العدد 2745 - الجمعة 12 مارس 2010م الموافق 26 ربيع الاول 1431هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

محمد (ص) نبي الرحمة إلى العالمين

إنه السابع عشر من ربيع الأول للعام 570م مولد القائد والإنسان والأب الذي افتقدناه، مولد سيدنا وشفيع ذنوبنا ووالدنا وحبيب قلوبنا «أنا وأنت يا علي أبوا هذه الأمة» والقائد والناصح والمتواضع «وإنك لعلى خلق عظيم» والصابر «ما أوذي نبي مثل ما أوذيت» ولكننا اليوم وبسبب افتقادنا له ندفع الفواتير تلو الفواتير، حتى رحنا نتخبط في الظلمات، ونتعثر في المطبات، ونتوه بالمتعرجات، ظلمات الجهل السلوكي والأخلاقي ومطبات الطائفية التي تنخر في أجهزة الدول، ومنحنيات التمييز التي تفضل الخبيث على الطيب، ومتاهات حقوق الإنسان حتى أصبحنا مكانك سر!

لايزال العالم يذكر ذلك الإنسان العظيم الذي رسم لنا الدرب فعكسناه، وخط لنا الطريق فحرفناه، ثم ماذا، ثم عدنا كما كنا، صبر من أجلنا على المحن والرزايا، فدى بنفسه وأهل بيته وأصحابه من أجلنا، تصدى لأنواع المحن والعذابات والعقوبات بدءا بقانون المقاطعة التي فرضتها عليه قريش الأمس كما هي قريش اليوم، إذ منعت عنه البيع والشراء وشكلت لها لجنة وصيغت بنودها في الصحيفة آنذاك وعلقت على الطريق لطمس نوره ظنا منها أنها طمست نوره وقبرت رسالته، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ويتم رسالته ودعوته ولو كره المشركون، تماما كما قالت زينب لطاغية الكفر والإلحاد يزيد بن معاوية «والله لن تمحو ذكرنا»، ثم تلت تلك المقاطعة التي فرضتها عليه قريش بعقوبة جديدة لعلها تجد فيه مرامها ومكرها فيه، ذلك الحصار الكبير الذي فرضته عليه ومعه ثلة من بني هاشم والذي امتد قرابة أربعة أسابيع ولكن لصبره وقوة عزيمته وعظمته ومساندة أبي طالب فشل الحصار وأرسل البارئ دودة (الأرضة) لتأكلها!

وهل هذا صعب على الله سبحانه وتعالى «فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم» واليوم تمارس قريش اليوم كبعض الأنظمة العربية نفس الدور يوميا على مواطنيها! أليس كذلك؟ ألم تحاصر السلطة الفلسطينية بالتعاون والتنسيق مع أميركا ومصر غزة وأطفالها ونساءها؟ ألم تمنع عنها الحرية والماء والنور والطعام؟ ألم تقفل بعض الدول العربية أفواه المعارضة بمفاتيح أميركية؟!

ثم ماذا بعد قريش الأمس واليوم ؟ ثم جاءت قريش بعقوبة جديدة وهي منع الرسول الأكرم من الحج ودخول مكة، كما تمنع اليوم الكثير من الدول العربية مواطنيها من دخولها تحت ستار القائمة السوداء، بعدها جاء أكابر قريش بقانون آخر وهم يهللون ويرقصون فرحا، قانون التجمعات الذي خطط له لمنع أي تجمع من أصحاب الرسول (ص) أو أي لقاء يتم بينهم وبينه أوبين أصحابه وأصحاب قريش أو أي اجتماع معه حتى لا ينقلب أبناؤهم إلى دينه، وهل هذا القانون غريب عنا هذه الأيام ألم تستخدمه اليوم الكثير من الأنظمة العربية وتمارسه خوفا على أنظمتها أن تمرق كما تمرق البيضة، خوفا من كشف مستورها ومعرفة أسرارها، وتعاقب كل من يخالف هذا القانون، حتى فشل هذا القانون بفضل الحكمة التي اتبعها النبي؟

