لم يكن مستغربا أن تصل الأوضاع الحالية إلى ما وصلت إليه من تأزيم في العلاقات بين أطراف فاعلة في الدولة والمجتمع بسبب تحشيد «إيديولوجي» اعتمد الأوهام أساسا لتحليل طبيعة الوضع والعلاقات في البحرين. وهذا التحليل المعتمد على الأوهام لا يوجد لدى بعض فئات المعارضة فحسب، وإنما أيضا
-ومع بالغ الأسف- يوجد لدى فئات محسوبة على السلطة، وهي تطرح تحليلات مركبة تركيبا قسريا على الواقع البحريني.
الخطورة في البحرين لا يمكن أن تنبع من شعب أصيل، ولا يمكن -مهما حاول البعض أن يغير التاريخ- أن يلصق الشبهات مستغلا أي تحولات أو أحداث إقليمية هنا أو هناك. نعم لدينا مشكلات داخلية، وإذا أردنا معالجتها داخليا فإن الطريق سهل، شريطة أن ننفتح على إمكانات الوصول لبعضنا بعضا، بدلا من تشييد جدران الوهم السميكة، أو تكثير قضبان السجون، أو تحشيد الكتابات المتطرفة التي تحاول ربط مجريات الأوضاع الداخلية بما يدور حاليا على المستوى الإقليمي أو العالمي.
الطرح المتطرف قد «يستحلي» لمن يمارسه حاليا وقد يواصل عليه، ولكنه لن يستطيع الاستمرار في تبسيط الأمور عبر تلوين الناس بأوهام اصطنعتها إيديولوجيات مرعوبة. إننا في بلد صغير وشعبه الأصلي ينتمي إلى جذور معروفة لا تحتاج إلى شهادات من أحد، وهذا الشعب يتكون من فئات عدة، تفاهمت وتعايشت وتنوعت وأعطت البحرين بُعدها الحضاري، وأي مساس بأية فئة من فئات الشعب يعتبر مساسا مباشرا بحضارة البحرين الممتدة من دلمون حتى الآن. إن من الأفضل أن نسعى لكبح جماح أصحاب الخطاب المتطرف من الاتجاهات المحسوبة على المعارضة وتلك المحسوبة على السلطة والتي كثّرت من خطابها الوهمي مؤخرا بصورة أكبر من ذي قبل.
ليس هناك مشروع لتغيير هوية البحرين، والذين حافظوا على عروبة البحرين وعلى نظامها معروفون في وثائق التاريخ وفي وثائق الأمم المتحدة ومحفورة أسماؤهم في الأحداث التي عايشناها في البحرين. ولذلك فإن أية محاولة من أي طرف لتلبيس أهل البحرين بشيء ليس منهم في شيء، إنما يبذرون لأنفسهم ثمارا خاسرة مقدما، ولعلهم لا يلتفتون الآن لأنهم يطربون لبعض ما يقولون. إن شعب البحرين لديه تجربة ثابتة على الأرض، والتجربة خير برهان. أما التحليلات النظرية القائمة على تركيب الأوهام فهي ليست مجربة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2357 - الثلثاء 17 فبراير 2009م الموافق 21 صفر 1430هـ