يرى مراقبون أن نضال المرأة الكويتية في العمل السياسي لم يأتِ من فراغ بل هو حصيلة جهود نسائية متمثلة في قوى ضاغطة عملت بشكل جيد حتى أوصلت الكويتية إلى مواقع صنع القرار أسوة بأخيها الرجل.
ويتناول برنامج «الوسط لايف» الذي يبث عبر «الوسط أون لاين» اليوم (الثلثاء) مع أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت مريم الكندري، التجربة الكويتية في المشاركة السياسية؛ التجربة التي تميزت عن غيرها في المنطقة الخليجية ولاسيما أنها أوصلت الكويتية إلى قبة البرلمان وهي منتخبة لا معينة ولا تمت تزكيتها إلى المقعد النيابي.
الكندري، هل هناك أي تغيير منذ دخول المرأة الكويتية إلى قبة البرلمان؟
- بالفعل، أنا أعتقد أن المرأة الكويتية تشارك سياسيا من خلال صحافتها، من خلال الكتابة في الصحافة، من خلال قاعة الدراسة، من خلال المناقشة والمداولة، ولاحظت أن أكثر اهتمام الفتيات هو بالشئون السياسية ومتابعة أمورها، وبالفعل وجود أربع نائبات أعتقد نوعا ما أنه كان شيئا ملموسا في المجتمع الكويتي، لدرجة أن كثيرا من الذكور والإناث يتابعون شئونهن، والعين عليهن أكثر من العين على النواب الذكور، وأنا أعتقد نوعا ما بالفعل أننا نحتاج في الوقت الحالي إلى السيدات النائبات الفاضلات الأربع الموجودات في مجلس الأمة لأن يكن قريبات من الهيئة الناخبة لهن من الذكور والإناث، وهذه نصيحة آتية من إنسانة تعيش المجتمع الكويتي وكما تعرفين أدرّس مادة العلوم السياسية، فقربي للساحة السياسية يجعلني أتمنى أن يحصلن على النجاح وعلى المزيد من النجاح صراحة، وليس في الكويت فحسب إنما المرأة الخليجية تستحق النجاح لأنها إنسانة تعمل بإرادة قوية سواء في مجال عملها أو في قطاعات العمل المختلفة، فلماذا نخسر هذه الطاقة البشرية ونحجّمها من المشاركة في صناعة القرار السياسي؟.
الحقوق السياسية... ألا تعتقدين هي مطالب أوجدتها المصطلحات والمفاهيم الموجودة في المجتمعات الغربية، ومن ثم انطلقت في مجتمعاتنا الخليجية؟
- المشاركة! أبدا، المشاركة هي جزء أساسي من الثقافة السياسية الإسلامية، لكن مع الأسف الشديد كثير من الناس لم يركزوا على أهمية المبايعة مثلا، المبايعة في الثقافة الإسلامية تعتبر أساسا وركيزة لوجود الخليفة، فإذا لم يُبايع الخليفة من قبل الهيئة الناخبة لا يستحق أن يكون على كرسي السلطة السياسية.
إذا، هل تعتقدين أن النساء الموجودات حاليا في البرلمان الكويتي تركن أثرا مختلفا؟
- أنا أعتقد أنه من خلال متابعتي مع رولا دشتي سألتها عما حدث، فقالت: لدينا قرار التشريعات الخاصة بالحقوق المدنية للمرأة الكويتية وسيكون فعالا في شهر 3، ونحن لدينا على المرسوم حينما يُصدّق يتم لمدة شهرين، ثم من بعد عملية التصديق تأتي عملية التفعيل، والتفعيل يكون بعد شهرين بعد تصديقه من قبل سمو أمير البلاد، وأنا أعتقد أن الحكومة الكويتية متمثلة في تصديق سمو أمير البلاد وتفعيلها من خلال وزارات الدولة، فهو تأكيد أن الحكومة الكويتية مناصرة وداعمة لحقوق الإنسانة الكويتية والإنسان الكويتي.
فالمرأة إذا كانت تشكل المجتمع، فهناك من يرى أن المرأة تمثل نصف المجتمع وهو ليس كذلك يا مجتمع، وإنما المرأة الخليجية هي أكثر من نصف المجتمع بصراحة.
هل هذا يتعلق أيضا بموضوع إعطاء حق المرأة الكويتية الجنسية المتزوجة من غير كويتي لأبنائها؟
- في الوقت الحالي هناك نقاش كبير يدور وسائد عند الرأي العام الداخلي الكويتي على هذه القضية، فمازالت هي في مرمى الشاب، فستتم مداولاتها واختبارها ودراستها كما حدث في السابق عندما عرضت قضية المرأة ومشاركتها في البرلمان، فأنا أعتقد لدينا حكومة ذكية ولدينا برلمان ذكي، والقضية مطروحة في الساحة السياسية الكويتية وسننشغل بها جميعا في السنة المقبلة لأننا بالفعل سنحاور ما هي إمكانات نجاح إعطاء الحق السياسي من خلال إعطاء أوراق الجنسية والتوثيق لأبناء الكويتية مساواة لحق الرجل إذا تزوج من غير كويتية.
