رغم كافة التعهدات التي أطلقها زعماء الدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خلال المؤتمرات الدورية التي يعقدونها بشأن مكافحة الفقر والتهميش الاجتماعي، الذي أخذت رقعته تتسع بوتائر سريعة بين الفئات المتوسطة والأكثر فقرا في المجتمع، بمواجهة الفقر وتعزيز التنمية وتوفير فرص العمل والتعليم والصحة العامة والسكن وتطوير النظام الضريبي الذي يوفر شروط العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى الخدمات العامة وتوظيفها في خدمة المواطنين، والإعلان عن أن سنة2010 ستكون سنة أوروبية لمكافحة الفقر والتهميش والتشرد والبؤس، فإن الشعور من مخاوف تنامي البطالة والفقر والتهميش الاجتماعي، يزداد بصورة ملفتة وخاصة في دول غرب القارة التي أخذت تغزوها جحافل الأيادي العاملة الرخيصة القادمة من الشرق، منذ بدايات توسيع الاتحاد الأوروبي قبل عقد من الزمن، حيث شكلت النسب المرتفعة جدا من الأيادي العاملة الرخيصة، تغييرا جوهريا في مشاريع سوق العمل ومميزاتها المعنوية والاقتصادية والفنية، التي بدورها أدت إلى خلق نسب بطالة عالية في جميع مستويات العمل لدى غالبية دول الاتحاد، بلغت بحسب التقارير الاقتصادية قرابة 54 في المئة، الأمر الذي أدى إلى وجود أكثر من 81 مليون إنسان في أوروبا يعيشون في قاع المجتمع تحت مستوى الفقر، ويعانون من نقص في الخدمات الاجتماعية والضمانات الصحية وفرص العمل والإسكان .
ووفقا للعديد من الإحصاءات، فإن النسب الأكبر من الفقراء في أوروبا، تتركز بشكل أساسي في الدول الحديثة بالاتحاد، مثل بلغاريا، رومانيا والمجر .
وأدى الشعور بالقلق من استمرار تصاعد موجات الفقر والتهميش الاجتماعي، الذي قد بلغ ذروته في أوروبا بعد تطورات الأزمة الاقتصادية العالمية، التي بدأت في الولايات المتحدة الأميركية في العام 2007، وأوجدت جيلا جديدا من الفقراء والمعوزين الذين باتوا في بعض الأحيان يعيشون في العراء ولا يأكلون سوى وجبة واحدة في اليوم لأنهم يتقاضون معونات مالية ضئيلة أقل مما يحصل عليه بعض أقرانهم في قوائم المساعدات الاجتماعية التي تقدمها الدولة للعاطلين والمتقاعدين والطلاب، إلى ارتفاع أصوات شعبية كثيرة، بلغت بحسب تقرير التنمية للبرلمان الأوروبي 89 في المئة من الأوروبيين، يطالبون حكوماتهم بالإسراع بمعالجة ازدياد حالات الفقر وتدني مستويات المعيشة، التي أصبحت اليوم في طليعة هموم دول الاتحاد، وأوضحت التقارير ذاتها، أن غالبية المصنفين كفقراء في أوروبا، هم الأشخاص العاطلين والمتقاعدين وكبار السن والنساء اللواتي يعانين التمييز في الأجور والفرص الاجتماعية والعمل.
لعلها الكارثة التي بدأ ينكوي بنيرانها فقراء هذه الدول المصنفة في أعلى قمة هرم اقتصاد العالم، وبخاصة دول غرب القارة وشمالها الذين قد تذوقوا طعم مرارة الأزمة الاقتصادية لأول مرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأخذوا يتولون بأنفسهم سياسات شد الأحزمة، في محاولة للحيلولة دون تفاقم تداعيات الأزمة بالتفتيش عن مخارج جديدة لاحتوائها.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 2748 - الإثنين 15 مارس 2010م الموافق 29 ربيع الاول 1431هـ