العدد 2747 - الأحد 14 مارس 2010م الموافق 28 ربيع الاول 1431هـ

كيسنجر... الأميركي الذي توَلَّهَ في حب نجوى فؤاد

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أدخل قبل يومين هنري كيسنجر، وزير خارجية الولايات المتحدة في عهدي الرئيسين نيكسون وفورد، إلى مستشفى في سيول، عاصمة كوريا الجنوبية. الطبيب الذي يعمل في مستشفى «يونسي» جون لينتون، قال في تصريح لمحطة «سي إن إن» إن «صحة كيسنجر في تحسن ونأمل أن يخرج غدا من المستشفى».

ويملك كيسنجر تاريخا حافلا بالأحداث المثيرة للجدل، ليس أقلها فضيحة «ووترغيت» في السبعينيات إبّان حكم الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، الذي شاركه فيها مستشار الرئيس الأميركي حينها إلكسندر هيغ. لكنه أيضا الحائز على جائزة نوبل للسلام للعام 1973، تثمينا، كما قيل حينها، لمساعيه من أجل التوصل إلى إحلال السلام في فيتنام.

ويملك كيسنجر سجلا مكتظا بالإنجازات، فإلى جانب مؤهلاته الأكاديمية، فهو خريج جامعة هارفرد من الليسانس حتى نال شهادة الدكتوراه منها في العلاقات الدولية، وعمل مدرسا وباحثا فيها حتى العام 1969، وفي موقعه كرئيس لفريق العمل الأميركي أعد التحليل الشهير للعلاقات السوفياتية الأميركية، وعلى وجه الخصوص في مجال التنافس العسكري النووي.

بدأ حياته السياسية الفعلية في العام 1969 عندما عين مستشارا لشئون الأمن القومي للرئيس الأميركي نيكسون قبل أن ينتقل إلى وزارة الخارجية في العام 1973، حيث اعترف له بدوره في «إعداد خطوات مباحثات الحد من الأسلحة الإستراتيجية المعروفة اختصارا باسم SALT بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي السابق». أتبع ذلك بنجاحه في التمهيد لزيارة الرئيس نيكسون للصين، في نطاق تكتلات مرحلة الحرب الباردة.

ويمكن فهم بعض جوانب رؤية كيسنجر الإستراتيجية الثاقبة، عندما نقرأ مقالته المعنونة «النقاش الذي نحتاجه حول الأمن القومي»، التي نشرها موقع فضائية «العربية» والتي يقول فيها «النقاش القومي الذي طال التنبؤ به حول سياسات الأمن القومي لم يحدث حتى الآن. فقد تغلبت قضايا تكتيكية في جوهرها على أهم التحديات التي تواجهها الإدارة الجديدة، والتي تتمثل في كيفية الوصول إلى نظام عالمي جديد في ظل ثلاث ثورات متزامنة تحدث في أماكن مختلفة حول العالم...، وتشمل هذه الثورات كلا من التحول في نظام الدولة التقليدي بأوروبا، وتحدي الإسلام الراديكالي للمفاهيم التاريخية للسيادة، وانتقال مركز جاذبية الشئون الدولية من المحيط الأطلسي إلى المحيطين الهادي والهندي».

أما بالنسبة لنا نحن العرب، فمن منا لا يذكر جولاته المكوكية في السبعينيات من أجل وضع حل للصراع العربي الإسرائيلي، في أعقاب حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973، والتي عرفت بسياسة «الخطوة خطوة»، والتي قادت إلى اتفاقيات فصل القوات العربية – الإسرائيلية، على الجبهتين السورية والمصرية.

ويحدد جلال جرمكا، من الصحيفة المركزية للاتحاد الوطني الكردستاني «الاتحاد» مرتكزات رؤية كيسنجر للأوضاع في الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص تلك التي بوسعها أن تؤمن لإسرائيل السلام الدائم الشامل الذي تبحث عنه، بعد حرب العام 1973، في ثلاث أمور رئيسة هي:

1. أن تقيم سلاما مع الأكثرية العربية (السنية) وليس مع الأقليات، فهذا أكثر ضمانا لها على المدى البعيد وهـو ما أقنع بـه قادة إسرائيل بعد طول فترة.

