قيادات هيئة الاتحاد الوطني )».
وأوضح العليوات أنه أقام أربعة معارض للكتاب كان آخرها في العام 1976، مشيرا إلى أن الكتب السياسية والأدبية كانت تلاقي إقبالا منقطع النظير من قبل البحرينيين، مستذكرا أن «رباعيات الخيام» للأديب إبراهيم العريض كان أكثر تلك الكتب مبيعا، وكان سعره آنذاك 350 فلسا فقط.
وفي علاقته بالمجلس التأسيسي الذي وضع أول دستورٍ للبلاد العام 1973، فقد أشار العليوات إلى أنه تم انتخابه عن دائرة «المخارقة والحمّام» بالمنامة ليمثل الأهالي في المجلس التأسيسي، مؤكدا أنه حصل على الأصوات التي صوتت على أجندة وطنية جامعة.
وقال: كان الملف الدستوري حينها طاغيا على مطالب الجماهير، غير أن الهم الإسكاني كان بارزا أيضا، لذلك كان المواطنون راضين عما أنجزناه في الدستور لأنه كفل لهم جملة من الحقوق، غير أن حل المجلس الوطني في منتصف العام 1975 أدى إلى سطوة النزعة الأمنية على سلوك الناس، كما زادت الرقابة على الكتب أيضا التي كان يمنع الكثير منها في غالبية الأحيان في ذلك الوقت. وفيما يأتي نص اللقاء معه:
متى قمت بتنظيم أول معرض للكتاب؟
- في مارس/ آذار 1971، أي قبل الاستقلال بعدة أشهر نظمت أول معرض للكتاب، وقد نظمت بعده ثلاثة معارض أخرى.
ما الذي دفعك إلى تنظيم معرض الكتاب حينها، في الوقت الذي لم تكن البحرين عهدت تنظيم معارض للكتاب حتى ذلك الحين؟
- من خلال زياراتي لمعارض الكتاب في دول أخرى في بيروت والقاهرة وألمانيا اطلعت على هذه المعارض وأردت نقل هذه التجارب الناجحة إلى البحرين.
أين كنت تقيم معارض الكتاب التي نظمتها؟
- نظمت المعارض في نادي العروبة وفي القسم التجاري بمدرسة المنامة الثانوية.
هل هناك أسباب لاختيارك هذه الأماكن لإقامة معارض الكتاب فيها؟
- نعم. اخترت نادي العروبة في المرة الأولى لأنه من النوادي والمنتديات الثقافية المشهورة، وفي المرة الثانية أقمته في القسم التجاري بمدرسة المنامة الثانوية رغبة مني في توسيع دائرة الاستفادة من الكتب المعروضة لتشمل طلبة المدارس.
إذن أنت استهدفت منابر الوعي (إن صح التعبير) في مطلع السبعينات... صحيح؟
- أنا استهدفت الجمهور القارئ في البحرين. وحينها كان بالطبع يتمثل في الطبقة المثقفة وطلبة المدارس.
كم عدد دور النشر التي اشتركت في أول معارضك للكتاب؟
- هناك دور نشر كنت أنا أمثلها بحكم ملكيتي للشركة العربية للتوزيع، مثل دار المستقبل العربي في بيروت ودار المعارف في مصر، ودار الثقافة في بيروت، وهناك دور نشر من الكويت أيضا. أستطيع أن أقول إن هناك 20 دارا تقريبا شاركت في ذلك المعرض.
كيف كان إقبال الناس على أول معارضك؟
- كان إقبال الناس جيدا حينها على ذلك المعرض، الأمر الذي شجعني على تكرار تنظيم المعرض لمرات أخرى.
هل تعتقد أنك حققت من المعرض الغرض الذي كنت تصبو إليه؟
- أعتقد أنني حققت جزءا مما كنت أطمح إليه، لكنني لم أحقق صراحة كل ما أردته.
كيف؟
- كنت أتوقع أن تساهم المكتبات الأخرى في المعرض، لكنها لم تقم بذلك، على رغم أنني وجهت إليها دعوات للمشاركة.
لماذا لم تشترك المكتبات البحرينية الأخرى في معارض الكتاب التي أقمتها؟
- ربما لاعتبارات سياسية كوني ابن عبدعلي العليوات (أحد قيادات الهيئة الوطنية)، إذ كان الهاجس الأمني لايزال موجودا بقوة لدى الناس.
هل حظي المعرض برعاية رسمية من قبل المسئولين؟
- طلبت من الشيخ عبدالعزيز الذي كان حينها القائم بأعمال رئيس التربية والتعليم والتي تحولت بعد الاستقلال إلى وزارة تحت قيادته أن يرعى المعرض، وفعلا قام هو بافتتاح المعرض، غير أنني طلبت منه إحضار عدد من طلبة المدارس لكنه اعتذر.
والسبب؟
- قال لي إن هذه الأمور تمس الجانب الشخصي للطلاب وأولياء أمورهم، وهذه أمور لا نتدخل فيها.
