مجدّدا، تقدّم الأنظمة العربيّة، والجامعة العربيّة، هديّة أخرى إلى الكيان الصّهيونيّ بتحفيز السّلطة الفلسطينيّة للتّفاوض مع العدوّ، لكي يتنفّس الصّعداء ويتفرّغ للملفّ الإيراني كما يقول مسئولوه، وليباشر أوسع حملة تهويد للقدس، وأخطر عمليّة استيطانٍ فيها، من خلال المصادقة على مئات الوحدات الاستيطانيّة التي تبتلع ما تبقّى من وجود فلسطيني في المدينة المقدّسة، فضلا عن المستوطنات الأخرى في طول الضفّة الغربيّة وعرضها، وصولا إلى زحف المستوطنين إلى بيوت المقدسيّين واحتلالها وطرد أهلها بتشجيعٍ ودعمٍ من جيش الاحتلال وشرطته...
إنّنا لا نتحدّث هنا عن القدس لنحجّم القضيّة إلى المدينة، بل لنشير إلى حجم السقوط العربي وحتّى الإسلامي عموما، تجاه أقدس قضايا المسلمين في هذا العصر؛ هذا السقوط الذي بدأ بتحويل القضيّة إلى أرقام ومؤتمرات وقطاعات ومُدنٍ؛ بل أحياء، ممّا عمل كيان العدوّ ومعه كلّ قوى الاستكبار على تكريسه عبر اللعب على عامل الزمن والسذاجة وكرم الضيافة العربيّة التي يعبّر عنها الشاعر:
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت ربّ المنزل
وهكذا كنّا ولم نزل حتى لم يعد يراد لنا أن نكون مجرد ضيوف في أرضنا...
إنَّنا نقول للشَّعب الفلسطينيّ، الذي يكتشف يوما بعد يوم أنّه ليس هناك من يقلع له شوكه إلا أظافرَه المقاوِمة، وإنّه معنيّ قبل أيّ وقتٍ مضى بتجميع عناصر القوّة والوحدة الداخليّة؛ نقول لهذا الشعب: إنّ وجودكم بوجود القضيّة حيّة في حركتكم الجهاديّة المتحدّية، والسياسيّة العزيزة، وإنّ لبوس الضعف والذُّلّ الذي يُراد فرضه عليكم بمفاوضات فاشلةٍ من هنا وهناك، لا يليق بأصحاب قضيّة عصت على الإلغاء في أقسى المراحل خطورة، حتّى كاد عمرها يبلغ المئة عامّ من القتل والتشريد والتآمر والتواطؤ... وإنّ الأقصى هو عنوان القضيّة كلّها، ورمز كلّ تاريخكم الجهادي والنضاليّ، وأيّا تكن التحدّيات المقبلة، فلا ينبغي أن تُسقط من أيديكم البندقيّة، ومن نفوسكم العزّة، ومن حركتكم الأمل الذي ينظر إلى المستقبل بعين الله...
وفي هذا السياق، تُثبت الإدارة الأميركية مجدّدا أنّ جدول أعمالها لا يختلف عن جدول الأعمال الإسرائيلي، وأنّ كيان العدوّ هو الثابت الوحيد في سياستها، وهو ما يؤكّده المسؤولون الأميركيّون الذين يزورون كيان العدوّ هذه الأيّام، حيث يصرّح نائب الرئيس الأميركي أنّه «لا توجد أيّ مسافة بين الولايات المتّحدة الأميركيّة وإسرائيل».
وإنَّنا نحذّر من أنََّ اللّعبة الدوليّة اليوم تقوم على إعطاء كيان العدوّ المزيد من حريّة الحركة، لتطويق إيران وتصويرها كدولةٍ مارقةٍ في المنطقة، وكتهديدٍ رئيسٍ لما يسمّونه السّلام العالميّ الّذي لا يعتبرون الاحتلال الإسرائيليّ والأميركيّ لفلسطين وأفغانستان وغيرهما يُمثّل تهديدا له...