2. أن الاعتراف بشرعية وجود إسرائيل هو بداية وليس نهاية.

3. لا يمكن إعادة إسرائيل إلى حدود 1967 لأسباب جيـو ــ إستراتيجية، فهـي حـدود لا يمكن الدفاع عنها (إنها حدود انتحارية هشة).

وتتفق هذه المرتكزات مع إستراتيجية كيسنجر في تحقيق السلام بين الأطراف المتحاربة التي تقول، كما وردت في مذكراته والتي ترى أنه «لكي يكون ثمة سلام، لابد أن تكون هناك تسوية قائمة على التفاوض يخرج منها الجميع في حالة توازن، وبأن القوة المنتصرة يجب ألا تسحق المهزوم أو تبيده، وإنما يجب أن تمنحه قدرا ومنفذا لسلام مشرف، وأن أفضل ضمان للسلام هو التوازن».

ورغم تقدمه في العمر، فقد احتفظ كيسنجر بحضور بديهة متميز، انعكس في الكثير من مقالاته التي نشرت العديد من ترجماتها صحيفة «الشرق الوسط» اللندنية، والتي يبدي فيها آراء، تستحق التوقف عندها بشأن التدخل الأميركي في العراق، فهو يقول في هذا الشأن، «لقد كانت بلاد الرافدين هي النقطة الاستراتيجية المحورية للمنطقة طوال الألفية الماضية، وكانت مواردها تؤثر على دول بعيدة عنها للغاية...، بالإضافة إلى أن الخط الفاصل بين عالمي الشيعة والسنة يمر في مركزها...، كما يجب على إدارة أوباما أن تستجمع قوتها لكي تعلن أن العراق مازال يلعب دورا مهما في الإستراتيجية الأميركية...، وسيكون لمحصلة الأوضاع في العراق تبعات كبيرة داخل السعودية، وهي دولة بارزة في الخليج العربي، بالإضافة إلى الدول الخليجية الأخرى. وستكون هناك تبعات أخرى في لبنان، حيث يكون حزب الله، وعليه، تواجه الولايات المتحدة خطرا مهما خلال عملية تطور محدودة في السياسات الخارجية والمحلية داخل العراق».

ما يلفت النظر في سيرة كيسنجر هو تَولُّهه في حب الراقصة المصرية الفلسطينية الأصل نجوى فؤاد التي اعتبرها في مذكراته بأنها «من أهم الأشياء الجميلة التي رأيتها في الوطن العربي إن لم تكن الشيء الوحيد». ويستطرد في وصف العلاقة التي تربطه بها فنجده يقول «ومن أجمل الذكريات التي مازالت منطبعة في مخيلتي ولا تفارقني أثناء زياراتي المتكررة للقاهرة، وبعد يوم طويل من المفاوضات والجدل بين دهاليز السياسة أخيرا أستريح في سهرة أحرص فيها دائما على وجود الراقصة المصرية التي فُتنت بها وهي الفنانة نجوى فؤاد، وكنت أحرص قبل وصولي إلى القاهرة على التأكد من وجود الراقصة الجميلة في مصر، وأسأل عن أماكن تواجدها حتى أراها، وكانت تبهرني».

نجوى فؤاد من جانبها، لم تنكر ولَه الوزير الأميركي بها، بل قالت في مقابلة لها مع صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية إنها «رفضت الزواج من وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر... إنه كرد فعل بعدها تزوج من امرأة اسمها نانسي شديدة الشبه بي... حيث كان يشاهد في نجوى فؤاد ما كان يسمع أو يقرأ عنهم في قصص ألف ليلة وليلة».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2747 - الأحد 14 مارس 2010م الموافق 28 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً