طرح الباحث والمؤرخ سالم النويدري، في ورقة عمل قدمها في الجلسة الأولى لأعمال اليوم الثاني لمؤتمر «العلامة الشيخ حسين آل عصفور: الرسالة والموقف» أمس، كتابة السيرة عند الشيخ حسين وخصائصها الفنية، مؤكدا أن البحث يهدف إلى التعرف على المنهج المتبع في كتابة السيرة وملامحها الفنية في التراث التاريخي الأدبي لدى العلامة آل عصفور، مساهمة في الكشف عن منحى في التأليف عند فقيه، لم يمنعه اشتغاله بالتصنيف في مجال تخصصه الأساس عن الخوض في البحث والكتابة في مجالات أخرى من المعرفة، منها الكتابة في سيرة النبي (ص) وآله من الأئمة المعصومين (ع).

وشهدت جلسات يوم أمس الاثنين طرح 8 أوراق عمل حيث طرح سيروان عبدالزهراء ورقة عمل بعنوان: «الأساس الفكري لتوظيف القواعد النحوية في مؤلفات الشيخ حسين»، وكانت ورقة الشيخ فاضل عبدالجليل الزاكي مخصصة لتلامذة العلامة، وترأس عيسى الوداعي جلسة العمل الثانية التي تحدث فيها فرح موسى عن الإمامة بين هشام بن الحكم والشيخ حسين آل عصفور، أما القاضي محمد جواد الطريحي فقدم ورقة عمل عن فقه العمل التجاري عند الشيخ حسين آل عصفور، وخصصت جلسة العمل الثالثة التي ترأسها الشيخ عبدالنبي الدرازي لورقة عمل علي خضير بعنوان: «الشيخ حسين آل عصفور واتجاهاته الحديثية»، فيما تناول صباح عباس عنوز ورقة عمل بعنوان: «الشيخ حسين آل عصفور... رؤى نقدية».

الكتب الاستدلالية والفقهية

وتناول النويدري في ورقته الحديث عن الفقه الاستدلالي والعملي لدى العلامة آل عصفور قائلا: «إن العلامة الشهيد (الشيخ حسين آل عصفور) قمة شامخة في فقه السلف من أتباع المدرسة الإمامية، ليس على مستوى بلاده البحرين فحسب، بل تجاوزها إلى ما وراء الحدود الخليجية، لتصل شهرته العلمية والريادية في تبني المنهج الأخباري إلى آفاق أرحب.

وزاد قوله إن العلامة آل عصفور ترك تراثا في الفقه الاستدلالي والعملي، مازال موضع اعتبار لدى أهل هذا العلم في محيط الدائرة الإمامية على أقل تقدير، ومن أجل كتبه الاستدلالية «الأنوار اللوامع»، ومازال هناك من يرجع في الفتيا الشرعية من أهل بلاده والبلاد المجاورة إلى كتبه الفقهية لعامة مقلديه مثل «سداد العباد»، و «الفرحة الأنسية» وغيرهما، على رغم مرور ما ينيف على القرنين من انتقاله إلى الرفيق الأعلى.

وتطرق الشيخ فاضل عبدالجليل الزاكي في ورقته المخصصة لتلامذة العلامة آل عصفور إلى الاستقطاب الذي مثلته شخصية العلامة الشيخ حسين آل عصفور في بلد عريق كالبحرين عرف تاريخيا بكثرة علمائه «يستدعي دهشة المتابعين وتعجبهم، ولكن سرعان ما يتلاشى هذا التعجب بعد الاطلاع على شخصيته العلمية عن كثب، وملاحظة جميع الحيثيات التي أسست لهذا الاستقطاب ودعمته، وهي حيثيات كثيرة جدا لو أردنا استقصاءها لطال بنا المقام».

بعد البيئة العلمية في حياة العلامة

وفي البعد الأول الذي شملته الورقة، وهو البيئة العلمية، قال الشيخ الزاكي: «إن العلامة الشيخ حسين ينتمي إلى أسرة علمية عريقة، فأسرة آل عصفور من أبرز الأسر العلمية في البحرين آنذاك، ولسنا نجانب الصواب إن قلنا إن كل أفرادها في ذلك العصر كانوا من العلماء، باستثناء نزر يسير منهم، ولكن مع تفاوت واضح في رتبهم ودرجاتهم العلمية، وممن برز من أسلاف هذه الأسرة قبل العلامة الشيخ حسين جده الشيخ أحمد بن إبراهيم آل عصفور والذي كان من أبرز تلامذة المحقق البحراني الشيخ سليمان الماحوزي، وعمه الشيخ يوسف بن محمد بن أحمد بن إبراهيم آل عصفور المعروف في الحوزات العلمية بلقب المحدث البحراني وهو مؤلف كتاب (الحدائق الناضرة)، ووالده الشيخ محمد بن أحمد بن إبراهيم آل عصفور وله عدة مؤلفات وأبيات شعرية، ثم عمه ووالد زوجته الشيخ عبدعلي بن أحمد بن إبراهيم آل عصفور وهو مؤلف كتاب: إحياء الشريعة».