أمّا العراق الّذي استطاع أن يعبر نفق الانتخابات البرلمانيّة بنجاحٍ كبير، وأن ينطلق إلى مرحلةٍ أخرى نأمل أن تؤسّس لبناء الدّولة الحرّة والمستقلّة والقويّة، بعيدا عن قبضة الاحتلال الأميركيّ، فإنّ الفضل في نجاحه وتجاوزه لهذه المحطّة يعود إلى الشّعب العراقيّ نفسه، لا إلى الإدارة الأميركيّة أو الإدارات الغربيّة التي تتغنّى بتجربته الدّيمقراطيّة، وهي التي قتلت كلّ تجارب الدّيمقراطيّة في بلادنا، ودعمت ولاتزال تدعم الاحتلال والدّيكتاتوريّات العاملة لحسابه بكلّ الإمكانات والطّاقات...
إنّنا نريد للشّعب العراقيّ ـ بعد الإعلان عن النّتائج النّهائيّة الرّسميّة للانتخابات ـ أن ينطلق كمجموعةٍ واحدةٍ تعمل على تكوين نظامها السياسيّ بالتّعاون والتّنسيق، وبإشراك كلّ الأطياف السياسيّة والدينيّة والعرقيّة لهذا الشّعب المعطاء الّذي أثبت مرّة أخرى أنّه القادر على تحقيق أهدافه الاستقلاليّة رغما عن أنف الاحتلال وجماعات القتل والتّكفير.
ونصل إلى لبنان، الّذي جلس مسؤولوه إلى طاولة الحوار في محاكاةٍ لأكثر من وضعٍ في المنطقة، فإنّ حواره الدّاخليّ سيبقى دون الطّموحات، ولن يُنتج إلا المزيد من الحوار، وبعض التّهدئة التي ستظلّ رهينة للتطوّرات الزّاحفة من مواقع التوتّر المتعدّدة في المنطقة، لأنّ المشكلة في كثيرٍ من رموز الحوار الّذين كانوا رموزا للحرب، أنهم يجلسون إلى طاولة الحوار وهم يتطلّعون إلى المطالب الأميركيّة والغربيّة، وقد نقول الإسرائيليّة، ولا يتطلّعون إلى لبنان السيّد المستقلّ، وإلى ما يحتاجه الاستقلال اللّبنانيّ النّاجز من قوّةٍ حقيقيّةٍ تحفظ توازنه وتمنع العدوان عليه، وعمادها المقاومة والجيش الوطني الّذي عجزت الإدارة الأميركيّة عن تغيير عقيدته لحساب مصالحها ومصالح العدوّ.
إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"العدد 2745 - الجمعة 12 مارس 2010م الموافق 26 ربيع الاول 1431هـ
14 نوووووووور
حفظك الله يا سيدنا:
كلامك صحيح من ال أ الى ال ي ولكن نحتاج الى صف الصفوف بين جميع الأمم الإسلامية من جميع الطوائف ونحن على هذا النهج سائرون ولكن هناك من يريد العكس وبالفعل يعملون لبل نهار على هذا الأساس ولكن إرادة الله فوق كل الإرادات.
والسلام.
عبد علي عباس البصري
رحمك الله يا سيد انته تتكلم عن مستقبل العراق في ظل الاحتلال الامريكي والشعب العراقي لم يستسيغ الاحتلال لا من قبل ولا من بعد وانه في قيد الائتلاف والاتحاد ومن ثم التخلص من الاحتلال لان يا سيدنا ادام الله ظلك لا يمكن ان اقاوم الاحتلال بيد جرداء ومن خلفي التكفيريين والصداميين وآخرين . واما عن لبنان فلبنان كما هي العراق منهم من يريد الدنيا ومنهم من يريد الآخره طريقان متعاكسان كما هو التاريخ يعيد نفسه .
اول شي ربي يحفظك يا سيدنا من اعين المترصدين...
العراق في حاله يرثى لها ومااظن اللي استلم الحكم بيحكم مثل حكم رب العالمين .مهما كان الرئيس مؤمنا او منتخبا او مسلما لازم هناك نقص وهناك سلبيات على الاقل يا سيدنا يكون الحاكم عراقي ولا امريكي .