عدا افتتاح الشيخ عبدالعزيز للمعرض، هل حظيت بدعم رسمي آخر؟
- لا. ولم يكن هناك أحد آخر من المسئولين قدم أي تسهيلات أخرى.
هل حاولت أن تعيد تنظيم معرض الكتاب مرة أخرى؟
- نعم. أنا نظمت أربعة معارض للكتاب، في 71 و72، ثم توقفت لعامين وأعدت تنظيم معرضين آخرين في 1975 و 1976، ثم توقفت.
لماذا توقفت سنتين بعد العام 1972؟
- لأنني قمت بتنظيم المعرض الثالث مع شركة الشرق الأوسط الانجليزية، وكان المعرض مختلفا حينها في طريقة تنظيمه عن المعرضين السابقين.
هذا المعرض كان الثالث الذي تقيمه... أين أقمته؟
- أقمته في قسم المعارض بالقرب من سوق المنامة حينها.
كيف كان الإقبال بشكل عام على معارض الكتاب التي كنت تقيمها عاما بعد عام؟.
- كان الإقبال يتزايد سنويّا.
كيف كانت توجهات القارئ البحريني في السبعينات، وما الكتب التي كان يفضلها؟
- في الغالب كان القراء يفضلون الكتب السياسية، الشعب البحريني فعلا مولع بالسياسة – كان ومازال-.
في ذلك الوقت، هل كان الإقبال على الكتب الدينية محدودا؟
- نعم، أما الآن فالصورة أصبحت بالعكس.
شهدت الفترة التي أقمت فيها معارض الكتاب حراكا سياسيّا واضحا تمحور حول الاستقلال وانتخابات المجلس التأسيسي ثم النيابي، ألم تلهِ السياسة الناس وتبعدهم عن الكتب حينها؟
- بالعكس. كان القارئ البحريني يحاول تثقيف نفسه سياسيّا، وحتى أدبيّا، كان أكثر الكتب مبيعا كتاب «رباعيات الخيام» لإبراهيم العريض.
توقفت بعد العام 1976 عن إقامة معارض الكتاب. لماذا؟
- لأن الشركة تغيرت، وبقيت لوحدي، ولم أستطع أن أقيم معارض أخرى بعدها.
ألم يكن معك أحد يعاونك في إدارة معارض الكتب تلك؟
- كان معي أخي المرحوم فيصل العليوات، لكن بعد وفاته أصبحت المكتبة لي بعد أن اشتريت حصته فيها، ومن ذلك الوقت لم أعد أنظم معارض للكتاب.
كيف كانت أسعار الكتب حينها؟
- كانت رخيصة وفي متناول الناس، وكانت الليرة اللبنانية حينها تساوي 200 فلس، لكن بعض الناس كانوا يشكون أحيانا من ارتفاع أسعار بعض الكتب في ذلك الوقت، لكن بشكلٍ عام كانت الأسعار رخيصة.
كمثال .. كتاب «رباعيات الخيام» بكم كان يباع حينها؟
- بعناه حينها بـ 350 فلسا.
هل كان الإقبال على معارض الكتاب التي أقمتها حينها متركزا على أهالي المدن؟
- بالعكس كان إقبال سكان القرى أكبر من غيرهم.
هل كانت لك علاقات بدور النشر أو منظمات تعنى بالنشر والطباعة خارج البحرين؟
- أنا عضو في اتحاد الموزعين العرب، واتحاد الموزعين في العالم، لكنني استقلت من اتحاد الموزعين العرب، بعد أن انضم إليها أحد اليهود العاملين في قطاع المكتبات في لبنان، ولم اقبل أن ينضم يهودي إلى هذا الاتحاد العربي.
انتخابات المجلس الـتأسيسي
رشحت نفسك لانتخابات المجلس التأسيسي في 1972. هل كان ذلك بسبب رغبتك في إكمال مسيرة والدك السياسية؟
- لا. أنا أحببت أن أنضم إلى المجلس التأسيسي (1972 - 1973). وبطبعي كنت أميل إلى السياسة.
عن أي دائرة ترشحت؟
- عن دائرة فريق الحمّام والمخارقة بالمنامة.
هل كان فوزك بمقعد المجلس التأسيسي بسبب شهرتك في مجال المكتبات أم في السياسة؟
- لا. في السياسة ، ولأن الناس كانت مرتبطة بذاكرة هيئة الاتحاد الوطني التي قادت النضال في خمسينات القرن الماضي.
لم تكن منتميا إلى أحد التشكيلات السياسية الموجودة في السبعينات حينها.. لماذا؟
- لم أشترك في أي حزب أو توجه سياسي، وكان لدي تحفظ على الأحزاب التي دخلت العملية السياسية، فرشحت نفسي كمستقل، على رغم أنه جاءني عدة أشخاص يدعونني إلى الانضمام إليهم.
مثل من؟
- مثل رسول الجشي، والشيخ عيسى قاسم، ولكنني أيدت قاسم والكتلة الدينية في ترشيح إبراهيم العريض لرئاسة المجلس التأسيسي.
هل تذكر عدد الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات؟
- حصلت حينها على 622 صوتا وكان هذا أكبر عدد يصوت في تلك الانتخابات في مختلف الدوائر، وقد جاء بعدي في عدد الأصوات رسول الجشي.
