قالت اللجنة إنها لاحظت أن هناك عددا من أملاك الدولة تحولت وانتقلت إلى أملاك خاصة، وبطريقة تبعث على الاعتقاد بوجود شبهات فساد، وقد توصلت اللجنة إلى مجموعة من الاستنتاجات من خلال المعلومات والوثائق والبيانات التي قدمت إليها، دون نفي احتمال وجود مخالفات أخرى، إنما ارتأت اللجنة أن ترصد أهم هذه المخالفات والخروقات المرتكبة بحق المال العام، وذلك مما توافر لدى اللجنة من أدلة وقرائن، وتتمثل هذه الاستنتاجات في الآتي: وقوع التعدي على عدد من العقارات المهمة والحساسة المملوكة للدولة، إذ اختارت اللجنة من بين أملاك الدولة التي حددتها وزارة المالية بـ (2043) عقارا اختارت منها من حيث الأهمية والموقع والمساحة (171) عقارا لتكون محلا للبحث والتحري عنها، ولاسيما أن البحث عن جميع العقارات قد يستغرق وقتا طويلا ليس من السهولة أن يكون متاحا للجنة في ظل امتناع الجهات الرسمية، ومماطلتها في الإجابة عن الاستفسارات وعدم تعاونها مع اللجنة وفق مقتضيات الدستور واللائحة الداخلية.
ومن بين هذه العقارات المختارة توصلت اللجنة إلى حقيقة وجود تعديات على عدد كبير منها، حيث بلغ عدد العقارات التي حصل عليها التعدي (30) عقارا من العقارات الكبيرة، وهي تمثل نسبة (18 في المئة) من العينة العشوائية التي اختارتها اللجنة في عملها (171 عقارا)، ما يعني وجود احتمال أن يكون التعدي قد وصل إلى نسبة (18 في المئة) من مجموع أملاك الدولة المسجلة، والتي لها وثائق ملكية، إذ إن ما لم يسجل منها، كما يظهر أكثر بكثير من ذلك في استنتاجات اللجنة وملاحظاتها في المحور الثالث من هذا الباب.
وتجد اللجنة أن تعبير «تعدٍ» الذي لحق بالعقارات التي سيتم بيانها فيما بعد هو المصطلح القانوني الدقيق لوصف الحالة التي آلت إليها تلك العقارات، وأخطر ما في هذه الحالة أن العقارات التي تم التعدي عليها هي عبارة عن عقارات مخصصة للمنفعة العامة بحكم القانون، ووفقا للمادة (26) من القانون المدني، فإنه لا يجوز التصرف بالأراضي والعقارات المخصصة للمنفعة العامة بأي شكل من الأشكال إلا بعد انتهاء التخصيص على النحو الذي يحدده القانون المدني، حتى يمكن تطبيق المرسوم بقانون رقم (19) لسنة 2002 بشأن التصرف في أملاك الدولة المملوكة ملكية خاصة، وبهذا الصدد أشارت إلى أن بعض العقارات تعتبر مخصصة للمنفعة العامة بطبيعتها كالسواحل وشواطئ البحار والتي لا يمكن التصرف فيها بحجة إنهاء تخصيصها للمنفعة العامة، إذ إن هذا النوع من الأموال العامة لا يمكن إنهاء تخصيصها إلا بدفنها وإنهاء صفتها كساحل أو شاطئ أو بحر، ومن ثم التصرف فيها كملك من أملاك الدولة الخاصة، فضلا عن أن دفنها يتعارض مع حكم القانون رقم (20) لسنة 2006 بشأن حماية السواحل والشواطئ والمنافذ البحرية التي حظرت التصرف بها.
وتابعت: وعليه فإنه لا يصح الدفع بصحة أي تصرف وارد على العقارات المذكورة أدناه، ولا يمكن الاعتداد بها بوصفها سببا ناقلا للملكية، إذ إن جميع التصرفات الناقلة للملكية الواردة على العقارات أدناه تعتبر منعدمة، وكأن لم تكن، إذ لا يشك بمخالفتها للقانون، ولا يصح لأي مواطن أن يعقد صفقة ببيع قطعة بحرية، إذ يعتبر هذا العقد منعدما وباطلا بطلانا مطلقا لأنه وارد على محل غير قابل للتصرف به، فإذا كان محل التصرف مما لا يجوز التعامل معه بطبيعته أو بحكم القانون، فإن أي تصرف يرد بشأنه يلحقه البطلان ولا ينتج أثرا قانونيا صحيحا.
ورأت اللجنة أن الآثار المترتبة على التصرفات الباطلة لا تتعدى كونها آثارا مادية فاقدة للغطاء القانوني والسند الشرعي، والأثر القانوني الوحيد الذي يترتب على التصرف الباطل هو إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التصرف، وإزالة هذا التعدي غير المشروع.
العدد 2745 - الجمعة 12 مارس 2010م الموافق 26 ربيع الاول 1431هـ