ومن تلامذته والراوين عنه ذكر الشيخ أحمد بن الشيخ حسين آل عصفور، الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي، الشيخ أحمد آل طوق القطيفي، الشيخ أحمد بن الشيخ محمد آل عصفور، الشيخ حسن بن الشيخ حسين آل عصفور، السيد حسين بن محمد الغريفي، الشيخ سليمان بن أحمد آل عبدالجبار، الشيخ عبدالرضا بن الشيخ حسين آل عصفور، الشيخ عبدعلي بن أحمد الجدعلاني، الشيخ عبدعلي بن الشيخ حسين آل عصفور، الشيخ عبدعلي بن علي الخطيب التوبلي، الشيخ عبدعلي بن قضيب الخطي، السيدعبدالقادر بن السيدحسين التوبلي وعدد آخر من العلماء أورد معلومات مختصرة عن سيرتهم.

منطلقات فكرية لقواعد اللغة

وتوصل الباحث سيروان عبدالزهراء في ورقة عمل بعنوان: «الأساس الفكري لتوظيف القواعد النحوية في مؤلفات الشيخ حسين» إلى جملة نتائج من دراسة منطلقات بناء القاعدة اللغوية في فكر العلامة الشيخ حسين منها أن العلامة بنى منطلقاته الفكرية في وضع القواعد اللغوية على أساس الإفادة الدلالية من القاعدة، فهو لم ينظر إلى القاعدة اللغوية كما فعل علماء النحو أو اللغويون؛ بل انطلق من معتقد ينص على أن اللغة في أساسها قد وضعت لإفادة إبداع المعنى وصيرورته فهما ينتقل تداولا بين المتخاطبين، من هنا وجب أن تكون اللغة التخاطبية مؤسسة على منطلق دلالي؛ وبذلك لابد من أن تكون القاعدة اللغوية مبنية أساسا على منطلق الغاية من اللغة ذاتها، ولربَّما كان فيما آمن به الشيخ البحراني ردٌّ على مَنْ يرى من المحدثين اللغويين أن الدلالة تمثل مستوى من مستويات لغة الخطاب وليست هي الغاية الأساسية من اللغة برمتها.

ومن المقرر أن يختتم المؤتمر مساء اليوم، حيث سيناقش في جلسته الأولى الصباحية فقه الحج عند الشيخ حسين آل عصفور ويتحدث فيها الشيخ محمد الخرسي، فيما سيتحدث الشيخ محمد المكباس عن قائمة ببلوغرافية لمؤلفات الشيخ حسين، ويترأس الجلسة منصور سرحان، وسيقدم علي جواد كاظم ورقة عمل بعنوان: «السيميوطيقا في لغة الفقهاء»، وسيركز محمد حميد السلمان في ورقة على عمل الظروف التاريخية في الخليج إبان عصر العلامة الشيخ حسين، وستكون جلسة العمل الثالثة لموضوع الشيخ حسين فقيها، ويحاضر في موضوعها الشيخ محمد محسن العصفور، ويترأسها سلمان الحلواجي فيما يختتم المؤتمر بالبيان الختامي الذي سيقدمه الأمين العام للمؤتمر أحمد المرزوق.

الشعراء يتألقون في رحاب العلامة آل عصفور

تألق عدد من الشعراء في الأمسية الشعرية التي أقامتها اللجنة المنظمة للمؤتمر مساء يوم أمس الأول (الأحد 14 مارس/ آذار) بقاعة الدانة في قرية مقابة. وحضر الأمسية عدد كبير من المواطنين والمقيمين وكذلك الوفود المشاركة في المؤتمر حيث تألق الشعراء في تقديم قصائد تدفقت في رحاب علامة البحرين الكبير الشيخ آل عصفور. وشارك فيها كل من محمد حسن كمال الدين، الشيخ عباس الفتوني وعبدالله القرمزي ومجتبى التتان، كما أقيمت ندوة علمية ثقافية مساء أمس (الاثنين 15 مارس) لحسن حنفي.

مشاركة فاعلة من العلماء والمثقفين في الجلسات

قال عضو اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر، عبدالجليل العصفور، إن المؤتمر شهد حضورا مميزا في اليومين الماضيين سواء في جلساته الصباحية أو الأمسيات التي أقيمت على هامش المؤتمر، معبرا في هذا الصدد عن سعادة اللجنة المنظمة بقوة المشاركة من قبل مختلف فئات المجتمع والحضور من داخل البحرين وخارجها.

وأشار إلى أن المشاركين بذلوا جهدا طيبا في إعداد أوراق العمل والأبحاث، وهم يستحقون الشكر والثناء على هذا العمل العلمي المميز، موضحا أن تنوع فئات المشاركين في الجلسات ومن مختلف الأعمار والاهتمامات، يبعث على الارتياح لاهتمام الجمهور بالمشاركة في جلسات المؤتمر.

من جانبه، قال أمين عام المؤتمر أحمد المرزوق، إن أعمال اليومين الأول والثاني فاقت التوقعات من ناحية حيوية المشاركة وعمق المعالجة والشمولية التي تمتعت بها أوراق العمل على رغم محدودية الوقت المخصص لكل باحث، لكنه أشار إلى أن المشاركين سيستفيدون من أوراق العمل كاملة وهي متاحة للحضور والراغبين في الحصول عليها، فقد سعت الأمانة العامة إلى طباعة أوراق العمل وإعداد ملف خاص لإتاحة الفائدة لأكبر عدد من الجمهور.