كم شهرا استمر عملكم في المجلس التأسيسي الذي كان مكلفا وضع أول دستور للبحرين بعد الاستقلال؟
- ستة أشهر، وكنا نحصل على راتب شهري 500 دينار.
ألم تكن لكم امتيازات أخرى؟
- لا. لم يعطونا شيئا آخر، لا سيارة ولا بدل مكتب ولا غير ذلك.
كيف كانت الأمور تسير معك في المجلس التأسيسي؟
- كنا نناقش وضع الدستور الذي صدر بعد ذلك وعرف باسم «دستور 73».
ما أبرز الكتل التي كانت موجودة في المجلس التأسيسي؟
- كانت هناك بدايات لتشكل الكتلة الدينية والكتلة الشعبية، وكتلة الوسط من المستقلين.
لكن العلمانيين كانوا أيضا كتلا متوزعين. أليس كذلك؟
- لا. كانوا يشكلون كتلة واحدة في المجلس التأسيسي.
ألم تفكر في الانضمام إلى كتلة؟
- لا. فضلت أن أظل مستقلا، وكنت أصوّت بحسب قناعاتي، وكان تصويتي أحيانا يوافق هذا الاتجاه أو ذاك.
كيف كانت الحكومة تتعاطى مع توجه المجلس التأسيسي في صياغته للدستور؟
- كانت الحكومة تريد وضع الدستور، لكن ليس بالطريقة التي توافقنا عليها، لذلك كانت تعترض على كثير من التعديلات التي قدمها المجلس التأسيسي.
على ماذا اعتمد برنامجك الانتخابي في 1972؟
- كان شعار برنامجي الانتخابي «من أجل وطن أفضل لهذا الوطن وأبنائه، ومن أجل حياة ديمقراطية هادفة تتجاوب مع متطلبات الجماهير، ومن أجل دستور تقدمي يرعى مصالح المواطنين ويصون حرياتهم وكرامتهم ويحفظ معتقداتهم»، وكان برنامجي الانتخابي يستقي أفكاره من هذه العبارات الوطنية.
على ماذا كانت تتركز مطالب الناس حينها؟
- كان الناس يطالبون أكثر شيء بتوفير الإسكان لأنه لم يكن متوفرا، وتحسين مستوى المعيشة.
ألم يكن ملف الإسكان حينها أفضل حالا من الآن؟
- لا. لم يتغير كثيرا، وكانت الحكومة تتذرع حينها بنقص الإمكانات، لكن كان التركيز في ذلك الوقت على وضع دستور تقدمي للبلاد باعتباره مدخلا لحل هذه المشاكل الإسكانية والمعيشية.
كيف كان شكل الدعاية الانتخابية التي كان يقوم بها المرشحون آنذاك؟
- لم تكن هناك خيام انتخابية ولا أي شيء مشابه، كانت الدعاية تقوم على طباعة صور المرشح وبعض الشعارات الانتخابية على الأوراق وتوزيعها على الناس، بالإضافة إلى الترويج للمرشح في مختلف المحافل المتاحة.
هذا يعني أن الدعاية لم تكن تكلف المرشح كثيرا... صحيح؟
- بالعكس كانت طباعة 1000 ورقة تكلف مبلغا كبيرا ذلك الوقت.
أيهما أكبر؛ بصمات العلمانيين أم الإسلاميين في وضع دستور 73؟
- الصراحة الدستور وضعه الكل بشكل توافقي، لأن مسودة الدستور عرضت علينا وكان الجميع يقدم تعديلاته عليها.
كيف كان البحرينيون ينظرون إلى المجلس التأسيسي، والى الدستور الذي صاغه المجلس؟ هل كانوا راضين عنه؟
- الناس كانوا راضين عن المجلس.
كيف كان تأثير حل المجلس النيابي عليكم كسياسيين وعلى الناس؟
- سياسيا ازداد النضال الوطني، غير أن الحالة الأمنية كانت مسيطرة على الناس، أما في قطاع المكتبات فقد ازدادت الرقابة على الكتب التي تنشر أو تأتي من خارج البلاد.
هل يعني ذلك أن كثيرا من الكتب تم منعها منذ منتصف السبعينات؟
- نعم، ربما كان المنع يطول كتابا واحدا من بين كل عشرة كتب.
العدد 2754 - الأحد 21 مارس 2010م الموافق 05 ربيع الثاني 1431هـ
عفوا
معرضٍ للكتاب في البحرين قبل الاستقلال وتحديدا في 30 مارس/ آذار 1971، ذاكرا انه أقامه حينها في نادي العروبة، وبرعاية من القائم بأعمال رئيس التربية والتعليم حينها المرحوم الشيخ عبدالعزيز آل خليفة.
عندي دعوة هذا المعرض والدعوة تشير الى ان راعي هذه الفعالية "المكتبة العامة" وعقد ها في بلدية المنامة.
غريب الدار
الله يرحم ايا الاول قبل لا لجنسون وتخربون البلد