وأخيرا وبعد أن ضاقت قريش ذرعا بهذا الرسول العظيم، عرضت عليه العروض والإغراءات مقابل سكوته (ص) إلا أن جوابه كان أشد قسوة «لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه» في زمن اليوم نجحت الكثير من الدول العربية بهذا المفعول وبهذه العروض والوعود والمناصب والرزم النقدية والشيكات الصامتة التي وزعت من تحت الطاولة على الكثير من الشخصيات، التي حولتها من معارضة إلى مسايرة، ثم جاءت بقانون آخر أكثر صرامة كآخر ورقة ضغط وهو قانون الإرهاب الذي ينص على التصفية الجسدية أي (الإعدام) على الطريقة الأميركية «wanted» من الصحابة! لمن يسلم أويدخل في دين محمد (ص) وفعلا أعدمت ياسرا وزوجته سمية على مرأى من الناس وعذبت وجلدت عمارا حتى يسب محمدا ودينه! «إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان» وما هذا القانون ببعيد عن الأبرياء الذين لقوا حتفهم في سوح الشهادة، أو في سجون الرأي لسنين طويلة ثم ماذا بعد؟ انقضاء هذه المدة الطويلة بالبراءة!

واليوم كيف يعيش العالم بدون محمد (ص)؟ أتعرفون الجواب؟ نعم حروب وعنف وفتن وأمراض نفسية بيولوجية وعضوية وبدنية وانفصام في الشخصية وتخلف، هذا هو قليل من فيض كثير، فالعالم لايزال يتذكر أقلام اليهود والمردة وشياطين النار ألجمهم إن شاء الله في نار جهنم، والعالم لم يصحُ بعد من التعديات المنحرفة والرسومات الشاذة التي مورست على نبينا الأكرم حتى بعد رحيله إلى الرفيق الأعلى مئات السنين، لايزال العالم الإسلامي يشهد يوميا الهجوم البربري والاصطفاف الأوروبي الفكري بدءا بالدنمارك وبريطانيا وأميركا وانتهاء بالنمسا التي احتضنت وشجعت وشايعت على هتك حرمته والاستهزاء بشخصيته ومزقت كتابه، بأبي أنت وأمي يا رسول المحبة والسلام إنك أعظم وأشرف من أي مخلوق وليس فقط من 100 شخصية كما صورها الغرب، بل أكثر من ذلك وأعظم من جميع شخصيات البشر فلا يمكن أن تقارن بك أي شخصية على الوجود لماذا؟

لأن محمدا مصطفى على الخلق الذي جاء بمعجزة شاملة وهو كتاب الله عز وجل أبهر به عقول عباقرة عصره وعصرهم وعصور امتدت إلى يومنا وجاء بنظام وحياة جديدة لأنه محمد الذي تباهت به السموات والأرضون السبع والعرب الغرب وحتى المسيح واختلفت عليه الفرس والروم وتعلقت بسيرته أقوام (كبلال الحبشي وسلمان الفارسي) على رغم اختلاف قومياتهم حتى عاش فقراء المهاجرين في كنف أغنياء الأنصار ونعمت الناس في العدالة والحرية والمساواة.

نعم إنه محمد (ص) الذي حول الكرة الأرضية إلى واحات خصبة تنعم بالعلم والمعرفة وبالحرية وبالأمن والرخاء في وقت كان الإنسان لا يأمن على عرضه ولا على ماله إلا على بنته التي يئدها ليريح ضميره الجاهل، وهكذا بفضل النبي محمد (ص) محا هذه الممارسات والعادات الخاطئة ولكن وبعد أن تخلى العالم عن نهجه وعلمه وسيرته عادت لنا الجاهلية الأولى هنا وهناك وأصبح حال العالم اليوم كقطيع ماشية وسط ذئاب مسعورة، تنهش منه اليهود والغرب ودول الاستكبار العالمي!