هل المشكلة قائمة في الخليج بالفعل؟
- قائمة في الوقت الحالي لأنكِ إذا أردتِ أن تعدلي فالعدل أن يكون المواطن والمواطنة الكويتية على الدرجة نفسها من المساواة، فهنا محك تفعيل هذه التشريعات على الواقع وفي الواقع الإنساني.
تفعيل مثل هذه التشريعات، هل يدخل في إشكالية 3 ثقافات، لنقل ثقافة المنحة، أو الحق، أو التشدد؟
- لا، ثقافة المنحة التي نقصد بها قبل قليل هي أن الحكومة تعطيكِ إياها من دون مناقشة ومن دون مداولة ومن دون استثناء، مثل حقوق التعليم مثلا والتي تسمى حقوق مدنية أُعطيت للإنسان الكويتي والإنسان الخليجي ليس كمنحة وإنما هم اعتبروها نوعا من الحقوق التي يجب أن تتوافر للإنسان لرفع الوعي الإنساني، ولتغيير واقع المجتمع كونه مجتمعا كان أميّا في السابق وتحويله إلى مجتمع مدني قادر على أن يكون مثبتا لموارده البشرية، وهنا يمكن أن نطلق عليها منحة لأنها جاءت من الحكومة، ولكن نحن نريد أن نشكر هذه الحكومة إذا كانت المنح في إعطائنا حقوقنا المدنية التي تتمثل في التعليم والصحة والعمل وغيرها من خدمات لعدم امتلاكنا القدرة المالية بينما الدولة هي التي تمتلك القدرة المالية، فنشكرها إذا كانت هي مانحة في أول الأمر.
ولكن الذي نقصده في بعض الأحيان هو الحق الذي يُطلق عليه الحق المدني أو ثقافة الحق هي ثقافة معرفة، حقوقكِ المدنية كمولودة معك وليست ممنوحة لك، وهذه الثقافة لم تأتِ من ثقافة المجتمعات القبلية، بل جاءت من ثقافة المجتمعات النهضوية، وهذه النهضة حدثت في داخل الفكر الإسلامي الحر، والفكر الإسلامي الحر يحتوي في داخله الكثير من الحقوق، مثل حق التعبير عن الرأي، حق الاعتراض عندما يتعرض الإنسان للظلم، العدالة أمام القانون، هذه كلها موجودة ومكفولة في الثقافة الإسلامية.
وماذا عن حالة التشدد داخل المجتمعات؟
- التشدد راجع إلى فكرة الرجل الموجودة عنده الثقافة القبلية والثقافة المحافظة، وليست لها علاقة بالدين الإسلامي الحقيقي. الدين الإسلامي الحقيقي فيه من القيم ما يشمل ويحتوي كل القيم الذي جاء بها مفكرو العقد الاجتماعي أمثال روسو وغيره الذين يقولون إنهم أبناء الفكر الليبرالي وأبناء الفكر الحر وأبناء المدرسة الرأسمالية.
أنا أعتقد أن الموجود حاليا هو نابع من الثقافة الإسلامية ولكن من أتى ليأخذ بالثقافة الإسلامية اختزل الثقافة الإسلامية، أخذ ما يودّ من عبادات من الثقافة الإسلامية وترك أخلاق الثقافة الإسلامية، قيم الثقافة الإسلامية، الفكر الأساسي الذي تقوم عليه قوامة العدالة في الثقافة الإسلامية.
هل تعتقدين أن تجربة الكويت يمكن أن تُصدّر إلى باقي دول الخليج؟
- إذا كانت عملية التصدير خير، لا بأس أن نصدّر للخليج كل خير إن شاء الله، لا نريد للخليج إلا أن يأخذ الخير من الكويت، لا نريد للخليج أن يأخذ الأزمات السياسية، لا نريد للخليج أن يأخذ أي شكل من أشكال الفساد، لا نريد للخليج أن يأخذ أي أشكال منقوصة للحقوق، نحن نريد الحق والخير لنا ولكم.
هل انتقلت عدوى أوباما في التغيير إلى الكويت في هذا الجانب؟
- البعض يعتقد أن فقط إدارة أوباما هي التي تسعى إلى التغيير، أنا أعتقد أن أوباما كشخصية في داخل الثقافة الأميركية هو إنسان يطلب التغيير وينادي بالمحافظة على حقوق الإنسان في الطبقة المتوسطة، ونحن في المجتمع الخليجي نؤمن دائما بحق الإنسان من الطبقة المتوسطة.
العدد 2748 - الإثنين 15 مارس 2010م الموافق 29 ربيع الاول 1431هـ