لم تعد النظرية الأمنية الحديثة قاصرة أو أحادية الجانب، بل تطورت تبعا لتطور المجتمعات، فنادى المفكرون والمختصون بنظرية الأمن الشامل أو متعدد الجوانب، فأصبح الأمن أشمل تصورا، وكل ما يمس أمن المواطن وراحته واستقراه يدخل ضمن المنظومة الأمنية.
وأعد الباحث سيد جعفر سلمان الحلاي بحثا في موضوع الشراكة المجتمعية على مستوى البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي، ركز فيه على أن تطور النظرية الأمنية استلزم بالضرورة تطور المسئولية، فلم تعد الأجهزة الأمنية وحدها هي المسئولة عن الحفاظ على أمن ومكتسبات الدولة -وإن كان يقع عليها الجزء الأكبر من المسئولية- فأصبحت جميع أجهزة الدولة الرسمية والمدنية، بل أصبح كل مواطن ومقيم مسئولا ضمن هذه المنظومة الشاملة في المسئولية.
ويواصل القول إن المسئولية الأمنية في العالم مسئولية مشتركة، حيث كانت الواجبات الأساسية للمؤسسات الأمنية هي منع الجريمة قبل وقوعها، ومكافحتها، والكشف عنها، والقبض على مرتكبيها، والمحافظة على الأمن العام، وحماية الأرواح والممتلكات، والإشراف على تنفيذ قوانين الدولة، وأن كل تلك المسئوليات لا تصل بالأمن إلى ما هو مطلوب بدون مشاركة من المؤسسات الاجتماعية وتوعيته -المجتمع بأسره- فطالما أن المؤسسات الأمنية مسئولة عن أمن المجتمع وطمأنينته، فإن ذلك يلزم وجود علاقة قوية بينها وبين أفراد المجتمع.
ويؤكد أن مفهوم الأمن الوطني بدول مجلس التعاون الخليجي قد تطور في السنوات الماضية بوتيرة متسارعة وقفز من مفهومه التقليدي إلى مفهوم مجتمعي يرتكز على أساس المشاركة المجتمعية مما أفرز متطلبات واحتياجات جديدة لمواجهة تطور الجريمة وتنوع أساليب ارتكابها. وحيث أن الأجهزة الأمنية وهي المناط بها مسئولية حفظ الأمن في المجتمع يقع عليه العبء الأكبر في تحقيقه من خلال المفهوم التقليدي، الأمر الذي يتطلب طرح استراتيجية خليجية مشتركة تتناسب مع مجتمعات دول الخليج لتأصيل الشراكة المجتمعية الأمنية في تحقيق الأمن الشامل في دول المجلس.
العدد 2750 - الأربعاء 17 مارس 2010م الموافق 01 ربيع الثاني 1431هـ