صدر للباحث المغربي عبد اللطيف محفوظ كتاب جديد يحمل عنوان «البناء والدلالة في الرواية» وعنوانا فرعيا هو (مقاربة من منظور سيميائية السرد)، ويعتبر هذا الكتاب الذي هو صوغ جديد ومعدل للجزء الأول من رسالته لنيل دبلوم الدراسات العليا التي أنجزها تحت إشراف الأستاذ محمد برادة تنويعا لتجربة الكاتب في مقاربة النص الروائي، ولا يمكن فهم عودة عبد اللطيف محفوظ إلى أرشيفه النقدي، إلا ضمن سياق وعيه بأهمية تجربته وتميزها مقارنة مع التجارب العربية المنضوية تحت نفس التوجه، وأيضا في سياق التأريخ لشكل تطور وعيه بأشكال المقاربات السيميائية. وقد عمل الأستاذ عبد الرحيم جيران الذي قدم للكتاب على إبراز ذلك وتوصيف مختلف خلفياته حيث يعتبره من نتاجات واحد ممن أخذوا منذ الثمانينيات: «على عاتقهم أن يعنوا بالمقاربة السيميائية. ولربما لم يدر في خلدهم وقتذاك تبرير اختياراتهم المعرفية بما يلزم من الوضوح، لكنهم كانوا على وعي تام بالأهداف التي يسعون إليها، وإن لم يصرحوا بذلك. ويعد كتاب «البناء والدلالة في الرواية» لعبد اللطيف محفوظ نتاج هذه المرحلة ويحمل في طياته أثرها. ولذلك لا يمكن التعامل معه إلا في ضوء مغامرة جيل جديد بالمغرب كان طموحه أكثر مما يسمح به له واقعٌ معرفي وسياسي واجتماعي جد مرتهن بأعباء التخلف والركون إلى المألوف والتبسيط. وبالرغم من مرور زمن ليس باليسير على لحظة إنتاج الكتاب فما زال راهنيا نظرا لما يتضمنه بين دفتيه من أهمية بالغة تتمثل في تقريب المقاربة السيميائية من القارئ العربي، وتمكينه من ضبط مفاهيمها وآليات اشتغالها، فضلا عما يتصف به من تيسير لهذه المقاربة، وتكييف لها على مستوى دراسة النص الروائي، وتمتين قدرتها الإجرائية بما توفره مناهج أخرى من أدوات مسعفة في ترميم الخصاصة التي تتميز بها السيميائيات على مستوى التأويل. كما تتمثل أهمية الكتاب في أنه لم يكن مجرد محاكاة عمياء للنموذج الغريماسي، بقدر ما كان جهدا حريصا على استحضار ـ وبما يكفي من المهارة والدقة ـ الأسئلة الخاصة بالذات، وهي تعيش قلق المعرفة في اصطدامها برعونة المتغيرات التي تفاجئ بها النصوص عادة صرامة النماذج النظرية، واستحضار أسئلة الواقع من حيث هو مرجعية تتخفى خلف إنتاج النصوص وتشرط صياغتها الجمالية...
العدد 2743 - الأربعاء 10 مارس 2010م الموافق 24 ربيع الاول 1431هـ