أوصى مؤتمر العلامة الشيخ حسين آل عصفور: «الرسالة والموقف» الذي نظمه مجلس الحاج منصور العصفور في الفترة من 14 وحتى 16 مارس/ آذار الجاري بإنشاء مؤسسة تعنى بالتراث العلمي البحريني، واستحداث جائزة عالمية سنوية باسم العلامة آل عصفور لتشجيع الباحثين في فروع المعرفة، وعلوم اللغة والأدب والاجتماع وغيرها.

وفي الحفل الختامي للمؤتمر الذي أقيم مساء يوم أمس الأول الثلثاء بقاعة الدانة في قرية مقابة، تناول كل من السيدعبدالله الغريفي، والسيد سعيد الوداعي (نيابة عن والده السيدجواد الوداعي)، وعبداللطيف السكران وعبدالكريم العريض (عضو اللجنة المنظمة) تقديم كلمات ركزت على أهمية عقد المؤتمر والتواصل في تنظيم مثل هذه الملتقيات التي تقدم للأجيال صورة حضارية للمكانة العلمية التي تتمتع بها مملكة البحرين.

شخصيات علمية وأكاديمية

وأشارت مقدمة البيان الختامي إلى أنه انطلاقا من المسئولية التاريخية، بإحياء تراث علماء البحرين، وإحياء علوم أهل البيت عليهم السلام، جاءت مبادرة مجلس الحاج منصور بن إبراهيم آل عصفور، بعقد مؤتمر العلامة الشيخ حسين آل عصفور (الرسالة والموقف) في مملكة البحرين، ووجهت الدعوة لجميع أساتذة الحوزات العلمية بمملكة البحرين، وطلبتها والأكاديميين والمثقفين، والجمهور الكريم، كما شارك في حضور الجلسات وتقديم البحوث شخصيات علمية وأكاديمية متخصصة من المملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، وسلطنة عمان، وجمهورية العراق، والجمهورية اللبنانية، وجمهورية إيران الإسلامية، وجمهورية مصر العربية، والجمهورية الجزائرية.

استراتيجية نشر التراث

وقال الأمين العام للمؤتمر أحمد المرزوق إن المشاركين أوصوا بإنشاء مؤسسة خاصة للعناية بالتراث العلمي البحريني تحتوي على مركز تحقيق، وتعنى بتطوير أدوات البحث العلمي وتضع استراتيجيات لنشر هذا التراث عبر وسائل لها خطة زمنية مدروسة يعمل فيها مختصون في مجال التحقيق والبحث العلمي.

وأشار عدد من الباحثين والمشاركين في المؤتمر إلى أن بعض المصنفات المنشورة للعلامة تشوبها كثير من الأخطاء الطباعية، بما يظهرها بصورة غير لائقة بمقامها وجلال موضوعها، ومع تقدير الجهود التي بذلت في طباعتها وإخراجها، لذلك يوصي المؤتمر بجمع مخطوطات الشيخ حسين آل عصفور وتحقيقها والعناية بكتبه وتنقيحها وطباعتها ونشرها في العالم الإسلامي، كما أوصوا بأن تأخذ الحوزات العلمية والأساتذة المبادرة بنشر الوعي بأن مدرستي الاستدلال الإخبارية والأصولية كلاهما مستمدتان من أصل واحد وتنهلان من معين أهل البيت عليهم السلام، وإن الخلاف بينهما إن وجد هو خلاف فقهي يبقى في دائرة الحوار بين العلماء وقد أشير إليه في جلسات المؤتمر على أنه خلاف لفظي وليس جوهريا.

الاهتمام بفقه التعايش

ودعا المؤتمرون الفقهاء والعلماء والحوزات العلمية إلى الاهتمام بفقه التعايش، استجابة لمتطلبات العصر والانفتاح الذي يعيشه العالم، والدعوة إلى عقد مؤتمرات وندوات مشابهة لعلماء آخرين من البحرين وتسليط الضوء على حياتهم وآثارهم، كما أوصوا بأن يكون المؤتمر المقبل يتناول شخصية العلامة الشيخ يوسف العصفور.

ومن التوصيات، جعل كتب العلامة الشيخ حسين آل عصفور الفقهية الكبرى، كسداد العباد، محلا للدرس الفقهي، ومناقشتها مناقشة علمية لما تحفل به هذه الكتب من آراء متفردة، وتشكيل رابطة لأسرة آل عصفور تعنى بنشر تراث الأسرة العلمي، وإحياء سيرة علماء آل عصفور، وتحقيق تراثهم المطبوع أو المخطوط.