مهدي خليل


المحبة هي الثروة الحقيقية

خرجت امرأة من منزلها فرأت ثلاثة شيوخ لهم لحى بيضاء طويلة وكانوا جالسين في فناء منزلها، لم تعرفهم، وقالت لا أظنني أعرفكم ولكن لابد أنكم جوعى، أرجوكم تفضلوا بالدخول لتأكلوا.فسألوها:هل رب البيت موجود؟ فأجابت: لا، إنه بالخارج. فردوا:إذا لا يمكننا الدخول، وفي المساء وعندما عاد زوجها أخبرته بما حصل.قال لها :إذهبي اليهم واطلبي منهم أن يدخلوا! فخرجت المرأة و طلبت إليهم أن يدخلوا.فردوا:نحن لا ندخل المنزل مجتمعين، فسألتهم :ولماذا؟ فأوضح لها أحدهم قائلا:هذا اسمه (الثروة) وهو يومئ نحو أحد أصدقائه، وهذا (النجاح)وهو يومئ نحو الآخر وأنا (المحبة)، وأكمل قائلا:والآن ادخلي وتناقشي مع زوجك من منا تريدان أن يدخل منزلكما، دخلت المرأة وأخبرت زوجها بما قيل.

فغمرت السعادة زوجها وقال:يا له من شيء حسن، وطالما كان الأمر على هذا النحو فلندعو (الثروة)، دعيه يدخل و يملأ منزلنا بالثراء! فخالفته زوجته قائلة:عزيزي، لم لا ندعو (النجاح)؟ كل ذلك كان على مسمع من زوجة ابنهم وهي في إحدى زوايا المنزل ... فأسرعت باقتراحها قائلة:أليس من الأجدر أن ندعو (المحبة)؟ فمنزلنا حينها سيمتلئ بالحب!فقال الزوج: دعونا نأخذ بنصيحة زوجة ابننا، فخرجت المرأة وسألت الشيوخ الثلاثة:أيكم (المحبة)؟ أرجو أن يتفضل بالدخول ليكون ضيفنا فنهض (المحبة)وبدأ بالمشي نحو المنزل، فنهض الاثنان الآخران وتبعاه، وهي مندهشة، فسألت المرأة كلا من (الثروة) و(النجاح) قائلة: لقد دعوت (المحبة) فقط، فلماذا تدخلان معه؟ فرد الشيخان: لو كنت دعوت (الثروة) أو(النجاح)لظل الاثنان الباقيان خارجا، ولكن كونك دعوت (المحبة) فأينما يذهب نذهب معه، أينما توجد المحبة، يوجد الثراء والنجاح!

هذه قصة رمزية تريد أن توصل لنا رسالة مفادها ان المحبة هي رأس المال الأول وعليه فإننا مطالبون بان نزرع المحبة في أوساط المجتمع، بدءا من البيت ومن ثم للبيئة الخارجية وفي العمل .

مجدي النشيط


للديمقراطية البيضاء... حدود وخطوط حمراء

هل للديمقراطية وجوه وجوانب متعددة؟ وهل لها أنماط وأشكال مختلفة، من الإجراءات والقوانين التي يمكن تجاوزها لتتماشى والمصالح والمنافع الشخصية؟ وما يخدم رغبات وتطلعات أصحاب القرار والنفوذ، ويحقق لهم ما يرغبون فيه وما يريدون وما إليه يتطلعون؟ وهل يجوز لهم الانتقاء منها ما يناسبهم، ورفض كل ما يخالف أهواءهم ويشبع رغباتهم؟ وهل هناك ديمقراطية مصالح تجيز لمثل هؤلاء الناس أن يتحكموا في تلك الديمقراطية كيفما شاءوا ووقتما رغبوا؟ وهناك من تصرف واتخذ إجراءات خاصة به، تتناسب مع مصالحه ومنافعه الشخصية، ولنا على أرض الواقع أمثلة كثيرة على تلك التجاوزات والانتهاكات بحق الديمقراطية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، نورد هنا بعضا منها:

ففي التسعينيات كان الانقضاض الكبير على الديمقراطية بأبشع صورها، إذ حققت جبهة الإنقاذ الوطني في الجزائر، فوزا ساحقا في الانتخابات النيابية، ولكون الرياح جرت بما لا تشتهي سفن السلطة هناك، ولكونها لم تكن كما كانت ترغب فيه السلطة، تم الانقضاض على تلك الديمقراطية التي لم تكن في صالحهم وعلى خلاف رغبتهم، وقلبت الطاولة على كل النظم الديمقراطية العريقة في العالم.

