كنت قد كتبت سابقا وعبر مقالات عدة عن قصة المعهد العالي للدراسات العليا التعاونية والإدارية الواقع في جمهورية مصر وقصة خريجي هذا المعهد الذين راحوا ضحية موقف غير دقيق. وحتى لا أطيل، سأطرح القصة باختصار... في بداية التسعينات ورد عبر الصحافة المحلية إعلان قامت بتعميمه وزارة التربية والتعليم عبر صحيفة محلية عن وجود معهد في مصر يقوم بتقديم دراسات أكاديمية، قرأ الطلاب البحرينيون عن المعهد في الصحافة، هرولوا نحو الوزارة، وذهبوا الى مصر للتسجيل... نسقوا مع الوزارة وكذلك الملحقية الثقافية بسفارة البحرين في القاهرة والتي أعطتهم دليل الطالب البحريني للدراسة بجامعة مصر في سنوات لاحقة، إذ تشتمل قائمة الدليل على قائمة باسماء الجامعات والكليات والمعاهد المصرية المعترف بها من قبل وزارة التربية والتي منها «المعهد العالي»، المهم انتهت الإجراءات وتواصل هؤلاء الطلاب البحرينيون بالدراسة لمدة 4 سنوات تقريبا، حصلوا على الشهادة بعد الجهد والتعب والغربة أثناء أدائهم الامتحانات، والأشهر التي يقضونها في مواكبة التعليم ما قبل الامتحانات، حصلوا على الشهادة... جاءوا مهرولين بها الى الوزارة وعيونهم، ترقب التوظيف، بعضهم ركبته الديون إذ أنفق كل طالب ما يربو على الـ 5000 دينار على الدراسة، لكنهم صدموا لما رأوا وما سمعوا إذ فاجأتهم الوزارة بأن «شهادتهم غير مستوفية للشروط وغير مقبولة»... هنا جن جنونهم... كيف؟ لماذا؟ وأنتم الذين أعلنتم عن المعهد في الصحافة؟ من يعوضنا؟ أحبط الجمع وذرفوا دموعا على تلك الأيام والسنين والدراسة والمال الذي أنفقوه لكنهم بقوا معلقين من تلك الأعوام. قبل عامين جلست مع بعض هؤلاء ومازلت احتفظ بملفهم الضخم المليء بالأوراق والوثائق ومنذ ذلك الحين لم نيأس وقلت لبعضهم فلنتعاون في توصيل الأمر للمعنيين، وخصوصا نحن نعيش شفافية في عهد الإصلاح... وانطلقنا باسم الله فرحت أكتب عنهم المقالات بتواريخ متعددة، عرف الشارع قضيتهم، لكن ذلك لا يكفي فكان أول لقاء جمعني مع وزير التربية ماجد النعيمي وكان بمعية الوكيل إبراهيم جناحي طرحت الموضوع على الوزير فوجدت انه مهتم بالموضوع وحامل هم حله لكن المسألة مسألة وقت... تحدثنا عن شهادة المعهد العالي وكيف ان هناك أكثر من 80 بحرينيا معلقون ومحبطون.
وبقي الملف عالقا لكن اللقاءات لم تتوقف مع بعض هؤلاء الطلبة، وكان أملنا في ان تنفرج أزمة هؤلاء الخريجين ولكنا لم نيأس ورحنا نتابع الملف.
كانت هناك أكثر من مناشدة لقبول شهادة هؤلاء الخريجين والذين وصل عددهم الى أكثر من 80 خريجا، وعلى رغم ذلك لم نفقد الأمل على رغم الاحباطات التي استمرت قرابة الـ 10 سنوات، وتأملنا خيرا في مبادرة وزير التربية ان يساهم في حل هذا المطلب، وتحقق الحلم في تاريخ 27 ديسمبر/ كانون الأول 2003 وفرحنا كثيرا وكان يوم عيد بالنسبة لنا خصوصا بالنسبة للخريجين، فقد كان الاعتراف كالآتي «تفيد وزارة التربية والتعليم إدارة الشئون الثقافية والبعثات بأن الطالب ... قد حصل على درجة بكالوريوس المعهد العالي... الصادرة من المعهد العالي... فالإدارة من جهتها تؤكد على صحة الشهادة الممنوحة للمذكور أعلاه». طبعا موقعة من قبل مدير إدارة الشئون الثقافية والبعثات عبدالله المطوع.
كل الطلبة فرحوا لهذا الإنجاز فإن قبول شهادة ما يزيد على الـ 80 خريجا يعد إنجازا عظيما ومكسبا كبيرا ويكون نقطة مضيئة أيضا لمشروع الإصلاح. أمل هؤلاء او غالبيتهم ان يتم توظيفهم في وزارة التربية وخصوصا انهم عانوا طيلة هذه الأعوام. الحزن والاحباط والألم، بعضهم وصل عمره لما يربو على الـ 37 عاما ينتظرون قبول الشهادة حتى يوظفوا، فما نأمله من وزير التربية الذي يستحق الشكر والتقدير على قبول الشهادة ان يقوم بتوظيف المتقدمين منهم للحاق بسلك التدريس، فيوم 21 مارس/ آذار الجاري تم إجراء امتحان التوظيف والمقابلة يوم الثلثاء 23 من الشهر نفسه، وعدد لا بأس به من هؤلاء لم يتم استدعاؤهم للامتحان بسبب عدم اجتماع لجنة تقييم الشهادات بالوزارة نفسها، والتي ينبغي ان تجتمع في أسرع وقت للمعادلة حتى لا تضيع فرصة التوظيف على هؤلاء الذين عانوا ما عانوا طيلة هذه الأعوام. بعض هؤلاء الذين اجتازوا الامتحان والمقابلة، وتم تأجيل توظيفهم من العام 1994 بحجة عدم الاعتراف بالشهادة والتي تم الآن الاعتراف بها بتاريخ 27 ديسمبر 2003، فمن يدفع عوض كل هذه السنين التي مرت (10 سنوات بأكملها)؟ إن هؤلاء هم أصحاب الأولوية في التوظيف لهذا العام.
أملنا في الوزير ان يقوم بتوظيف هؤلاء ولو من باب تعويضهم للسنين التي مرت. الفرحة تمت بالاعتراف بالشهادة وهذا ما طالبنا به مرارا، واليوم نتمنى من الوزير ان يكمل الفرحة بتوظيفهم، وهذه نقطة إضاءة في عهد وزير التربية وفي عهد الإصلاح
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 568 - الجمعة 26 مارس 2004م الموافق 04 صفر 1425هـ