وخصصت توصية لدراسة فقه الجمع عند الشيخ حسين العصفور وبيان أحكامه اتفاقا واختلافا مع الفقهاء استدلالا ورواية ومحاولة الاستفادة فيه على أرض الواقع، والبحوث العلمية المتحدثة حول فقه الشيخ حسين وعلمه وفكره في الدوريات المحكمة، والسعي لإنشاء كلية جامعية متخصصة في العلم الشرعي وفق مدرسة أهل البيت، وتكون لها الاعتمادية الأكاديمية، وإنشاء موقع إلكتروني يعنى بمخطوطات العلامة بالتعاون مع مكتبة اليونسكو، ويكون هذا الموقع في متناول طلبة العلوم الشرعية.

وفي الحفل الختامي، تم تكريم الضيوف المشاركين في المؤتمر من خارج البحرين وتوزيع الجوائز على الفائزين في مسابقة المؤتمر الثقافية، حيث أكد عضو المجلس وعضو اللجنة العليا عبدالجليل العصفور أن مجلس الحاج منصور العصفور سيواصل جهوده لخدمة المجتمع البحريني ونشر الثقافة الإسلامية، معبرا عن سعادته بالمشاركة الكبيرة من جانب المهتمين والجمهور في جلسات المؤتمر ما يؤكد نجاحه المميز.

فيصل العصفور: الأبحاث العلمية جسدت أهداف المؤتمر

قال رئيس اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر عضو المجلس فيصل العصفور إن الأهداف التي وضعتها اللجنة المنظمة انطلقت من التعريف بشخصية العلامة الشيخ حسين آل عصفور وتراثه العلمي والثقافي، والتفاعل مع ذلك التراث، واتخاذ موقف إيجابي مبني على مقاييس العلم ومنهجيته، والتعريف بالمدرسة الفقهية التي ينتمي إليها العلامة الشيخ حسين آل عصفور وموقفها الفقهي، وتكاملها مع المدارس الأخرى في حفظ الدين الإسلامي، بالإضافة إلى اتخاذ سيرة الشيخ ونتاجه العلمي منطلقا لدراسة التراث الفقهي البحراني، وسيرة أعلامه الأجلاء.

وذكر أن الأبحاث العلمية وأوراق العمل التي بلغت 19 بحثا وناقشتها جلسات المؤتمر الثمان جسدت أهداف المؤتمر، وهذا ما أكدته آراء العلماء الأفاضل والمهتمون والمشاركون الذين أجمعوا على أهمية انعقاد هذا المؤتمر لما يتمتع به الشيخ حسين من مكانة إيمانية وعلمية وجهادية، وأكدوا أن الاحتفاء بعلماء الدين ورموزه، وتراثهم العلمي، يمثل معينا أصيلا، يجلي هويتنا ويؤكدها، وهو ركيزة صلبة، للنهضة التي نصبو إليها في شتى مجالات حياتنا.

واختتم تصريحه بتوجيه الشكر إلى جميع الباحثين والمشاركين والمهتمين والحضور الذين مثلوا ركنا أساسيا من أركان الإعداد والتنظيم والنجاح للمؤتمر، وخص بالشكر الصحافة المحلية وعلى رأسها صحيفة «الوسط» وقناة «الزهراء» الفضائية ومنتديات «المالكية» والمصوران رضي المحمود وصادق عبدالجبار، وكل الإعلاميين الذين تابعوا فعاليات المؤتمر، واصلا شكره إلى جميع أعضاء اللجنة المنظمة وكوادر مجلس الحاج منصور، متمنيا للجميع التوفيق في الفعاليات والمؤتمرات المقبلة.

مفتي صيدا الشيخ عسيران: المؤتمر نقلة علمية

وصف مفتي صيدا الشيخ محمد عسيران المؤتمر بأنه «نقلة علمية» مميزة تعكس مكانة مملكة البحرين العلمية، معبرا عن امتنانه وشكره الجزيل إلى مجلس الحاج منصور العصفور وإلى اللجنة المنظمة على ما بذلوه من جهد في سبيل إبراز هذا الملتقى العلمي الحضاري إلى النور.

وأشار إلى أن المشاركة الكبيرة من الباحثين والمهتمين من مختلف الدول العربية وجمهورية إيران الإسلامية تعكس أهمية فكرة المؤتمر، بالإضافة إلى أن المشاركة تؤكد المكانة التي تحتلها البحرين في نفوس المسلمين كونها منارة علم وإشعاع وثقافة.

وقال الشيخ عسيران الذي قدم ورقة عمل بعنوان «العلاقة بين طريقتي الاستدلال في مدرسة أهل البيت من وجهة نظر العلامة الشيخ حسين»، حيث عرف بمعنى مصطلحي الأصولية والإخبارية، وتناول الملامح المنهجية لكل من المدرستين، مؤكدا أن خضوع البحث الفقهي إلى مناهج وأصول لا يعد بحثا عشوائيا. وقال إن عمق الأبحاث وأوراق العمل المقدمة للمؤتمر أوضحت أن مقدميها بذلوا جهدا كريما في إعدادها لتناسب مقام صاحب المؤتمر المحتفى به العلامة آل عصفور.