العدد 569 - السبت 27 مارس 2004م الموافق 05 صفر 1425هـ

النظر إلى العالم من خلال شخص عنصري

«أنا لست المسيح الدجال»

هناك شيء غريب لا يمكن إنكاره بالنسبة إلى شخصية المخرج غاسبر نو. هذا الرجل الجاحظ العينين ذو الرأس المحلوقة الظهور اثناء الليل، وعندما يتحدث عن الأفلام لابد أن تذكر فيلمه الرئيسي الأول I stand Alone الذي ينظر إلى العالم من خلال شخص عنصري مدان بالاعتداء على ابنته المتخلفة عقليا ثم فيلمه الآخر Irreversible الذي يأخذ زوجين جميلين من الطبقة المتوسطة ويلقي بهما في حال من العذاب: يتم الاعتداء على المرأة وضربها ولا يستطيع الرجل السيطرة على رغبة الانتقام التي تولدت لديه بعد الاعتداء الجنسي.

لقد أصبح التطرق إلى الجانب المظلم من الحياة مخزون هذا المخرج الذي ولد في الأرجنتين.

إن القول إن فيلم Irreversible فيلما مثيرا للجدل يعتبر تصريحا يصور هذا الفيلم على نحو أقل مما تقتضيه الحقيقة.

ففي مهرجان كان العام 2002 عبر الكثير من الاشخاص عن كراهيتهم واشمئزازهم لطريقة اخراج الفيلم كما لو كان نو هو المسيح الدجال نفسه.

لقد كان هذا الفيلم فاشيا خطيرا يتسم بالحماقة. وذكر أحد النقاد أنه كان فيلما بغيضا. ويظهر هذا الفيلم نو بأنه شخص أبله ينقصه التفكير الذهني السليم مع ادانته بكره النساء وكره البشر والعنصرية.

ويقدم هذا الفيلم النشاط الجنسي بأسلوب يتسم باللذة والعنف وكره البشر والرغبة في الانتقام من المعتدى على حبيبه كأمر أساسي. ويشير نو إلى أن السلوك الذكري العدواني المكبوح في المجتمع الراقي يوجد بشكل خطير قريبا من السطح.

وقد تم عمل فيلم Irreversible بطريقة عكسية: إننا نشاهد ما حدث بعد الاعتداء أولا مع سلسلة لقطات متتالية تأخذنا خطوة إلى تجربة الحب التافهة في يوم مشمس. ونشاهد بين هذه اللقطات جريمة وحشية ثم مشهد الاعتداء البغيض الذي يحدث في طريق سريع تحت الأرض ويستمر لمدة تسع دقائق. ويبدو أن طول مشهد الاعتداء يسيء إلى الجمهور مثل الحادث نفسه. كيف يمكن أن يخضع نو ممثلته ومشاهديه لمثل هذه المحنة؟

وفي هذا المشهد يبقي نو على الكاميرا في وضع منخفض وثابت من دون حذف أي اجزاء ومن دون تقريب أو ابعاد ليتركنا شهداء على هذا المنظر المرعب، وفي أحد المراحل نشاهد شخصا يأتي داخل الطريق التي تقع تحت الأرض ويعرف ما يدور ثم ينصرف بسرعة. إن هذا المشهد يزعج المشاهدين لأن غريزة الابتعاد تثير الاشمئزاز اكثر من عملية الاعتداء نفسها.

وبعد ستة أشهر من مهرجان كان أثار مهرجان اندنمبرة السينمائي غضب الصحافة الاسكتلندية بعد قرار المهرجان عرض هذا الفيلم القذر. وعلى أية حال فإن الجدل ليس أمرا غريبا بالنسبة إلى مهرجان اندنمبرة وتم بيع التذاكر لمشاهدة هذا الفيلم بسرعة.

وقد أصيب رجل بالاغماء في بداية مشهد الجريمة وتم نقله إلى خارج القاعة. وعاد هذا الرجل عندما بدأ مشهد الاعتداء وحاول التقيؤ في قطعة قماش مبلله ثم انسحب نهائيا بسرعة. تتناقض الجلسة التالية للحوار مع غاسبر نو والمؤتمر الصحافي في كان والذي تعرض فيه هذا المخرج والزوجان الحقيقيان مونيكا بلوكس وفنسنت كاسل لانتقادات قاسية.

وفي هذا المؤتمر تم توجيه بعض الاسئلة الذكية وعمل بعض التعليقات المشجعة. فقد تساءلت إحدى النساء التي بدى عليها الانزعاج إذا ما كان هذا الفيلم يصلح كموضوع للتسلية بينما كان رد فعل سيدة جريئة من اندنمبرة أن الفيلم قد يكون مفيدا في حال تعرضها لمثل هذه الازمة.

وفي اليوم التالي يشاهد نو وهو يجلس على حافة خشبة أحد المسارح في اندنمبرة. كان نو يبدو هادئا ويميل إلى مراقبة الأمور واستيعاب الموقف. وعندما يتم توجيه سؤال اليه يتمثل رد فعله بشكل عام في هز الكتفين والصمت. وعندما يبدأ الحديث يكون حديثه هادئا وغالبا ما يتمتم بشكل غير مفهوم.

وكانت اجاباته على بعض الاسئلة التي وجهتُها إليه اثناء المقابلة تدل على الغباء أحيانا وخالية من أي نوع من التسلسل المنطقي أحيانا أخرى





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً