العدد 2749 - الثلثاء 16 مارس 2010م الموافق 30 ربيع الاول 1431هـ

أعلنوا دولة فلسطينية

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

أرعب وزير خارجية فرنسا برنارد كوشنير الحكومة الإسرائيلية بتصريحه الأخير بأن «بإمكان المرء أن يتصور إعلانا قريبا للدولة الفلسطينية، والاعتراف الفوري بها من قبل المجتمع الدولي حتى قبل التفاوض على حدودها».

تخاف إسرائيل من أن يتطور ذلك التصريح ليصبح مبادرة شاملة من قبل الاتحاد الأوروبي، وتحذر أنه بوجود توجه كهذا لن يكون للفلسطينيين أي حافز على استئناف المفاوضات. إلا أن هذا الجدل غير مقنع، إذ لو اعترف المجتمع الدولي بدولة فلسطين فمن الأرجح أنه سيفعل ذلك دون أن يعترف بالتحديد بالحدود التي تطالب بها تلك الدولة، تماما مثلما لا يعترف المجتمع الدولي بالحدود التي تدعيها إسرائيل.

لم تقبل الولايات المتحدة على سبيل المثال أبدا مزاعم إسرائيل بالسيادة على أي جزء من القدس. إضافة إلى ذلك، فإن الاعتراف الرسمي لا ينهي الاحتلال ولا يحل مشكلة اللاجئين ولا مشكلة القدس. سوف تتطلب جميع هذه القضايا مفاوضات، ولكن إيجاد دولة بشكل مبكر سوف يضع مفاوضات كهذه على أساس دولة مقابل دولة، وذلك أمر له أهميته من نواحٍ متعددة.

الأمر الأهم في المفاوضات المستقبلية هو قضية الأمن، وما إذا كانت قوات الأمن الفلسطينية تستطيع منع الهجمات على إسرائيل، انتحارية كانت أو صاروخية، من الضفة الغربية. إذا لم تتمكن هذه القوات من ذلك فلن تنسحب إسرائيل من الضفة الغربية، بغض النظر عما يقوله المجتمع الدولي.

جرى خلال السنوات الماضية امتداح أداء قوى الأمن الفلسطينية المدرّبة بإشراف أميركي، والعاملة تحت سلطة الرئيس محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض. إلا أنه في غياب التقدم باتجاه دولة حقيقية، فإن ما يُنظَر إليه اليوم على أنه «عملية أمنية ناجحة» سوف يذوب مع مرور الوقت ليُنظر إليه على أنه تواطؤ فلسطيني، أصبحت فيه قوات الأمن «شرطة لحماية الاحتلال».

يشكّل رفض إسرائيل السماح لعاملين من خارج الدولة القيام بعمليات عسكرية من الضفة الغربية، بوجود دولة فلسطينية مبكرة، عملا أكثر رسوخا، فمن متطلبات الدولة الأساسية محافظة الحكومة على سيطرة القوة داخل المساحة التي تدّعي السيادة عليها.

تساهم الدولة المبكرة كذلك بحل قضايا اللاجئين والقدس والحدود. بالنسبة للاجئين، من الواضح أن عددا قليلا جدا من الستة ملايين لاجئ فلسطيني سوف يعود في يوم من الأيام إلى إسرائيل. إلا أن ذلك صعب جدا لأن يستوعبه الفلسطينيون سياسيا. يمكن تيسير هذه الصعوبة إلى حد ما في مضمون الدولة حيث أنه من غير المقبول أو الممكن أن تطالب أية دولة أن يُسمح للملايين من مواطنيها أن يصبحوا مواطنين في دولة أخرى.

أما فيما يتعلق بالقضايا الحدودية والأمنية، فقد كان الإسرائيليون أحيانا غير قادرين على سماع نبرة المفاوضات السابقة، ففشلوا في إدراك كم هو مهين لكرامة الفلسطينيين ألا يتمكنوا من السيطرة على أجوائهم، أو أن تتم مبادلة الأراضي على أسس غير متساوية.

أما في مضمون مفاوضات الدولة مقابل الدولة فسوف يكون هناك نوعا من التطور الطبيعي نحو التناسق الذي صنع مفاوضات إسرائيل مع الأردن ومصر. الأمر ينطبق كذلك على القدس حيث سيكون مضمون الدولة مقابل الدولة داعما للحاجة لإيجاد أسلوب للتشارك في السيطرة على الأماكن المقدسة وجعل القدس عاصمة للدولتين.

إضافة إلى ذلك تقدّم الدولة المبكرة أسلوبا للحد من احتمال أن تتخذ حماس خطوات لإفشال المفاوضات. ويمكن تحقيق ذلك إذا حصلت حماس على ضمانات بأن المجتمع الدولي سوف يحترم نتائج الديمقراطية الفلسطينية، بعكس العام 2006 عندما حُرِمَت حماس من القدرة على الحكم في أعقاب نصرها في الانتخابات التشريعية. بدلا من ذلك وضع المجتمع الدولي شروطا رفضتها حماس. وحتى الآن لم يجرِ حل المشكلة.

لحسن الحظ، أن مضمون الدولة مقابل الدولة يوفر أسلوبا للتعامل مع الأحوال الخِلافية التي تواجهها اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة). بذلك تصبح مطالب أن تقدم حماس اعترافا مسبقا بإسرائيل، بدلا من اعتراف واحد بدولة مقابل دولة، ومطلب أن تقبل حماس اتفاقيات سابقة جرى التفاوض عليها مع غريمتها منظمة التحرير الفلسطينية، المتطلب المعياري لاستمرارية المعاهدات الدولية بين كيانات الدول عندما يتم انتخاب حكومات جديدة.

تتوافر فرصة، بوجود الدولة المبكرة، أن يتمكن الفلسطينيون من ترتيب بيتهم الداخلي وأن تكون لهم دولة بشرعية كافية لربط الشعب الفلسطيني من خلال المفاوضات.

وأخيرا يجب ملاحظة أن تحقيق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين بالنسبة للقيادة الفلسطينية دون موافقة إسرائيل سوف يشكل عملا حازما يعزز قدرتها على القيام بتنازلات صعبة في المفاوضات.

لهذه الأسباب جميعها، ورغم أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية قبل توقيع اتفاقية مع إسرائيل لا يشكل حلا سحريا، إلا أنه فكرة بنّاءة إلى درجة كبيرة قد تجعل من المفاوضات الناجحة احتمالا حقيقيا.

* يدير مشروع استشارات السلام بكلية السياسة العامة بجامعة ميرلاند، وهو المؤلف المشارك لكتاب «التفاوض على القدس»، والمقال يُنشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2749 - الثلثاء 16 مارس 2010م الموافق 30 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً