لم يعد هناك شيء خافٍ على أحد خاصة المتعلق بالرأي والرأي الآخر، علاوة على سرعة انتشار الخبر، فالمتلقي في الغالب ما يلجأ إلى الصحف المستقلة والمدونات ليتعرف على الجانب الآخر، وربما الجانب الحقيقي للطرف الآخر.
فالفساد، القمع السياسي، القفز على المراحل، الاحتجاجات السلمية أو العنيفة، ما تقوم به الجمعيات الحقوقية سواء القائمة أو المنحلة، كلها حقائق متوطنة في البحرين، ولكن هل من المفترض تسليط الضوء عليها أو التغافل عنها؟.
كل هذه أسئلة تحتاج إلى أجوبة.
قبل أيام اقتيد أحد رؤساء التحرير إلى النيابة العامة، وذلك لاتهامه بقضية تتعلق بالصحافة والنشر ومن الطبيعي أن يتعرض رؤساء التحرير أو الصحافيون لمثل تلك القضايا، حيث تعتبر حرية الرأي من القضايا الشائكة والحساسة، إذ إن الحدود التي ترسمها الدولة أو المجتمع المانح لهذه الحرية قد يتغير وفقا للظروف المختلفة وأحيانا قد تلعب ظروف خارج نطاق الدولة أو المجتمع في تغيير حدود الحريات، ولكن من غير الطبيعي أن يكون الطرف الآخر لهذه القضية هو أحد المنتمين للجمعيات الحقوقية «المنحلة»، التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، حيث تتسم هذه القضية بالازدواجية، لذلك ستكون هذه الخطوة خطيرة جدا، حيث إنها تعزز تثبيت مبدأ القوانين السالبة للحرية وسجن الصحافيين من جهة، ومن جهة أخرى مدافعتها عن الحريات. وبذلك سيكون توصيفها هو الأقرب بالكيل بمكيالين، إذ ما هو الفرق بين هذه الواقعة وبين من يدعي مكافحة التعذيب في الوقت الذي هو على رأس من يقوم بهذه الممارسات، أو حتى بين هذه الواقعة وبين من يدعي محاربة التمييز، كالكيان الصهيوني الذي يدعي محاربة التمييز في الوقت الذي يقوم بالتمييز مع الشعب الفلسطيني بالأراضي المحتلة.
ومن المفارقات كذلك بأن هناك شخصيات قد استماتت للترخيص لها من قبل مؤسسة دعم الإعلام الدولي (i-m-s) ومقرها الدنمارك لتوكل لها مهمة مراقبة وسائل الإعلام البحريني في انتخابات 2010 علما بأن هذه الشخصيات كانت طرف في عملية التأزيم السياسي من منطلقات طائفية وحسابات فئوية ضيقة، ومارست عملية قلب الحقائق والقصص فلا يخفى على أحد القضية الأخلاقية التي روج لها بأنها قضية حقوقية وتم تبنيها والترويج لها بالخارج قبل الداخل، فالمتتبع للأحداث ليس مصابا بمرض الزهايمر كي ينسى تلك الحادثة أو الحوادث.
والآن نفاجأ برفع الدعاوى على الصحف بغية تعزيز قانون الصحافة سيئ الصيت السالب للحريات، التي تسعى الصحافة ومجلس النواب والشورى والجمعيات الحقوقية بتعديله ليتماشى مع بقية القوانين الدولية.
وهنا نسأل بأية نزاهة ننتظر ما ستقدمه هذه الشخصيات للمؤسسات الدولية حول شفافية المراقبة لانتخابات 2010 إذا كانت تريد تكميم الأفواه وتقليص حرية التعبير.
إن البحرين تتسع للجميع، كلمة جميلة غالبا ما أرددها بعد سماعي لها من رئيس التحرير «الوسط»، كما أن الحفاظ على البحرين والحريات مسئولية الجميع فها هي البحرين تزخر بحراك سياسي ومجتمعي يضم جميع الأطياف مثل الفسيفساء بمن فيهم المعارضة، فالداعون لسلب الحريات ليس لهم مكان بيننا، كما أننا لسنا بحاجة الاستجداء للتسجيل بالمنظمات الحقوقية مثل «بيت الحرية» والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية ومنظمة «مراسلون بلا حدود» ومجلس حقوق الإنسان فقط لمراقبة الانتخابات القادمة وكأن الطعن بها أصبح مبيتا من قبل البعض.
إننا نتفق ونختلف مع النظام ولكن المشروع الإصلاحي أحد الثوابت والخطوط الحمراء وهذا ما أعلنه الجميع بمن فيهم جمعية الوفاق. وهنا نقول من أجل احترام حقوق أو سمعة الآخرين، من أجل حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الأخلاق.
هناك شروط لممارسة حرية الرأي والتعبير بضوابط لطالما كانت مجال نزاع فيما بين السلطة والصحافة، فالسلطة غالبا ما تحاول أن تطغي على المجال العام عبر ممارستها المختلفة والتي تفضل أن تتم بأقل قدر من النقد والتركيز تحت الأضواء، فيما تجد الصحافة ووسائل الإعلام نفسها في مرحلة الدفاع عن النفس، وهذا ما ينطبق على الحالة الاستثنائية التي تشهدها النيابة العامة في البحرين في هذه الفترة المتمثلة بمقاضاة أحد رؤساء التحرير من قبل أحد الحقوقيين الذين يدعون بأنهم داعمون لحرية الرأي والتعبير ومناهضون لقانون سلب الحريات للصحافيين!
وهذا يقودنا للب الصراع بين هذا النوع من الشخصيات أو الجمعيات وحرية الرأي والتعبير، إنما يتمحور هذا الصراع في الحق وحدود ممارسته، ولكن بحدود يحددها هؤلاء، فإذا كان هذا الحق قد همش وألغي تماما من قبل السلطة، يخرج علينا من يدعي النطق بالحقيقة المطلقة الدائمة التي تفضل إدارة أمورها وشئونها بعيدا عن أعين الصحافة والرقابة.
ولتعلم تلك الشخصيات بأنه يجب أن تسود القناعة بأن أحكام الناس بأنفسهم على حرية الرأي هو الاستقرار، فالصراحة تساعد على تحقيق الديمقراطية والقناعة بالآخرين. ذلك أن المجتمع يصبح أكثر استقرارا وأكثر حرية في المدى البعيد إذا سادت قيم المصارحة، حيث كان من المؤمل عند رفض الرأي الآخر من قبل تلك الشريحة من الحقوقيين أن يكون من خلال الآليات المعمول بها في مثل هذه المواقف والمتمثلة في الاعتصام أمام الصحيفة، أو عمل مؤتمر صحافي أو إصدار بيان بدل الكيل بمكيالين وذلك باللجوء إلى القضاء وكأن تعزيز قانون سلب الحريات للصحافة مطلب أساسي لتلك الشخوص.
إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"العدد 2742 - الثلثاء 09 مارس 2010م الموافق 23 ربيع الاول 1431هـ
كن موضوعي ايها الكاتب
هل اتهام شخص بانه عميل لدولة اجنبية حرية راي؟ هل اتهام شخص بتلقي اموال من جهاز مخابرات أجنبية حرية رأي؟ لماذا هذه المغالطة والانحياز للباطل؟ لماذا لا تكون موضوعياً وعادلاً؟ هل تقبل احد يتهمك في وطنيتك أيها الكاتب ويشكك في ولاءك لبلدك؟ألن ترفع ضده قضية إذا كنت تحترم نفسك؟ أتمنى ان تكتب بحيادية حتى يحترمك الناس.
لماذا ؟؟
كل يغني على ليلاه