فازت حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات النيابية وحققت نصرا كاسحا، وفق انتخابات حرة ونزيهة وتحت إشراف لجان مراقبة دولية، باعتراف كافة دول العالم، وسمح لحماس بتشكيل حكومة جديدة، وهذا هو شأن الديمقراطية وديدنها في ذلك، إذ يكون للحزب أو الجهة التي تحقق الفوز في الانتخابات الأولوية في تشكيل الحكومة، وأرادت حماس أن تكون حكومتها (حكومة وطنية).

ولكن أكثرية الأحزاب والجبهات الأخرى رفضت المشاركة في ذلك؛ لأنه هالهم أن تفوز حماس في تلك الانتخابات، ولأن ذلك خلاف ما يرغبون هم فيه، وإليه يتطلعون، وكذلك كان الأمر يتوافق مع رفض الكيان الصهيوني والقوى الحليفة والمتحالفة معه، فوضعت أمام حماس العراقيل، وخلقوا لها ألف مشكلة ومشكلة، وفرض عليها الحصار من كافة الأطراف والجهات، في سبيل إسقاطها والتنكر لتلك الديمقراطية التي يتباكون عليها.

والأدهى والأخطر من ذلك هو قيام الكيان الصهيوني باختطاف عدد كبير من نواب ووزراء تلك الحكومة، وعلى رأسهم رئيس البرلمان في وضح النهار، وزجهم في السجون بغرض إدانتهم ومن ثم محاكمتهم، في اختراق واضح لأبسط مبادئ الديمقراطية، تحت مسمع ومرأى العالم دون أن يلقى ذلك التصرف الأهوج والفاضح أية إدانة دولية، أو حتى شجبا واستنكارا عربيا، والجميع لزم الصمت المطبق وكأنه إجراء قانوني، ليدلل على الإجماع الدولي في التآمر على تلك الحكومة المنتخبة ديمقراطيا.

وطالبوا حماس بالتخلي عن حكومتها، وبإجراء انتخابات جديدة، في سابقة خطيرة من نوعها للانقلاب على الديمقراطية، ولهذا سرعان ما ارتفعت الأصوات من الكيان الصهيوني ومن الدول الأخرى الحليفة والمتحالفة معه، مؤيدة وباصمة بالعشر على هذا القرار - المخالف للديمقراطية التي يتشدقون ويتبجحون بها - وطالما نادوا الدول المتخلفة عنها أن تسرع الخطى، للحاق بركبها، والفوز بالالتحاق برحلها.

واليوم نرى هناك من يتآمر ويراوغ ويخادع ويماكر للانقلاب على تلك الديمقراطية. ويتصرف بما تمليه عليه مصالحه ومنافعه الشخصية، فيتجاوز الحدود ويبني السدود، ويتصنع الأعذار، ويضع العراقيل، ويختلق العقبات والصعاب، من أجل أن يطبق ما يتماشى مع مصالحه ومنافعه، ويفرض ما يرغب هو فيه ويتطلع إليه، وهو حامل ومتمسك بلواء تلك الديمقراطية، ويرفض الواقـع وما تتطلبه الديمقراطية من فروض وشروط وحدود، وهي لا تسمح لأحد بأن يتجاوزها، أو يتعدى عليها، أو أن يبخسها حقها، ويتمادى في ظلمها.

