لاحظت اللجنة عدم وجود سياسة في اختيار المستأجرين، وبحيث يكون تأجير الأملاك الحكومية بما يكفل الشفافية والتنافس وتكافؤ الفرص، ودون إعلان عن توافر أرض حكومية للإيجار تتكافأ للكافة الفرص في تقديم عطاءات بحيث يتم اختيار المستأجر بناء على معايير واضحة وشفافة وتحقق أهدافا معلنة، بحيث يتم تقييم العطاءات لاختيار المشروع الأفضل تحقيقا للأهداف بعد استيفاء المعايير.
إن آليات اختيار المستأجرين الحاليين، سواء عندما كانت إدارة أملاك الدولة بشكل كامل لدى وزارة المالية، أو بعد انتقالها إلى شركة إدامة، تفتح باب الشكوك والشبهات في طريقة اختيار المستأجرين وتأجير الأراضي، إذ لا تمنع الإجراءات المتبعة غير الواضحة من فرص وجود الرشاوى، والتنفيع، والصفقات من الباطن، والمحاباة، والتمييز، والمحسوبية، وتتزايد الشكوك وتحوم الشبهات أكثر حول عقود الإيجار التي تبرم لمدد طويلة نسبيا، وبقيمة إيجار منخفضة جدا تقل حتى عن خمس أجرة المثل، بما يعني وقوع الغبن قانونا على الدولة، مع تفويت الفرصة على الدولة لاستغلال العقارات بأفضل استغلال.
هذا وقد أفاد الوكيل المساعد للخدمات البلدية المشتركة بوزارة شئون البلديات والزراعة محمد نور الشيخ في اجتماع اللجنة بتاريخ 8 يناير/ كانون الثاني 2008م بأن الكثير من الإيجارات بعقود قديمة ولفترات طويلة مثل (25 سنة)، أما عن العقود المنتهية فلا تجدد إلا من خلال مزايدات علنية، هذا ولم تجد اللجنة أي مصداق لما ذكر في الإفادة في وزارة شئون البلديات والزراعة، ولا في غيرها من الجهات الرسمية.
إن تحديد مدة العقد بمدة طويلة نسبيا تصل إلى (50) سنة، ودون وجود سياسة أو أنظمة واضحة تحدد الحالات التي تقبل فيها هذه المدد يعتبر من شأنه أن يحرم الدولة من الانتفاع بالعقار سواء في استغلاله لمشاريع الدولة وحاجاتها الإدارية، أو زيادة حجم استثماراتها من خلال تمكينها بتأجيرها بأسعار تماثل القيمة السوقية، بل إن بعض هذه الإيجارات من شأنها أن تجعل المستأجر في مقام المالك، ويستغل العقار استغلال المالك عدا الرهن والتصرفات الناقلة للملكية.
وقد لاحظت اللجنة أن بعضا من عقود الإيجار تتجاوز العشرين سنة، ودون وجود ضابط أو سياسة تحكم ذلك، الأمر الذي قد يكون محلا للشبهات والشكوك في تلقي الرشاوى والمحسوبية والتمييز وغير ذلك من الأمور التي تلازم عدم وجود سياسات مرجعية في تحديد مدة عقد الإيجار، وخصوصا في ضوء عدم وجود سياسات لاختيار المستأجر أو تحديد قيمة الأجرة أو مساحة العين المؤجرة أو غرض الإيجار.
وقد أشار الرئيس التنفيذي لشركة البحرين للاستثمار العقاري (إدامة) خالد البسام في اجتماع اللجنة بتاريخ 8 يناير 2008م إلى أن تحويل بعض العقارات التي ترتبط بعقود طويلة جدا إلى الشركة يعتبر تحديا للشركة، وعلى الشركة أن تجد مخرجا مناسبا هنا، فالعقارات التي تم تحويلها إلى الشركة تم تحويل عقودها أيضا، والشركة تقوم الآن بدراسة العقود وخصوصا طويلة الأمد من الناحية القانونية.
إن أفضل الممارسات تقضي بتحديد مقدار الأجرة على نحو واضح، وبما لا يدع مجالا للبس، وبما يضمن تحقيق عائد للمؤجر، ولا يصار إلى تحديد نسبة من دخل المشروع أو المنشأة كأجرة شهرية، إلا إذا كانت نية المؤجر منصرفة إلى المشاركة في المشروع، وبما يتحمل معه المؤجر الربح والخسارة، وهذا الأمر يحتاج إلى دراسة جدوى للمشاركة في المشروع بالإيجار، وبحيث تحتسب نسبة استحقاق المؤجر من صافي الدخل مبنية على أساس علمي.
وقد لاحظت اللجنة أن بعض التعاقدات التي أبرمتها وزارة المالية سابقا، أو شركة إدامة بعد انتقال أملاك الدولة إليها تنص على أن مقدار الأجرة هو نسبة من أرباح المشروع.
كما لاحظت اللجنة من خلال اطلاعها على عقود الإيجار التي أبرمتها وزارة المالية وشركة إدامة منح بعض المستأجرين مدد سماح يعفى خلالها المستأجر من سداد الأجرة، وتصل هذه المدة إلى خمس سنوات، بما يعني أن المستأجر يظل منتفعا بالعقار دون أن يدفع أي مبالغ لقاء هذا الانتفاع.
ومدة السماح عادة تمنح في إيجار المحال التجارية ومكاتب الأعمال، وتكون مدتها ثلاثة أشهر في الغالب، بحيث يتمكن خلالها المستأجر من تجهيز العين المؤجرة لمباشرة غرضه الأساسي من الإيجار.
إن عدم وجود سياسة واضحة لمنح مدد السماح، ومدتها من شأنه أن يخل بمبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص، ويكرس التمييز حتى بين المنتفعين من العقارات الحكومية أنفسهم، وفي المثال السابق، وحتى مع تفهم اللجنة الحاجة إلى بناء المدرسة للاستفادة منها، فإن هذا المشروع مشابه لعدد من المشاريع التي تتطلب فترة يقوم خلالها المستأجر بتجهيز الأرض لمشروعه، إلا أنه لم يُمنح المستأجرون الآخرون أي مدة سماح، علما بأن بناء المدرسة لا يمكن أن يستغرق خمس سنوات لتمنح المدرسة هذه الفترة، كما أن الإيجار السنوي زهيد جدا لا يمكن القول بأنه تمت مراعاة المستأجرين الآخرين من حيث الإيجار، حيث إنه مع تحفظ اللجنة على الإيجار السنوي في العقود المشابهة، فإن الإيجار السنوي المقرر في الحالة أعلاه هو من أخفض قيم الإيجار.
عدم وضوح سياسة اختيار المستأجر
يعتبر الدخول في التعاقد عن طريق عقود تخول المستأجر بناء مشروع واستغلاله لمدة معينة ومن ثم إعادة المشروع إلى المؤجر من التعاقدات غير العادية، والتي تحتاج في قبولها من حيث مناسبة المشروع أو البناء بعد إعادته إلى المؤجر وكلفة البناء وطبيعة المشروع وما يحققه من عائد، ومدة الإيجار، ومقدار الأجرة، وشروط التعاقد الأخرى، إلى دراسات علمية هي دراسات الجدوى، والتي يمكن من خلالها اتخاذ القرارات الصائبة، وقد لاحظت اللجنة دخول وزارة المالية وشركة إدامة في عدد من التعاقدات، إلا أن ظروف هذه التعاقدات وشروطها تحيطها بعض الملاحظات.
العدد 2745 - الجمعة 12 مارس 2010م الموافق 26 ربيع الاول 1431هـ