انطلقت لقاءات تشاورية مناطقية حول الميثاق، تستجمع الرؤى والتصورات وتروم تشخيص الواقع البيئي في البلاد، وفق مقاربة تشاركية مع الفاعلين من القطاعات المعنية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام وتلاميذ المدارس وبرلمان الطفل. وذلك من أجل توافق اجتماعي واقتصادي وسياسي على ميثاق وطني يرتقي بالمشهد البيئي المغربي، بعد المصادقة النهائية خلال الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للبيئة. وتزامن ذلك مع إعلان احتضان المغرب لاحتفالات يوم الأرض، إذ اختارته المنظمة الأميركية غير الحكومية بين الدول التي ستستضيف الاحتفالات بالسنة الأربعين لهذه المناسبة.
ينشد الميثاق انبعاث وعي بيئي جماعي وتغير في الممارسات مع انخراط قوي لجميع الفاعلين، وحماية التنوع الأحيائي وجودة الموروث الطبيعي والتاريخي، وتحقيق تنمية متوازنة وتحسين ظروف العيش والصحة للمواطنين. كما يعتمد آليات تتمحور في ثلاثة فصول:
حقوق وواجبات وطعون: تناول الفصل الأول من الميثاق حق الفرد في العيش في بيئة سليمة تضمن له الأمن والصحة والرخاء الاقتصادي والاجتماعي، ثم المحافظة على التراث الطبيعي والثقافي وجودة العيش، وضمان الحقوق والواجبات إزاء البيئة، وإمكان اللجوء إلى السلطة المختصة من أجل احترام الحقوق المتضمنة في الميثاق والتبليغ عن أي إخلال بالواجبات والقيم التي ينص عليها.
مبادئ وقيم: الرغبة الأكيدة في أن تشكل التنمية المستدامة قيمة أساسية للمجتمع المغربي تندرج ضمن قيم المجتمع ومبادئه. ويعتبر هذا الفصل الرقي الاجتماعي أحد مكونات التنمية المستدامة، لا ينفصل عن حماية البيئة، فضلا عن المحافظة على الإرث الطبيعي والثقافي وتثمينه كتراث يعكس الهوية الوطنية ويجب المحافظة عليه ومراعاة تنوعه وهشاشته وتنميته لضمان ديمومته.
التزامات: من أجل الوقاية اللازمة، يطالب هذا الفصل السلطات العامة بتدعيم العدة التشريعية والتنظيمية الوطنية في مجال البيئة والتنمية المستدامة وآليات تنفيذها وتتبعها ومراقبتها. ويلزم الجماعات المحلية باتخاذ تدابير وقرارات متشاور حولها لضمان حماية البيئة والمحافظة عليها في دوائر نفوذها. ويتعين عليها وضع وتنفيذ برامج مندمجة تضمن دوام الموارد الطبيعية والثقافية، وتحمّل المجتمع المدني وخصوصا المنظمات غير الحكومية المسئولية المجتمعية للتنمية المستدامة والمحافظة على البيئة.
على إثر الإعلان عن الميثاق، عقدت لقاءات تشاورية مناطقية لمناقشة مضامينه وسبل إخراجه بأفضل هيكلية ممكنة. ومن بين هذه المناسبات كان الملتقى
التشاوري الجهوي لجهة سوس ماسة درعة. فنوقشت على مدى يومين أهم المشاكل البيئية الكبرى التي تعرفها الجهة، واقترحت تدابير لتجاوزها أو التخفيف من حدتها لتحقيق تنمية محلية مستدامة.
وأكد الملتقى وجوب تقييم الدينامية الاقتصادية الحالية لاستغلال شجرة الأركان، وإنشاء صندوق للدعم والتضامن مع محترفي الصيد التقليدي والساحلي، وخصوصا خلال فترات الراحة البيولوجية وعند استحالة الولوج إلى البحر. وطالب بإحداث معاهد علمية ومؤسسات جامعية إضافية في المنطقة دعما للبحث العلمي وللتنمية البشرية، وإلزامية إخضاع جميع المشاريع التنموية في الجهة لدراسات الأثر البيئي. ودعا إلى إنشاء صندوق استثماري تساهم فيه القطاعات الإنتاجية لدعم برامج التنمية المستدامة. كما طالب بإجراء دراسات وبائية للتعرف على مدى تأثير التدهور البيئي والتلوث على صحة المواطنين، واتخاذها أرضية في إعداد البرامج التنموية وإدماج بعد الصحة والبيئة في مخططات التنمية المستدامة.
وخلص الملتقى إلى إصدار 202 توصية تتمحور حول تقوية مضامين الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة قبل صياغته النهائية. ومن هذه التوصيات:
- إعطاء هذا المشروع صبغة قانونية، والحرص على إلزامية تنفيذ مبادئه، مع إنشاء هيئات لتتبع مقتضياته وتطبيقها.
- وضع ميثاق جهوي للبيئة يعتمد على مرتكزات الميثاق الوطني، وإبراز دور الجماعات المحلية فيه. تضمين الميثاق نصوصا بتجريم من يلحق أضرارا خطيرة بالبيئة.
- تعزيز الترسانة القانونية المتعلقة بالبيئة واستكمال المراسيم التطبيقية.
- القيام بدراسات للتشخيص البيئي بشكل علمي مدقق، وتسهيل الولوج إلى المعلومات البيئية عبر إحداث موقع إلكتروني وإصدار نشرة دورية منتظمة.
- مباشرة عمل تواصلي عبر وسائل الإعلام بشأن المحافظة على البيئة وتحسين إطار عيش السكان، مع التركيز على توعية الفلاحين وتدريبهم في ما يتعلق بالتدبير المعقلن للأسمدة والمبيدات الكيميائية للحد من آثارها السلبية على الموارد الطبيعية وعلى الصحة.
- إضافة ملاحق إلى الميثاق تضم بعض المكونات البيئية الوطنية المعرضة للاستنزاف أو الانقراض، ومنها: شجرة الأركان وطائر أبو منجل الأصلع وأسد الأطلس.
العدد 2745 - الجمعة 12 مارس 2010م الموافق 26 ربيع الاول 1431هـ