ومن أبسط تلك الشروط المتعارف عليها، والتي تطبق في دول الديمقراطيات العريقة، وكذلك في الدول التي آلت على نفسها، والتزمت في تطبيق تلك الديمقراطية الحقيقية، وهو أن تكون الأولوية للجهة أو الحزب الذي حقق انتصارا في الانتخابات النيابية والبلدية، في تشكيل الحكومة وتولي الزعامة أولا. ومن ثم تكون له الأحقية في رئاسة البرلمان ثانيا، وهي إجراءات وشروط وفروض ربما لا تكون مرغوبة لدى البعض، ولكنها فرضت من قبل الديمقراطية العتيدة - شئنا ذلك أم أبينا.

تلك هي بعض شروط لعبة الديمقراطية، فلا يحق لأحد بأي حال من الأحوال التلاعب بها، أو تجاوزها والانقضاض عليها، أو الانقلاب على مبادئها وتعاليمها، والالتفاف والتعلق بتلابيبها، أو مراوغتها وخداعها وسلب إرادتها، أو اللف والدوران حول قوانينها واختراقها، فالديمقراطية لها حصن حصين وسد منيع لا يمكن تجاوزهما - لا من أمامهما ولا من خلفهما - فمن أراد الديمقراطية فليسلك صراطها المستقيم، وطريقها القويم، ومن يرفضها فليسلك دربا غير دربها، ويتخذ طريقا غير طريقها، فهي لا تحب النفاق وتكره المكر والخداع، وترفض كل أنواع الاستغلال والابتزاز، وكافة أشكال التهديد والوعيد، وتأبى في شموخ وكبرياء - أن ينال أحد من عزتها وكرامتها، وتصر بقوة وعنفوان، أن يلتزم ويتقيد وباحترام كل من يقترب من أسوار قصر جلالتها - بالعدالة والنزاهة، والصداقة والنيّة الحسنة والأمانة - وهي لن تسمح لأحد - كائنا من كان - بغير تطبيق واتباع قوانينها، والالتزام بسنتها وشريعتها، والسير على خطى نهجها وهدايتها.

محمد خليل الحوري


حقوق الإنسان (5)

الشرعية الإجرائية الجنائية

ما هي الشرعية الإجرائية؟

تعتبر الشرعية الإجرائية الجنائية مجرد حلقة من حلقات الشرعية الجنائية التي يخضع لها القانون الجنائي. فهذا القانون يتتبع بالخطى الواقعة الإجرامية منذ تجريمها والمعاقبة على ارتكابها إلى ملاحقة المتهم بالإجراءات اللازمة لتقرير سلطة الدولة في معاقبته حتى تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه. وفي جميع هذه المراحل يضع القانون الجنائي النصوص التي تمس حرية الإنسان، سواء عن طريق التجريم والعقاب، أو عن طريق الإجراءات التي تباشر ضده، أو بواسطة تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه. وعندما تعرض قضية الحرية على بساط البحث، يبرز مبدأ الشرعية ليحدد النطاق المسموح به عند معالجة حقوق الإنسان في هذه الأحوال.

وقد ظهرت الحلقة الأولى من الشرعية الجنائية تحت اسم ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون)، لكي تحمي الإنسان من خطر التجريم والعقاب بغير الأداة التشريعية المعبرة عن إرادة الشعب وهو القانون الصادر من السلطة التشريعية، ولكي تجعل المتهم في مأمن من رجعية القانون، وبعيدا عن خطر القياس في التجريم والعقاب.

على أن هذه الحلقة الأولى وحدها لا تكفي لحماية حقوق الإنسان إذا أمكن القبض عليه أو حبسه أو اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاكمته مع افتراض إدانته، فكل إجراء يتخذ ضد حرية الإنسان دون افتراض براءته سوف يؤدي حتما إلى إثقاله بعبء إثبات براءته، فإذا عجز عن إثبات هذه البراءة اعتبر مسئولا عن جريمة لم تصدر عنه، وهو ما يخالف حقوق الإنسان التي نص عليها مشرّعنا الدستوري بالمادة 20 الفقرة (ج) (المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقا للقانون).

