تسعى الجهود المخلصة في البحرين إلى اللحاق بركب العصر الذي يكفل التطور الاقتصادي والعدل الاجتماعي، ومثل هذا الموضوع مدار بحث، وقد تطرق إليه منتدى التنمية الخليجي الذي عقد في البحرين مابين 12 و13 فبراير/ شباط الجاري. ومن تلك الأوراق طرحت انتقادات مباشرة للنموذج الخليجي في ضخ أموال النفط في تشييد مدن مسيجة وبنايات شاهقة تبعد المجتمع عنها وتجتذب طبقة محددة إليها وهي منفصلة عن المجتمع، والأموال بالتالي تتدفق من دون أن تتحرك العملية التنموية، وهذا يعني أن عامل الاستقرار الاجتماعي يتأثر بسبب انتقاص قيمة الإنسان، إذ يبقى النمو محصورا في زاوية ضيقة تمتلك الامتياز دون الغير، بينما مشاركة باقي الأطراف في المجتمع غير محتسبة إلا إذا كان ذلك ضمن نتيجة حسابات أخرى.
لذلك نرى أن هناك هروبا من حل المشكلات الحقيقية والسعي لاختلاق قضايا تبعدنا عن السعي إلى حل مشكلاتنا العالقة عبر وسائل انسانية تذهب إلى الجذور. مشكلاتنا لا يمكن تخميدها عبر التأجيج أو الهروب أو التغطرس أو التمترس خلف كل ما يمزق وحدة الوطن، بل إن هذا سيزيدها تعقيدا، وشريط الأحداث في كل مرحلة يعيد نفسه كما هو التاريخ الذي يقول الكثير والكثير؛ لكن ما من أحد يسمع أو يقرأ، فهناك من القصص والتجارب والعِبر التي تفيد كل الأطراف.
من الضروري أن نعترف ببعضنا بعضا، وبحقوق المواطن، وباحترام القانون المطبق على الجميع من دون استثناء، وأن نعترف بدولة المساواة والمؤسسات، لأن عدم الاعتراف بالآخر معناه المعاداة والتمييز، وبالتالي فإن حال الاستقرار يظل غائبا تماما كما هي الحقوق، ويستمر بذلك مسلسل تتكرر مشاهده في كل مرحلة من دون علاج حقيقي للمشكلة.
البحرين التي كانت الرائدة في يوم من الأيام، يمكنها أن تستعيد ريادتها بسرعة، لأن لديها مجتمع حيوي تماسك خلف هوية واحدة، ولا داعي لأن نخشى أية استثارات من أي طرف كان.
إن ما نحتاج إليه هو أن نلتفت إلى قضايانا التي لم تكن وليدة اللحظة بقدر ما هي نتاج ترسبات تاريخية وممارسات طويلة الأمد، أدخلت مفاهيم تميز هذا البحريني عن ذاك بل إن هناك اتجاهات عنصرية يتم رعايتها وتشجيعها على مسمع ومرأى الجميع. ومع أن هذه الأساليب استخدمت وفشلت، إلا أن هناك من يعوّل عليها الآن وكأنها ستخدمه في شيء، وهؤلاء لم يسألوا أنفسهم «وماذا بعد؟».
تتكرر المصطلحات والمسميات كما تتكرر الأحداث حتى تبدو البحرين وكأنها خاوية من الكفاءات والمفكرين والمبدعين.
تبقى البحرين في النهاية كما هي، وهي قادرة بأهلها أن تصنع مجتمعا عصريا، بدلا من محاولة شل إرادته وتمزيقه، بل وخنقه وتغييب المعرفة النافعة
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2357 - الثلثاء 17 فبراير 2009م الموافق 21 صفر 1430هـ