يبدو تأهب الحكومة للخروج من شركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية «بتلكو» (وان لم يكن معلنا حتى الآن ) قرارا مبررا وذكيا في آن واحد.

ولابد من أن الحكومة بعد أن تفاضل بين مزاياه وسلبياته ستجد أن المزايا تستحق المضي في القرار.

فالحكومة لن تفرط بسهولة في ايراداتها من استثمارها في «بتلكو» التي تقدر بأكثر من 14 مليون دينار تعادل 1,8في المئة من اجمالي ايرادات الموازنة للعام الماضي، كما تشكل 64 في المئة من اجمالي عائدات الحكومة من استثماراتها المحلية، الا اذا كانت الخطوة مبررة.

وهناك سببان على الأقل لوصف هذا القرار بأنه ذكيا: الأول أنه يتماشى مع سياسة الحكومة في الخروج من الشركات خصوصا الناجحة منها لافساح المجال للقطاع الخاص ولتحفيز سوق الأسهم وتحريك السيولة.

والسبب الثاني، الأهم ، هو الرغبة في تجنب تبعات مرحلة مابعد الاحتكار التي انتهت العام الماضي بفتح سوق الاتصالات.

فقرار كسر الاحتكار الذي خيم على قطاع الاتصالات منذ بدء تاريخه سيجلب معه بلا شك ضرورات لإعادة هيكلة الشركة التي استيقظت على منافس لم يحتج جهدا كبيرا ليقتطع شريحة حانقة من العملاء، ولإعادة صوغ علاقة «بتلكو» مع عملاء متعددي الخيارات سيتطلب الأمر رصد كلف ستنعكس على الايرادات الصافية فلابد من أن تكون هناك ضرورة الى تقليص الكلفة ومنها بلاشك كلفة العمالة.

وخروج الحكومة التي تمتلك 36,7 في المئة من أسهم «بتلكو» بالاضافة الى الملكية غير المباشرة التي تعود لمؤسسات حكومية ترفع حصتها الى نحو 39 في ا لمئة سيجنبها تبرير عمليات التسريح التي لابد منها للمتربصين من الاجتماعيين والحقوقيين، فالشركة ستصبح فيما بعد خاصة 100 في المئة وستصبح قدرتها على تحقيق الربح وقدرتها على النمو هما فقط مبررا وجودها واستمراريتها.

لهذين السببين على الأقل تبدو الحكومة قد وفقت ليس في الخطوة فحسب وانما أيضا في التوقيت.

ويبقى أمر من سيشتري حصة الحكومة في ملكية «بتلكو» موضع الجدل كما تناوله النواب ، الا أنه في النهاية يظل قرار الشركة التي لابد من أن تفاضل بين أهمية وجود الشريك الاستراتيجي بتركيز الملكية في يد الشركة البريطانية التي تمتلك حاليا 20 في المئة من الشركة ليتولى خطط التطوير المستقرة طويلة المدى، وبين تفتيت الملكية عن طريق الاكتتاب الخاص على عدد أكبر من المساهمين