يؤدي هذا الوضع إلى قصور الحماية القانونية التي يكفلها مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، طالما كان من الممكن المساس بحرية المتهم من غير طريق القانون أو كان من الممكن المساس بحرية المتهم من غير الطريقة القانونية أو كان من الممكن إسناد الجرائم إلى الناس ولو لم يثبت ارتكابهم لها عن طريق افتراض إدانتهم لذلك كان ولابد من استكمال الحلقة الأولى للشرعية الجنائية بحلقة ثانية تحكم تنظيم الإجراءات على نحو يضمن احترام حقوق الإنسان وتسمى الشرعية الإجرائية التي تفرض على الجميع براءة المتهم قبل صدور حكم الإدانة.

أما إذا صدر حكم بإدانة المتهم، سقطت عنه قرينة البراءة وأصبح المساس بحريته أمرا مشروعا بحكم القانون ولكنه ليس مطلقاَ وإنما مقيد بأغلال إنسانية هي أغلال حقوق الإنسان والتي تفرض احترام حقوقه أثناء مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي والاستجواب والمحاكمة وتنفيذ العقوبة وقد أيدت هذه الفكرة السياسية الجنائية الحديثة لتيار الدفاع الاجتماعي، وأوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول بتطبيق هذا الاتجاه وفقا لقرارها رقم 3218 الصادر في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 1977، وقد تماشى معه هذا التيار المشروع الإصلاحي الكبير لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى مما كان له بالغ الأثر في ترسيخ مبدأ سيادة القانون بوصفه أساس الحكم في مملكتنا دولة القانون.

بما يضمن التوازن العادل بين حماية الحرية وحماية المجتمع يقر من خلاله بالحد الأدنى لحرية الإنسان في تلك المراحل والذي استجوب القانون الحفاظ عليها وعدم التضحية بها وبذلك أرسى الدستور المعدل لمملكتنا جوهر الشرعية الإجرائية ومن خلال هذا المبدأ وحده الذي أضحى الأداة التشريعية لتنظيم الحرية الشخصية وتحديد الإجراءات التي يجوز اتخاذها للمساس بهذه الحرية ذلك بأنه لا عقوبة بغير حكم قضائي ويمكن تحديد مبادئ الشرعية الإجرائية الجنائية بثلاث مبادئ أولها الأصل في المتهم البراءة، وثانيها القانون هو مصدر الإجراءات الجنائية، وثالثها الأمر القضائي في الإجراءات الجنائية.

وزارة الداخلية


أفسحوا المجال... النساء قادمات مع تاكسي النساء

في الماضي كان (تاكسي النساء) مجرد حلم لا يتحقق ليبقى متقوقعا في كونه حلما لا أكثر، لكن ما لا تدركه النساء أن أحلامهن لم تكن مجرد أحلام، وأن إرادتهن اكتسحت كل مجال فلم يعد هناك مجال مقتصر على السادة الرجال، مؤخرا أصبح تاكسي النساء يجوب شوارع لبنان والإمارات التي أقرت حق المرأة في قيادة تاكسي خاص للنساء فقط، ففي لبنان والإمارات وجد تاكسي النساء ذو اللون الوردي يجوب الشوارع تقوده امرأة، وعلقت على سقفه لوحة كتب عليها (أجرة نسائية) فيا لعظمة النساء!

اليوم أصبح بإمكان المرأة أن تصعد إلى التاكسي دون قلق أو خوف من التعرض إلى الاستغلال والتحرش أو الاعتداء، فالسائق امرأة تستمتع النساء بالتحدث إليها طوال الطريق بدون قلق وبالتالي ستشعر وبلاشك بأريحية عالية.

المؤيدون لفكرة وجود تاكسي نسائي يرون أن التاكسي النسائي يوفر الحماية والأمان للمرأة ويسهل انتقالها في كل الأوقات، أما المعارضون وهم بلاشك من فئة الرجال وفي الغالب هم أصحاب سيارات أجرة يعللون رفضهم بأن دخول المرأة سوق العمل كسائقة تاكسي من شأنه أن يخلق مزاحمة للرجل، يا للتبريرات السقيمة!

إن المرأة عندما تعمل كسائق تاكسي فإنها بذلك تخدم النساء فقط وهذا حق من حقوقها للسائقة والراكبة، من حق المرأة كسائقة أن تخدم بنات جنسها ويقتصر عملها معهن، ومن حق الراكبة أن تصعد إلى تاكسي تشعر فيه بالأمان والطمأنينة والرضا، كما أنه مصدر دخل رائع للنساء المهجورات والمطلقات والأرامل.

قبل عام وتحديدا في مارس/ آذار 2009، افتتح في بيروت مكتب (بنات تاكسي) متخصص لخدمة النساء في تنقلاتهن اليومية، وأثار المشروع في حينه جدلا بين مؤيدين ومعارضين للفكرة، واليوم ترى (نوال ياغي فخري) سيدة الأعمال اللبنانية وصاحبة المؤسسة أن (بنات تاكسي) مشروع ناجح وأنها خدمة أنثوية لا يمكن للرجل أن يقدمها للمرأة، فظهر تاكسي النساء في لبنان وطغى عليه اللون الزهري ليكون مناسبا لطبيعة المرأة وأطلق عليه (بنات تاكسي).

أما في الإمارات فكان (تاكسي النساء) هو الحل العملي الذي أقرته وكالة النقل العام في مؤسسة الطرق والنقل بدبي حفاظا على أمان النساء لتكون الإمارات بذلك أول الدول العربية التي حققت هذا النظام بعد بريطانيا وتحديدا (لندن)، ويذكر أن تاكسي دبي أيضا باللون الوردي، كما أن الباحثات عن الاستفادة من هذه الخدمة لابد وأن يكن منتميات إلى ناد خاص يضم السائقات أيضا ولا تتوافر خدمة النقل بأساطيل التاكسي النسائي إلا للمشاركة فقط وغالبا ما يتم طلب التاكسي الوردي عن طريق الهاتف بحيث يتكفل مركز العمليات بتوجيه أقرب تاكسي لطالبة الخدمة بعد تحديد موقعه بواسطة نظام تحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية.

ترى... هل سيكون هناك (تاكسي النساء) للنساء فقط في البحرين في المستقبل القريب؟

حاليا في البحرين هناك الكثير من النساء اللواتي يستخدمن سياراتهن الخاصة لتوصيل النساء في مشاويرهن سواء للتبضع أو للتجميل أو لزيارة أحدهم مقابل مبلغ من المال، وتلك منتشرة بكثرة نظرا لحاجة الكثير من النساء لهذه الخدمة وخصوصا السيدات الكبار في السن أو اللواتي لا يمتلكن رخصة سياقة.

هل سيأتي اليوم الذي نجد فيه (تاكسي النساء) يجوب شوارع البحرين؟ وماذا سيكون لونه ورديا أم قرمزيا؟ لكنني أظن بأنه سيظل كما هو تاكسي نساء بلا لون أي أنه غير مرئي أصلا.

نوال الحوطة


اغتيال مُعلن

نغتالكِ في كل كتاباتنا. قليلٌ هم من يحمون ظهركِ، إلا أنهم أو بعضا منهم يغتالكِ بصورةٍ أخرى، بينما يعتقدُ أنهُ يحميكِ!

كثيرون من أبنائكِ، وبصورةٍ همجية، يهاجمونكِ، بِاحتِقار... وأنتِ بنظرةِ أمل، تنظرين لهم، تماما كأمٍ ينهرُها أبناؤها، بِجرأتهم الفوضوية، مُتحدين بذلك شرائع الأرضِ والسماء...

جلستُ أتأمل. تراني هل اغتلتكِ فيما كتبتُ الآن؟ - ودونما وعي مني - أراني غرستُ في ظهركِ إبرة تُساهمُ في إعاقتكِ، ولستُ بذلك متعمدا، ولكن هي مقدرتي الضعيفة في التعرف عليكِ جيدا.

على كبرٍ، جئتكِ طالبا منكِ أن تسمحي بتقمصكِ، لِئلا أساهم في اغتيالكِ...

في الفتراتِ السالفة من عمري، ودونما وعي مني، شرعتُ في تقمصٍ سافر، لغيركِ، إلا أنني اهتديت، وجل من لا يخطئ، أنتِ تعرفين... ولكن الآن أنا من أشد المدافعين عنكِ أمام نفسي على رغم أني لا أملكُ شيئا من معرفتكِ... يا لذنبي!

أبناؤكِ كثيرون: صغار، شباب، شيوخ... متعليمن، أميين، نساء ورجال.. أغنياء وفقراء...

يا أنتِ، أأبكيكِ؟

يا أنتِ، لمن أشكوى ألمي عليكِ؟

متى أراكِ ترقصين دون حراسة، وتمشين بين العلومِ، والفنون، دون أن تطأطئي رأسكِ ألما، وحزنا على ما بكِ؟

ليس النقصُ منكِ... نعلم ذلك، النقصُ من أبنائكِ الكسالى، من أبنائكِ المُعتمدين على الغير، والمحاصرين منه، وسلموا أمرهم إليه، أنا منهم، وأشكوهم ولكن أستثني نفسي؛ لأني ملطخٌ بالوحل مثلهم، فلا أرى نفسي، فأعيب من أرى وهم يعيبوني، ولكني أبقى دون أن أرى نفسي! هذا هو حال أبنائكِ... فهم لا يرون أنفسهم بالوحل ملطخين، فيقول كل واحدٍ منهم للآخر: الوحلُ يغطيك، يا ابن أمي، اذهب واغتسل منه، فيردُ الآخر عليه: أنت من يغطيك الوحل، اذهب... إذا ماذا؟

لماذا لا يغتسلُ الواحد منا دون أن يطلب من الآخر ذلك، فنغتسلُ جميعا من الوحل... بداية من أنفسنا؟

آهٍ عليكِ يا أمي اللغة... لو فعلنا ذلك، لمشيتي فاخرة بين العلوم والفنون...

آهٍ عليكِ يا بحرا تمتلئ أحشاؤهُ بالدر... متى تبعثُ الحياة فيكِ بيننا؟ أراها بدأت بالسقوط على أيدي الأبناء، وعلى يد جهلي...

كيف لي وأنا أعلم كيف، ولكن جاء علمي متأخرا وفي حدود نفسي.. أن لا أساهم في وأدِ بناتكِ؟

أسعى لذلك بداية من نفسي... وليت الآخرين يسعون من أنفسهم!

لكي لا تستمر اللغة في وأد بناتها... ثم نجرمها!

السيد أحمد رضا حسن

العدد 2745 - الجمعة 12 مارس 2010م الموافق 26 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:53 م

      رقم 1

      ماليه داعي تسوي روحك ماتدري ان احنا عندنا غير وانتو غير خخخ حركاتك مالت جهال ومالت لول

    • زائر 5 | 8:34 ص

      جمراويه سهلاويه

      ماشاء الله عليك وبارك الله فيك يامجدى النشيط دائما نشبط فى مقالاتك الى المزيد وبالتوفيق فى جميع اعمالك .

    • زائر 3 | 3:37 ص

      14 نور

      أخوي مالك شغل رجاء خلك في كلندركم وخلنه في كلندرنه أوووكي.

    • زائر 2 | 3:25 ص

      يا أخي انت غير واحنه غير

      المولد عندكم 12 على حسب رواياتكم ونحن عندنا 17 على حسب رواياتنا، فخلك محلك ولا تدخل عرض، وترى نعمل العقل مو بس عندك

    • زائر 1 | 10:38 م

      استغفر الله

      مولد الرسول صلى الله عليه وسلم الثاني عشر من ربيع الأول اشلون صار السابع عشر على كيفكم تغير التاريخ الحمد والشكر على نعمة العقل .

اقرأ ايضاً